على إثر المباحثات التي تجريها الكيانات السياسية لتشكيل الحكومة طالب ممثل المرجعية الدينية العليا وخطيب الجمعة في كربلاء المقدسة سماحة السيد احمد الصافي في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف في الأول من جمادى الأولى 1431هـ الموافق 16-4-2010م بأن يعتمد الحوار في مثل هذه القضايا الحساسة على أسس صحيحة ومتينة وقوية، وأكد على ضرورة أن تفتح الكثير من الملفات الخاصة لوضع الحلول الناجعة لها حيث أن الغرض من الحوار هو الوصول إلى نتائج لخدمة البلد، لاسيما إن هذا الموضوع يشغل بال جميع العراقيين وينتظرون بفارغ الصبر الانتهاء من مرحلة للانتقال إلى أخرى ..
وأوضح سماحته إن العراق يفتقر في هذه المرحلة إلى تأسيس كثير من بناه ومؤسساته الدستورية التي ومنذ سقوط النظام البائد قد أرسى قواعدها وقطع أشواطا ولا بد أن يكمل، مبديا رغبته بالتعجيل في تشكيل الحكومة بما هي أداة لخدمة الناس، مؤكدا في الوقت نفسه بأن الحوار بين الكتل السياسية جميعاً شيء مهم لكن لا يمكن أن يبقى مفتوحاً بلا نهاية ..
وأضاف أن الحوار الذي يستوعب الكيانات السياسية ويضفي مشاركات حقيقية في المرحلة القادمة ويجعل كل هذه الكيانات تشعر بالثقة المتبادلة والاطمئنان هي أمور مطلوبة، مشيرا إلى أن هذا أمر مهم جداً ويعطي رسالة واضحة للشعب العراقي عموماً بأن المحاولات تصل إلى نتيجة حتمية ..
وعن أهمية زرع الثقة بين السياسيين قال سماحته: إن الثقة بين المكونات لا يمكن أن تأتي باللسان، وان بعض المشاكل التي سببت أزمة ثقة يجب أن تواجه بصراحة وبقوة حتى ننتهي منها، ومع ملاحظة أن العراق بلد عظيم وعريق، فالفرقاء السياسيون يحتاجون فيما بينهم إلى رسائل اطمئنان وثقة حقيقة تزرع فيما بينهم .. والثقة مطلب نفسي بحاجة إلى عوامل مشجعة وبحاجة إلى أن الإنسان يخطو خطوة حتى أن المقابل يثق بأن فلان عندما تكلم معي هذا الكلام له واقعية، فالمفروض أن تتقدم خطوة حتى أن فلانا يتقدم خطوة ..
ومضى سماحته بقوله: إذا تأسست الحكومة وإذا تشكل المجلس الموقر فإن خيار الشعب العراقي سيتحقق من خلال هذه الوسائل الرسمية والقنوات القانونية والدستورية حتى نقطع الطريق لبقاء هذا الفراغ .. وكلما استطعنا أن نثبت القضايا القانونية كلما اختزلنا وقطعنا الطريق أمام المغرضين... وتمنى أن تتشكل في هذا البلد حكومة وطنية تستطيع أن تحتوي الجميع من اجل أن نشعر بالاطمئنان حتى تستمر المسيرة كما بدأت ..
وفي جانب آخر من خطبته وجه سماحته إلى ضرورة أن تشهد الجامعات طفرة نوعية في التطور العلمي والإلتزام بالجانب القيمي والأخلاقي ، وقال في هذا المضمار: إن الجامعات مظهر من مظاهر بناء البلد وعندما نؤشر الجانب العلمي للعراق .. فلابد أن تكون الجامعة للعلم ولا بد أن يبقى هذا المكان للعلم .. بناتنا الطالبات في بعض الحالات غافلات عن وظيفة الطالبة في الجامعة وأبناءنا الطلبة غافلين عن وظيفة الطالب في الجامعة .. فالجامعة مكان يختلف عن بقية الأمكنة فالجامعة ليس من حق العسكري أن يدخل فيها، وليس من حق أي جهة أن تسيء إليها، وعلى الطلبة الجامعيين والأساتذة أن يضفوا حالة من حالات الآداب العامة فيها، فالطالب في الجامعة نريد أن نراه كرجل لا نريد أن نراه يستعرض أزياء .. والطالبة في الجامعة أيضا نريد أن نراها امرأة تشعر بالمسؤولية .. الجامعة يجب أن لا تحدث فيها أمور تخدش الحياء .. هذه المسألة لها علاقة بالجانب التربوي لابد أن توضع حلول حقيقية للحفاظ على الآداب العامة .. والأب لابد أن يلاحظ أبناءه في الجامعة وخصوصا البنت يلاحظ ملابسها وتصرفاتها ..
وطالب ممثل المرجعية الدينية العليا رؤساء الجامعات ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي أن تجعل الزي والحضور مقننا لأبنائنا وبناتنا، فهذا حرم جامعي مقدس نعتز به ونفتخر به، ونريد أن نرى الآثار العلمية في الجامعة ولا نريد أن نسمع شكاية من هنا وهناك .. موجها كلامه إلى الأساتذة الفضلاء قائلا: انتم درستم في الجامعة لابد أن تنقلوا هذه التجربة إلى أبنائكم الطلبة ليس الجانب العلمي فقط بل الجانب التربوي في غاية الأهمية ..مشيرا أن لا يغفل الجميع عن هذا الجانب المهم الذي ينبغي أن يكون سائدا على الأجواء الجامعية لينعم العراق الكفاءة والنزاهة من أبناءه النجباء.
وعن الجانب الصحي وما يعتوره من مشاكل أشار سماحته إلى أن هناك حالة في العراق منذ عشرين سنة وهي حالة تفشي الأمراض بشكل غير متصور وهذه الأمراض الجسدية والنفسية أصبحت ثقيلة على أهلها، وطالب ميسوري الحال الذين منّ الله تعالى عليهم بالصحة والجاه والثروة .. الإهتمام بالمرضى لان الحالة المرضية بالعراق حالة غير طبيعية .. فهناك حالات في العراق هي ليست موجودة في باقي الدول، ووجه كلامه بشكل خاص إلى المحسنين والمؤسسات غير الرسمية عليهم أن يبادروا ولا ينتظروا ذل سؤال المريض، لان الكلفة غالية وان يبادروا ويجعلوا جزءا من نشاطههم تفقد المرضى ورعايتهم.. فهناك بعض الميسورين وفقهم الله عندهم هذه الحالة وهم يستشعرون بالجانب الإنساني وفقهم الله لمثل هكذا أعمال خيرية ..
وفي ختام خطبته أكد سماحة السيد الصافي إن الشعب العراقي شعب شهامة ونبل وشعب حمية وشعب متجذرة فيه الأصول الإسلامية والعشائرية الحميدة التي هي من بوادرها حالة الإكرام والكرم ... وإذا كانت وزارة الصحة تتقدم خطوة نريد أن تتقدم عشر خطوات ولكن ذلك لا يعني انها هي فقط من تتحمل المسؤولية .. فالمرضى يعانون كثيراً فاهتموا بالمرضى جميعا .. وفقنا الله لما يحب ويرضى والحمد لله رب العالمين ..
موقع نون خاص
https://telegram.me/buratha