اثار اقتراح مقال لزلماي خليل زاد السفير السابق للولايات المتحدة في افغانستان والعراق ومندوب واشنطن في الامم المتحدة، الذي دعا فيه واشنطن الى حث كتلتي نوري المالكي واياد علاوي، على العمل سوية وتقاسم السلطة وفق اي صيغة ممكنة مقترحا تقسيما زمنيا لرئاسة الوزراء بينهما، حفيظة كلا من قياديي العراقية ودولة القانون على السواء.
وقال المتحدث باسم ائتلاف العراقية حيدر الملا، أن مقترح السفير السابق للولايات المتحدة في العراق زلماي خليل زاد حول تقاسم رئاسة الوزراء بين اياد علاوي ونوري المالكي مقترح سياسي، لكنه أشار إلى أنه يصطدم بعقبة الدستور الذي يمنع ذلك.
وأضاف الملا أن "هذه المسألة لا تعدو كونها اكثر من مقترح، لكن الآلية بحاجة إلى تعديل دستوري إذا اردنا أن نطبقها، والتعديل الدستوري يمر عبر مجموعة من الآليات لانستطيع أن نتخيل تفعيل هذا المقترح بدون أن يكون هنالك تعديل دستوري"، موضحاً أنه "يمكن أن يكون هنالك قرار سياسي بخصوص هذه المسألة، لكن هذا القرار السياسي لا يمكن أن يفعل الدستور"، معربا عن اعتقاده أن "هذا ممكن أن يكون في المستقبل لكن في الظرف الحالي آليات تعديل الدستور في العراق معقدة جدا".
ودعا القيادي في ائتلاف دولة القانون عدنان السراج السفير الاميركي السابق زلماي خليل زاد الى عدم "التدخل" بالِشأن الداخلي العراقي، لعدم وجود اتصال رسمي له، مبينا ان الحلول الترقيعية ستدخل البلد في دوامة افتراضية وستخلق وضعا سياسيا ضعيفا.
وقال السراج، الذي يرأس المعهد العراقي للتنمية "انصح السيد زلماي خليل زاد ان لا يتدخل بالِشأن الداخلي العراقي لأنه لم يعد له اي اتصال رسمي او غير رسمي وهذا الامر يقرره العراقيون"، معتقدا ان "هذه الحلول الترقيعية التي اقترحها زلماي بتقسيم السلطة زمنيا ستدخل البلد في دوامة افتراضية وستخلق وضعا سياسيا ضعيفا"، لافتاً الى ان "البعض يقدم اقتراحات من اجل ان تبقى حالة التوازن ضعيفة وموجودة في الوضع السياسي العراقي مما لا يجعل لاي تقدم فيه قيمة بالنسبة للوضع الجديد".
وقال خليل زاد في مقال نشرته صحيفة صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية امس، ان الانتخابات العامة الثالثة في العراق مثلت اختبارا حقيقيا لمعرفة توجه العراقيين ان كانوا سيتبنون الطائفية ام انهم سينبذونها.
وبحسب زاد اظهرت النتائج ان العراقيين ابتعدوا عن الطائفية لصالح السياسات الموجهة والبرامج الايديولوجية. وفيما يُعدُ هذا امرا ايجابيا جدا، فان السؤال الان، برأي زاد، هو: هل يتمكن العراقيون من ادامة هذا التوجه والبناء عليه؟ ان ذلك يعتمد على تشكيل حكومة اقل طائفية في الاسابيع والاشهر القادمة.
وقال ان ضعف تأثير الهوية الطائفية على خيارات الناخب قد تم البرهنة عليها بحقيقة ان الكتل السياسية التي عَرفتْ نفسها بانها وطنية علمانية غير طائفية قد ازدادت حصتها من المقاعد الانتخابية من اقل من 30 مقعدا من مجموع مقاعد البرلمان السابق البالغة 275 مقعد الى 180 مقعدا من مقاعد البرلمان الجديد البالغة 325 مقعدا.
وقد حصل تحالف العراقية بزعامة علاوي على معظم الأصواتِ العربيةِ السنية لكنه تمكن من اجتذاب عدد مهم من اصوات الشيعة العرب. وكانت كتلة العراقية قد ربحت 25 مقعدا فقط عام 2005، عندما ذهبت أكثر الأصوات العربية السنيّة لصالح جبهة التوافق ذات الصبغة الطائفية. وبذا يتضح ان الاتجاه العام اقل طائفية الان. وتظهر نتائج الإنتخابات تطوراً من السياسة ذات الهوية المقيدة طائفيا إلى ديمقراطية مؤسسة على قضية. وفي عام 2005 صوّت العراقيون لطوائفهم لانهم شعروا انهم مهددون وبحثوا عن الامان عبرسياسة الهوية . لكنهم الان صوتوا ناشدين حياة افضل.
وتُعَد النتائج بحسب ادعاء خليل زاد "ضربة لايران التي سعت لتوطيد نظام طائفي في بغداد واثارة العداوة بين الشيعة والسنة لمنع العراق من إعاقة الطموحات الإيرانية للهيمنة الإقليمية". ويقول زاد إنّ النتائج "تمثل ايضا ضربة للدول العربية الإستبدادية التي تَحذر العراق الديمقراطي"، مضيفاً ان العراق لا يزال داخل منطقة الخطر، وعلى الولايات المتحدة أنْ لاتترك البلاد تواجه الاضطراب الذي لامفر منه "والتدخلِ الإقليمي الخبيث". فالأطراف الطائفية، بالرغم من أنها ضعيفة، لكن لَها حضورا مهم وستعود لتاكيد نفسها ثانية. والامر الاكثر اهمية هو انه لم يتضح بعد ان كان الساسة العراقيون المنتخبون - وخصوصا علاوي والمالكي - سيتحركون سريعا لتَشكيل حكومة أقل طائفية وقادرة على تَسلم زمام الأمنِ وان تكون هناك مصالحة وتنمية إقتصادية اكثر.
ويحذر السفير السابق بالقول ان عملية تشكيل الحكومة ان لم يحسن التعامل معها قد تحيي القوى الطائفية. ويعدد مجموعة من المخاطر في هذا الاطار. منها ان اطالة المفاوضات يمكن ان تؤدي الى حالة انهيارعندما لايتمكن احد من تشكيل تحالف ذي اغلبية في البرلمان. والسرعة مهمة هنا لمنع فراغ سياسي يوجد الحيرة والقلق في الشارع. وحقيقة أنّ المسؤولين الحكوميين مشغولون بالمساومة السياسية والمسؤولين الكبار يناضلون من أجل حماية مناصبهم، يمكن ان تجعل من اعمال العنف امرا مؤثرا. هذا العنف يمكن ان يقع ليس من الارهابيين لوحدهم ولكن من الاطراف السياسية التي تريد تقوية مواقعها في المفاوضات.
وثاني المخاطر ان الزعماء العراقيين قد يقعون فريسة الاغراء للحكم عبر ائتلافات ضيقة وغير مستقرة من الائتلافات الطائفية الاصغر والموجودة في البلد بكثرة. اي ان يكون هناك ائتلاف سني كردي برئاسة علاوي او تحالف شيعي كردي برئاسة المالكي، "وبهذا ستكون الحكومة تحت رحمة الاطراف الاصغر والاكثر طائفية" حسب المقال.
ويضيف خليل زاد "من جهتها تدفع ايران المالكي والطالباني وعادل عبد المهدي لتشكيل الحكومة. وسيقوض النجاح الايراني فرص نجاح الديمقراطية على المدى الطويل في العراق".
ويتابع ان ادارة اوباما عليها ان لاتتراجع ولاتستريح وتسمح لايران واطراف طائفية بتقرير مستقبل العراق السياسي. والرئيس اوباما بحاجة لارسال رسالة مفادها ان العراق للعراقيين وليس للملالي في طهران او لبدائلهم من العراقيين.
وللوصول الى هذه النهاية فان على الولايات المتحدة ان تتبنى مقاربة قوية وتشجع ائتلافات علاوي والمالكي والاكراد لتشكيل ائتلاف كبير وذلك لمنع الخطوات التي قد تقود المالكي للقبول بالمقترحات الايرانية، على حد تعبير خليل زاد الذي يقول ان رغبة ايران لتجنب ان يكون المالكي او علاوي رئيسا للوزراء يجب توظيفها لحثهما على الاتفاق. لعامين فيما يكون الاخر نائبا له" خلال تلك الفترة.
ويختم خليل زاد مقاله بالقول ان هناك "تشابها كبيرا بين برنامجي علاوي والمالكي. ان تسهيل ظهور مثل هذا التحالف سيكون صعبا على افتراض اشتراك الشخصيتين، لكنه مهم جدا لنجاح العراق ذلك ان نتيجة الصراع الحالي في العراق قد ترجح كفة ميزان القوة في المنطقة كلها".
https://telegram.me/buratha