بعد بروز ظاهرة لجوء عدد محدود وقليل من ابناء الجالية العراقية الى دائرة " حماية الابناء " الحكومية والتي تعرف باسم " بارنه فارن " بسبب مشاكل مع عوائلهم ، اقام احد المراكز الدينية في العاصمة النرويجية اوسلو ندوة لبحث هذه الظاهرة والسعي لايجاد حلول لمشكلة لجوء الابناء الى هذه الادارة التي تقوم بـ "تقنين " اتصال الابناء بعوائلهم خشية تعرضهم الى عقوبات من ابائهم .
وشهدت الندوة عدة مشاركات من الشخصيات العراقية ،وكان احد المشاركين هو القائم باعمال السفارة العراقية في اوسلو فاضل العزاوي، الذي اعلن للعراقيين المحتشدين " وقوف السفارة الى جانبهم في اية قضية تكون دائرة " بارنه فارن " طرفا فيها مع ابنائهم ".
وبحضور قرابة خمسين مشاركا في الندوة ، ابلغ القائم باعمال السفارة العراقية ، الحضور انه " قام بالاتصال بوزارة الخارجية وتحدث الى المسؤولين فيها ، واثار موضوع تدخل - ادارة بارنه فارن - في شؤون عوائل الجالية العراقية واخذت عددا منهم من عوائلهم ". مضيفا " انه هدد وزارةالخارجية النرويجية بان علاقاتها مع العراق ستتعرض الى تدهور اذا لم تتم اعادة الابناء الذين احتضنتهم دائرة "بارنه فارن - حماية الابناء - الى عوائلهم ، وانه سيقوم بتصعيد الموضوع وايصاله لوزير الخارجية هوشيار زيباري وللحكومة العراقية وستتاثر علاقات البلدين اذا لم يتم ارجاع الابناء الى عوائلهم ".! وكان لهذا " التصريح " صدى كبير وطيب في صفوف الحضور ، لامتلاك وزارة الخارجية العراقية مثل هؤلاء الدبلوماسيين " الشجعان " الذين يقفون الى جانب الجالية وهمومهم وقضاياهم .
وكانت الندوة التي عقدت مساء يوم امس الخميس في مركز " الامام الرضا عليه السلام " في العاصمة اوسلو ، تعقد في اجواء تخيم عليها قضية مثيرة شهدتها النرويج في الثاني عشر من شهر شباط - فبراير الماضي ، وصارت حديث كل العراقيين وتم تغطيتها من قبل وسائل الاعلام الغربية ، وتتلخص ان ابوين ممن لجأ احد ابنائهما الى دائرة " بارنه فارن - حماية الطفولة - " اعدا خطة لاسترداد ابنيهما من هذه الدائرة ،
وحسب الموعد المحدد لهما للقاء ابنيهما كل اسبوع حيث يقوم موظفو هذه الدائرة بجلبهما الى بيت العائلة للتواصل مع الاهل ، قام الوالدان وكما خططا له من قبل، بالاعتداء على الموظفين المصطحبين لابنائهما وانهالا عليهما ضربا واوثقاهما وقاما باغلاق باب المنزل عليهما ، وحسب مخطط مسبق، غادرا مع ابنائهما الى المطار ومن هناك غادروا النرويج الى الخارج ،ولكن الشرطة النرويجية كانت اسرع منهما اذ قامت بالتنسيق مع الانتربول ولاحقتهما حتى حصلت على معلومات تؤكد وجودهما في اليونان ، حيث تم التعرف عليهما في العاصمة اثينا ، والقت الشرطة اليونانية القبض عليهما ومن ثم تم تسليمهما للانتربول الذي اعادهما الى النرويج مع ابنائهما .
هذه الواقعة ذكرها القائم باعمال السفارة العراقية فاضل العزاوي في حديثه في الندوة مع الجالية العراقية ، واخبر العراقيين عي الندوة قائلا " لقد ابلغت الخارجية النرويجية انني شخصيا لو كنت مكان هذين الابوين لقمت بذات العمل الذي قاما به لاعادة ابنائهما " .!!
ولقيت هذه الكلمات والتصريحات استحسان الحضورالمشاركين في الندوة ، واعتبروا ماطرحه القائم باعمال السفارة العراقية سيساهم في اعادة بعض الابناء الذين غادروا عوائلهم وهجروها بسبب خلافات عائلية ولجأوا الى دائرة " حماية الابناء - بارنه فارن " وهذا العمل هو الحل لهذه المشكلة المستعصية .!!
ولكن القضية .. لم تنته الى هذا الحد ، وعندما حاول احد الصحفيين وهو مراسل لاذاعة صوت العراق، الحصول على تاكيد من وزارة الخارجية النرويجية على هذه التصريحات للقائم باعمال السفارة العراقية ، وردا على سؤال لمراسل اذاعة صوت العراق في اوسلو فيما اذا كانت الخارجية النرويجية قد تلقت كلاما من القائم باعمال السفارة العراقية يطالبها بالعمل على اعادة الابناء العراقيين اللاجئين لدائرة حماية الابناء ، الى عوائلهم ، والاستشهد العلاقات ازمة وتصعيدا ستتضرر بها علاقات البلدين قالت " انيتا كروكان " وهي احدى مسؤولات مكتب الشرق الاوسط في وزارة الخارجية النرويجية : " نعم قام القائم باعمال السفارة العراقية فاضل العزاوي في احد لقاءاته معنا في الخارجية لبحث العلاقات الثنائية بين النرويج والعراق ، باثارة موضوع دائرة " بارنه فارن " والابناء العراقيين اللاجئين لها ، ولكن وزارتنا لم تتلق اي تهديد من القائم باعمال السفارة العراقية بان هذا الموضوع سيتسبب بتدهور العلاقات بين البلدين ..! ولم يبلغنا باحتمالات تصعيد الموضوع ونقل الملف الى الحكومة العراقية او وزير الخارجية الزيباري ، كما ذكر في ندوته بالمركزالعراقي ، وعلى كل الاحوال فالامر يتعلق بالشان الداخلي للنرويج "! الى هنا انتهى تصريح الموظفة في وزارة الخارجية النرويجية مكتب الشرق الاوسط .
ولكن فوجئ عدد كبير من العراقيين في اوسلو لدى انتشار نبأ نفي الخارجية النرويجية استلامها اي تحذير او تهديد من القائم اعمال السفارة العراقية بهذا الشان ،بان القائم باعمال السفارة العراقية لم يكن " صادقا " وهو يخبرهم عن " انجازاته الدبلوماسية " وابلاغ الخارجية النرويجية بتهديداته واعتراضاته ومطالباته بحسم قضية ابناء بعض العوائل العراقية اللذين يحضون بحماية دائرة " بارنه فارن "كما استعرضها في حديثه امام المشاركين في الندوة التي اقيمت خصيصا لبحث هذه المشكلة وسبل علاجها.
ولم يظل هذه الحدث في حدود " ادعاء " القائم باعمال السفارة العراقي فاضل العزاوي ، امام الحضور من العراقيين الذين اشتركوا في ندوة اوسلو ؟، بل انتشر الخبر ليصل الى محطات التلفزة ومراسلي الصحف النرويجية ، وتلقف الخبر بعض الصحفيين النرويجيين الذي اعتبروا هذه التصريحات بمثابة تدخل صريح في شؤون البلاد الداخلية وتحريض ضد " دائرة قانونية ودستورية "
ووصف احد الصحفيين العاملين في مؤسسة " اناركو NRK" كلام الدبلوماسي العراقي في الندوة حول دائرة " بارنه فارن- حماية الابناء " قائلا لمراسل اذاعة صوت العراق:"بان هذا التصريحات للقائم باعمال السفارة العراقية ، تعتبر تدخلا مباشر في الشؤون الداخلية للنرويج وهو موضوع خطير ، اذا كان القائم باعمال السفارة العراقية قد طرحه بالفعل أمام وزارة الخارجية النرويجية حتى ولو كان دون تهديد باحتمال تدهور العلاقات بين البلدين من خلال ادعائه برفع ملف هؤلاء الابناء لوزير الخارجية العراقي كما قال القائم باعمال السفارة العراقية او الحكومة العراقية ، فدائرة حماية الابناء مؤسسة نابعة من الدستور وهي تقوم بمهامها بشكل دستوري ، والاعتراض عليها سواء من مواطنين نرويجيين او دبلوماسيين اجانب فانه يعني تدخلا في عمل مؤسسة دستورية يحاسب عليه القانون ".
وبعد كل هذا ، يبقى السؤال هو : هل وصلت عدوىالتصريحات والانجازات لبعض المسؤولين والموظفين والمسؤولين العراقيين الى الخارج لتصل ل دبلوماسيين العاملين في السفارات العراقية في الخارج ..؟ولماذا يقوم القائم باعمال السفارة العراقية بتاجيج مشاعر العراقيين ويقوم باخبارهم " بان ابناءهم سيعودون اليهم ، وانه قام بابلاغ السلطات النرويجية بانه في حالةعدم اعادة ابناء هذه العوائل، فان العلاقات العراقية النرويجية ستشهد تدهورا وسيقوم بتصعيد الموقف وايصال الملف للوزير الزيباري وللحكومة العراقية" .؟
ان النفي الرسمي الصادر من مسؤول في وزارة الخارجية النرويجية وبكلمات مقتضبة ايكشف بان كل هذا الكلام الذي استعرضه القائم باعمال السفارة العراقية امام المشاركين في الندوة في اوسلو، لم يحدث ، ولاصحة له فلم تتلق الخارجية " لاتتهديدا بتصعيد الموضوع" ولم يبلغها القائم بالاعمال العراقي بان الموضوع "سيتطور ليصل الى الوزير الزيباري والى الحكومة العراقية " بل اعتبرت ان اثارة من هذا النوع وبهذا الشكل يعتبر تدخلا في شؤون البلاد الداخلية؟!فمن الكاذب . الخارجية النرويجية ، ام القائم باعمال السفارة العراقية فاضل العزاوي .؟!الجواب على هذا السؤال عليه سيتبين لاحقا بعدما ستقوم الصحافة النرويجية بتتبع صدق تصريحات القائم بالاعمال العراقي من عدمها ؟!
الجدير بالذكر، ان تلك الندوة التي القى فيها القائم باعمال السفارة العراقية تصريحاته " النارية " التي الهبت حماس الحضور ، دون ان تعطيهم حلولا او تدلهم على الطريق القانوني لعلاج مشكلة لجوء الابناء لدائرة " حماية الابناء - بارنه فارن -" شهدت تناولا اخر لحل هذه المشكلة الكبيرة من قبل احد المشاركين وهو من الناشطين في الدفاع عن الجالية العراقية ،الذي لفت اتباه الحضور المشاركين في الندوة الى ان "دائرة بارنه فارن - " انما هي دائرة قانونية ودستورية ، ويجب ان يتم التعاطي معها من خلال " قنوات قانونية ودستورية " كفلها الدستور النرويجي ، اما التظاهر ضدها او التعاطي بافكار غير قانونية معها فان من شأن ذلك تعقيد الامور وبالتالي ايصالها الى حد يكون من الصعوبة على الاباء والامهات لقاء ابنائهم لاسابيع وربما لشهور ".
ودعا هذا المشارك الى التعاطي مع هذا الموضوع الشائك بشكل يضمن الوصول الى نتيجة يقوم الابناء هم بانفسهم بالمطالبة للعودة الى عوائلهم والعودة الى احضان والديهم واوضح لهم " ضرورة معالجة الازمة بالطرق القانونية ، واولى تلك الخطوات هي الاقدام على تشكيل منظمة من منظمات المجتمع المدني لايجاد الحلول الى هذه المشكلة عبر اقامة جسر من العلاقة مع دائرة " بارنه فارن حماية الابناء "، وبين العوائل العراقية ، واقترح الاستفادة من منظمة عراقية معروفة باستقلاليتها وغير منتمية لاي حزب تدعى باسم منظمة السلام المسجلة قانونيا ، او باشهار منظمة اخرى من منظمات المجتمع المدني تتواصل مع " دائرة حماية الابناء - بارنه فارن - تشارك فيها العوائل العراقية وتقوم هذه المنظمة بمهمة الاصلاح بين الابناء وعوائلهم ولاقناعهم بالعودة لهم ، على غرار ما لدى الجاليات الاخرى مثل الباكستانية والصومالية والبولندية في هذا المجال حيث نجحت ،منظماتهم باعادة العشرات من الابناء الفارين الى احضان عوائلهم بعد ازالة الاسباب الحقيقية التي دعتهم للجوء الى " دائرة البارن فارن حماية الابناء ".
المصدر : شبكة الاخبار العالمية
https://telegram.me/buratha