برغم تأكيد عضو مجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قاسم العبودي تلقي موافقة جميع الدول التي تمت مفاتحتها لإقامة مراكز لتصويت العراقيين المقيمين على أراضيها في الانتخابات النيابية المقبلة، الا انه اشار إلى وجود معوقات في منح موظفي المفوضية تأشيرات دخول لثلاث دول هي بريطانيا والإمارات ومصر من بين 16 دولة وافقت على فتح مراكز انتخابية داخلها، مؤكدا أنه في حال عدم حل هذه المشكلة بحلول بعد غد الاثنين فلن تنظم انتخابات في هذه الدول.
وبينما تتواصل استعدادات المفوضية لتسهيل تصويت عراقيي الخارج، ومنها نقل صناديق الاقتراع وأوراق الاقتراع وعدد التدريب وسواها، فإن عراقيي الخارج ينتظرون يوم الانتخابات الموعود بفارغ الصبر كطريقة للتواصل مع بلدهم والتأثير في مجرى الاحداث فيه.
جواد عزالدين هو أحد العراقيين الذين تركوا وطنهم منذ خمسة أعوام، ويعمل اليوم في محل لبيع المأكولات العراقية في قلب العاصمة البلجيكية بروكسل. كان عزالدين البالغ من العمر 32 سنة، يعمل معلما في العاصمة بغداد، ولكن تردي الأوضاع الامنية بعد سقوط نظام صدام 2003 اضطره للتوجه إلى اوروبا.
بمجرد دخولك لمحل جواد، تجذب انتباهك صورة معلقة على الحائط يظهر فيها جواد وزوجته نجلاء وهم يصوتون في احدى مراكز الاقتراع في العام 2005. نظر جواد الى الصورة وهو منهمك في عمله بتلبية طلبات زبائنه، ثم التفت الينا مستذكرا تلك الايام قائلا: "بسبب عدم وجود مركز انتخابي للتصويت في بلجيكا توجهت أنذاك مع زوجتي إلى هولندا لندلي بصوتينا". ويصر جوادٌ على أن لا يضيع حقه في التصويت هذه المرة ايضا، وقد أضاف بلهجة حازمة "سأفعل ذلك من جديد".
وبالرغم من أن المراكز الانتخابية لا تتوفر إلا في عدد محدود من البلدان الأجنبية ويتعين على العديد من العراقيين السفر من بلد إلى بلد آخر لكي يدلوا بأصواتهم، الا ان جواد ليس استثناءً في اصراره على الادلاء بصوته الانتخابي، اذ ان هناك الكثيرين من عراقيي الخارج مستعدون للمشاركة في الانتخابات البرلمانية العراقية التي ستجرى في آذار المقبل.
"هذه الأنتخابات ستغير الخريطة السياسة في العراق، لذا أريد أن أشارك في هذا التغيير بصوتي الانتخابي"، هذا ما قالته سناء ابراهيم وهي تضغط بيدها على كتابها الدراسي.
سناء وهي طالبة في جامعة امستردام وتعيش في هولندا منذ 10 أعوام، كانت في الثانية من عمرها عندما اعتقل والدها وأعدم من قبل النظام البعثي بتهمة علاقته بجهة سياسية معادية، لذا عبرت عن تفاؤلها بمشاركتها في هذه الانتخابات و قالت "يسعدني أن اُلوّن أصبعي بحبر الانتخابات".
واستعدادا ليوم الانتخابات جهزت سناء علماً عراقيا كبيرا وهي تنوي كما تقول رسم خريطة العراق على خديها في ذلك اليوم: "اريد أن يكون لدي دور في تغيير الخريطة السياسة العراقية والمشاركة في دفع عجلة الديمقراطية في بلدي".
وضمن التحضيرات لمشاركة العراقيين الموجودين في المهجر، قامت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بتعيين 15 بلداً يتم فتح مراكز الاقتراع فيها. كما حددت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات يومي 5 و 6 من شهر آذار المقبل لتصويت العراقيين في المهجر من خلال فتح 300 مركز في تلك البلدان.
ويقول سعد الراوي، وهو عضو في لجنة الانتخابات الخارجية في المفوضية: "ليس لدينا احصاء دقيق عن عدد الناخبين في الخارج ولكن قرابة مليون و 900 الف ناخب في خارج الوطن لديهم حق التصويت".
واشار الرواي للبلدان التي سيتم فيها فتح مراكز الانتخابات وهي كل من: سوريا و الاردن وإيران والامارات وتركيا وأمريكا و السويد، وهولندا وكندا والمانيا وبريطانيا واستراليا ولبنان والدانمارك، ومن المحتمل أن تعلن مصر موافقتها ويتم فتح مركز انتخابي فيها.
وأوضح الراوي أن جميع المواطنين في خارج الوطن لهم حق التصويت دون أي تفرقة، وذلك بمجرد عرض أي هوية تثبت عراقية الشخص الحامل للبطاقة.
وعلى الرغم من تحديد حصة قدرها ثمانية مقاعد للمصوتين في المهجر في قانون الانتخابات الجديد، لكن بسبب المشاكل والأزمات السياسية التي واجهت الكتل واستخدام حق النقض لقانون الانتخابات من قبل النائب الثاني لرئيس الجمهورية طارق الهاشمي، فإن الناخبين في المهجر لن يكونوا دائرة مستقلة، وانما ستضاف أصواتهم إلى أصوات محافظاتهم في العراق، وبذلك ستحسب اصواتهم على المقاعد المخصصة لمحافظاتهم حسب القانون المحدد مسبقاً.
يقول رئيس مجلس النواب اياد السامرائي ان قانون الانتخابات ولد عن طريق التسويات السياسية ومنها على سبيل المثال التعديلات التي طرأت على كيفية تصويت المهجرين، اذ كانت حصتهم ضمن المقاعد التعويضية وجرى تغيير ذلك بجعلهم يصوتون لصالح المحافظات التي ينتمون اليها، وفق طريقة التصويت الخاص.
والصعوبات تكمن في انه ليس للمفوضية سجل لناخبي الخارج، ولا يمكن معرفة مدى فاعلية الأسس المستخدمة في التصويت الخاص وضمان نزاهته، وبالتالي لا يمكن ضمان العدالة الكاملة أو منع التلاعب والتزوير، كل هذا يجعل القانون غير مثالي في نظر السامرائي.
وعلى الرغم من الانتقادات الموجهة للقانون فإن عراقيي الخارج ينتظرون يوم الانتخابات الموعود بفارغ الصبر كطريقة للتواصل مع بلدهم والتأثير في مجرى الاحداث فيه.
ويقول آكو علي، وهو شاب في الرابع والعشرين من عمره، يعمل في أحد معامل النرويج. أنه يستعد منذ الان لطلب إجازة في يوم الانتخابات ويجهز نفسه للتصويت. ويضيف ئاكو: "سواء كان الشخص كرديا أو عربيا يجب عليه الذهاب للتصويت، فمستقبل وطننا متعلق بذلك".
يذكر ان الانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة، ستجري في السابع من آذار داخل العراق بمشاركة في نحو 19 مليون مواطن سيصوتون لـ 306 كتل وقوائم سياسية لشغل 325 مقعد في البرلمان.
https://telegram.me/buratha