حرصت صحيفة "الشرق الأوسط" على توخي قدر من الدقة والرصانة في غالبية ما تنشره من أخبار وما تبسطه من آراء. إلا إنها خرجت عن هذا السياق في موضوع نشرته على صدر صفحتها الأولى بتاريخ 7/4/2010 ومفاده إن الولاية الحالية لرئيس الجمهورية هي الولاية الثانية وبناء عليه لا يجوز ترشيحه لولاية أخرى كون ذلك مخالفاً لمنطوق المادة 72 (الصحيفة تحيل خطأ إلى المادة 69) من الدستور.والغريب إن الصحيفة اعتبرت ذلك "كشفا" نسبته إلى رأي قانوني، في حين إن من البديهيات التي يعرفها طلاب الصفوف الأولى في كليات القانون، إن القوانين تسري من تاريخ نفاذها ولا تسري بأثر رجعي. والدستور الحالي (وهو القانون الأساسي) ينص في المادة 144 منه على ما يلي: "يُعد هذا الدستور نافذاً بعد موافقة الشعب عليه بالاستفتاء العام، ونشره في الجريدة الرسمية، وتشكيل الحكومة بموجبه". ولا نتخيل ألا تعرف صحيفة محترمة مثل "الشرق الأوسط" إن السيد جلال طالباني تولى الرئاسة لأول مرة في 6/4/2005 في حين إن الدستور نشر في العدد 4012 من الجريدة الرسمية_ "الوقائع العراقية" بتاريخ 28/12/2005. وبعد إقرار الدستور انتخب طالباني لولاية رئاسية أولى بموجب الدستور الجديد في 22/6/2006. الغريب أن تفوت هذه البديهيات على "الشرق الأوسط" وتغرب عن بال "القانونيين" الذين تستأنس بآرائهم. وفي المادة نفسها قدمت الصحيفة "رأيا واضحا" على حد قولها، في تفسير مادة دستورية أخرى تتعلق بتعريف الكتلة النيابية الأكبر. وهذا "الرأي الواضح" يخالف مخالفة صريحة رأي المحكمة الاتحادية وهي (لحين تأسيس المحكمة الدستورية) المرجع الوحيد الذي يمكن العودة إليه لتفسير المواد الدستورية وإزالة اللبس المتعلق ببعض منها. نأمل أن تحرص وسائل الإعلام على تكريس وتعميق الوعي القانوني، والاستناد إلى نص وروح المواد الدستورية والتشريعات السارية وليس إلى الأهواء والأمزجة في تأويلها.
المكتب الإعلامي
لرئيس جمهورية العراق
https://telegram.me/buratha