القى رئيس الجمهورية جلال طالباني مساء اليوم السبت 10-4-2010، كلمة في الحفل التأبيني بمناسبة الذكرى الثلاثين لاستشهاد آية الله العظمى سماحة السيد محمد باقر الصدر (قدس سره)، وفي ما يأتي نص الكلمة:"بسم الله الرحمن الرحيمأيها السادة الأفاضلالسلام عليكم ورحمة الله وبركاتهقبل ثلاثين عاماً فُجع شعبنا والأمة الإسلامية والعالم كله بنبأ الجريمة النكراء التي اقترفتها أيادي الإثم الغادرة باغتيالها الشهيد السعيد آية الله العظمى سماحة السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) وشقيقته العلوية الطاهرة بنت الهدى.لقد أُريد لتلك الجريمة البشعة أن تخمد جذوة الإيمان بالحق وتُسكت صرخة المطالب بالعدل وتقمع الفكر المَتَحدي لسطوة الطاغوت والمترفع على صُروف الدنيا. وكان اغتيال الشهيد الصدر وشقيقته تجسيداً دموياً لحملة التصفيات التي قام بها نظام العسف والجور ضد كل مطالِبٍ بحق مستباح أو رافضٍ لجور حاكم مستبد.فقد دأب الطاغية، منذ أواخر السبعينات من القرن المنصرم، على تطبيق مشروعه الجهنمي في الاستبداد المطلق وتشديد القبضة الحديدية وإسكات أو إبادة كل مناهض أو حتى من يُحتمل أن يغدو مناوئاً لحكمه. وشرع في حملة اغتيالات واعتقالات وقمع واسعة شملت مختلف القوى السياسية والدينية، ومن شتى الانتماءات القومية والمذهبية والفكرية، ومنها حزب الدعوة الاسلامية المجاهد، لا بل انه لم يستثن حتى حلفاءه ورفاق دربه بالأمس. وازدادت ضراوة الحملة وقسوتها مع ازدياد يقين الديكتاتور بان ثمة قوى ورموزا تأبى الانصياع لجوره وترفض الخنوع لاملاءاته، وتأنف عن قبول مغرياته وتتحدى بطشه ووعيده.وكان السيد محمد باقر الصدر (قدس سره الشريف) واحداً من تلك الرموز والهامات الباسقة التي أبت الانحناء لعاصفة الطغيان الهوجاء وتحدَّت أعاصير الجور العاتية، فشن النظام حملة مضايقات وملاحقات واعتقالات شملت السيد الصدر ومريديه ومقتفي خطاه في الفكر والدعوة إلى الحق.وحينما أخفقت محاولات النيل من عزيمته وتطويع إرادته وحمله على الصمت والاستكانة، عَمَد الديكتاتور إلى تصفيته متوهما إن نور الحق ينطفئ برصاصة أو يُخمد بخنجر.فقد ترك الشهيد الصدر إرثا فكريا تجديديا عظيما ما برحنا ننهل منه ونتعظ من دروسه، ولعل كتابيه "فلسفتنا" و"اقتصادنا" وسائر مصنفاته ستظل مراجع ومنارات لطالبي العلم والطامحين إلى المعرفة.كما إن الشهيد الخالد لصدر أسس مدرسة جهادية لم يفلح الطغاة في وقف تخرج المناضلين منها، دفعة اثر دفعة، لكي ينخرطوا في مقارعة الجور الصّدامي مستلهمين العبر والدروس من صمود الشهيد السعيد الصدر وأخته البتول الطاهرة وشموخهما في مواجهة التعذيب والقهر، وكانا في ذلك يسيران على خطى جدهما الإمام الثائر الحسين بن علي (عليهما السلام)، ومأثرته في نكران الذات واسترخاص الحياة الفانية من اجل إحقاق الحق ورفعة الإنسان.ولقد أصبحت شهادة السيد محمد باقر الصدر والعلوية بنت الهدى برهاناً على إن الحق الأعزل أقوى وأَمنَع من الظلم المدجج بالسلاح.إن صمود الشهيد الصدر ورسوخَ تصميمه على الكفاح من اجل المثل العليا ما فتئا اليوم قدوة لنا في بناء العراق الجديد الذي تحرر من نظام الطغيان لكنه ما برح يواجه محاولات الحالمين بترميمه، الذين لا يتورعون عن اقتراف أفدح الجرائم باستهدافهم المدنيين الأبرياء ومرافق الدولة ومقار السفارات، متوهمين إنهم يستطيعون بذلك تحقيق مآربهم الدنيئة في تقويض العملية السياسية وإثارة النعرات الطائفية والدينية والقومية والعودة ببلادنا إلى دائرة الاحتراب والعنف. ولكن هيهات أن تَفُلّ الجرائم، على بشاعتها، والخسائر، على فداحتها، من عزيمة شعبنا على المضي قدماً في بناء مجتمع العدل الذي دعا إليه وكافح في سبيله الشهيد الصدر وكوكبة من قادة ومفكري العراق.ولن ننسى ابدا نداء الشهيد السعيد محمد باقر الصدر الذي دعا بالحرف الواحد إلى "تلاحم كل أفراد الشعب بكل فئاته وطوائفه، عرباً وأكرادا، شيعة وسنة".وإذا كان ثمة استذكار يليق بمقام الشهيد الخالد محمد باقر الصدر فانه ينبغي أن يتمثل في تعزيز وحدتنا والتصدي لكل محاولات إثارة الفتن والنعرات، ومساعي النكوص ببلادنا إلى زمن الاستبداد، وتعويق المسيرة الديمقراطية. لقد مر ثلاثون عاما على شهادة السيد محمد باقر الصدر والعلوية بنت الهدى لكن بطولتهما ستظل قدوة ومناراً وسيبقى فكر محمد باقر الصدر معيناً نستلهمه في بناء حاضر العراق ومستقبله الزاهر.والسلام عليكم"
https://telegram.me/buratha