يعقد مجلس النواب غداًً الاحد جلسة لمناقشة ما تبقى من القضايا المطروحة عليه، ومن تلك الملفات التي سيتم فتحها، مسألة استيراد اجهزة كشف المتفجرات التي اثبتت عدم فاعليتها، خاصة مع ورود انباء عن قيام الشرطة البريطانية بالقاء القبض على مدير شركة "إيه تي إس سي" البريطانية التي ورّدت الاجهزة الى العراق بتهمة "التزوير والخداع".
وقال مصدر برلماني ان هناك اجتماعاً سيعقد يوم الاحد، وسيطلب خلاله المزيد من المعلومات عن مسألة اعتقال السلطات البريطانية لمدير الشركة المصنعة لاجهزة كشف المتفجرات، وقد يتم استدعاء المسؤولين عن عملية توريد هذه الاجهزة للاستفهام عن كيفية التعاقد لاستيرادها.
وكان المتحدث باسم الشرطة البريطانية قد قال أنه تم توقيف جيم ماكورميك مدير شركة "إيه تي إس سي" في مقاطعة سومرست وأخضع للتحقيق بسبب اكتشاف غش وخداع في الطريقة التي روّج بها لجهاز الكشف عن المتفجرات الذي تنتجه الشركة ويحمل اسم "إيه دي إي 651".
من جانبه قال عضو لجنة الامن والدفاع البرلمانية فرياد رواندزي: لا يمكن لاي جهاز كشف متفجرات ان يوقف التفجيرات ما لم تتوافر المعلومة الاستخبارية والتغلغل داخل الجماعات الارهابية لاستهدافها ومعرفة خططها قبل التنفيذ، فالجانب الاستخباري مهم في التقليل من مخاطر الجماعات المسلحة، وبالتالي ستكون المعلومة الاستخبارية سلاحا فعالا في الكشف عن المتفجرات وعصابات القاعدة قبل شن اي اعتداء.
وبشأن دور لجنة الامن البرلمانية في عمليات التعاقد لشراء اجهزة كشف المتفجرات قال رواندزي: لم نكن ضمن لجان التعاقد، فلجنة الامن والدفاع بمجلس النواب يختص عملها في الرقابة والمتابعة، واذا ظهر اي خلل في العقود، فاننا سنتابع تفاصيلها ومكامن الخلل لاتخاذ الاجراءات اللازمة.
وأوردت صحيفة "التايمز" في خبر ظهر على موقعها الإلكتروني أن ماكورميك وصف الجهاز في مقابلة خاصة أجرتها معه الصحيفة في تشرين الثاني الماضي على أنه يعمل بطريقة بسيطة جداً أسهل من "الأجهزة التي تستعمل في الكشف عن المياه".
وقالت الصحيفة ان ماكورميك هو ضابط سابق في الشرطة البريطانية وأنتج الجهاز بنفسه، رغم عدم حصوله على ثقافة علمية عالية. واضافت الصحيفة ان عملية الاعتقال جاءت ايضا بعد شكاوى عديدة من الحكومة العراقية عن عدم نجاعة هذا النوع من الأجهزة وفشلها في الكشف عن المتفجرات التي تمكن زارعوها من إدخالها إلى مناطق عديدة في بغداد ومدن عراقية أخرى، من دون أي عناء، وإحداث تفجيرات أودت بحياة العشرات من الأبرياء، رغم وجود أجهزة الكشف عن المتفجرات التي اشترتها الحكومة العراقية بكميات كبيرة من شركة "إيه تي إس سي".
ويتضح أن صاحب الشركة جيم ماكورميك، الذي على ما يبدو استفاد من ماضيه كرجل أمن، تمكن من بيع كمية تصل إلى بضعة آلاف من الجهاز الذي تنتجه شركته إلى الحكومة العراقية في صفقة وصلت قيمتها إلى 85 مليون دولار، فيما ذكر مصدر أمني أن ثمن الجهاز الواحد، الذي يشبه دمية من دمى الأطفال، يعادل ثمن سيارة فاخرة جديدة، فيما قال مصدر آخر ان ثمن الجهاز الواحد يصل إلى 60 ألف دولار، وأن الثمن تضخم بسبب العمولات الجانبية التي دفعها ماكورميك لتمرير الصفقة.
ويقول عقيل الطريحي المفتش العام في وزارة الداخلية أنه تم استيراد 800 كاشف من شركة تسمى ARSC في بريطانيا، وبسعر 32 مليون دولار سنة 2008، وكمية أكبر وغير محددة بكلفة 53 مليون دولار. وقال الطريحي أن مسؤولين عراقيين دفعوا 60,000 دولار لكل قطعة، فيما يمكن أن تشترى هذه الصولجانات بمبلغ أقل من 18,500 دولار. وأوضح الطريحي أنه بدأ تحقيقاً بشأن عروض الشركة البريطانية.
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز فإن وزارة العدل الأميركية حذرت من شراء تشكيلة من الأجهزة القابلة للحمل باليد، والتي يُزعم أنها تكشف المتفجرات من بعد، بناء على معلومات علمية تقدم بها المركز الأمني لعلوم هندسة المتفجرات في "ساندينا لاباس" بالولايات المتحدة، والذي يُعتمد كمختبر في وزارة الدفاع الأميركية، الا ان العراقيين اصروا على شرائها باكثر من ثلاث اضعاف سعرها الحقيقي.
وشكك الجنرال الأميركي ريتشارد رو الذي يشرف على تدريب الشرطة العـراقية في نجاعة الجهاز البريطاني الصنع، ورأى ان إن خمس الى ثمانية كلاب شم يمكن أن تشترى بمبلغ 60,000 دولار، وهي تعطي نتائج أفضل بكثير في فحص المتفجرات.
وبرغم كل هذه الانتقادات لاجهزة الكاشف الا ان اللواء جهاد الجابري رئيس دائرة مكافحة المتفجرات في وزارة الداخلية يقول: "أنا لا أبالي بمختبر ساندينا أو برأي وزارة العدل الأميركية أو غيرهما. أنا أعرف عن هذه القضية أكثر مما يعرف الأميركان. وفي الحقيقة، أنا أعرف بالقنابل من أي شخص في العالم". وسخر الجابري من ريشارد رو بالقول: "هل يمكن تصور وضع كلاب في (400) نقطة سيطرة في بغداد ستتحول المدينة اذن الى حديقة للحيوان".
وبحسب متحدث أميركي رسمي فأن الأميركيين أجروا اختبارات على الجهاز البريطاني ووجدوا أنه لم يتمكن من الكشف عن شحنة تزن طناً من المتفجرات كانت معبأة داخل سيارة شحن، ما أثار موجة من السخرية في وسائل الإعلام العالمية دفعت الممثل الأميركي الهزلي جيمس راندي، الذي كثيراً ما يظهر على المسرح وهو يمارس ألعاباً سحرية، لتوجيه دعوة علنية إلى ماكورميك تحداه فيها من أجل إثبات أن جهازه قادر بالفعل على كشف المتفجرات، وقال له إذا نجح في إثـبات ذلك سيدفع له مكافأة قيمتها مليون دولار. لكن ماكورميك تجاهل الأمر كلياً، وواصلت شركته تسويق الجهاز والترويج له على أنه قادر على الكشف عن المتفجرات وعن أمور أخرى، من ضمنها الجثث والسموم والمخدرات والعاج وفطر الكمأة الذي ينبت تحت الأرض، وفقاً للوصف الوارد عن الجهاز في منشورات الشركة.
ونقلت صحيفة "التايمز" عن ماكورميك أن شركته نجحت في عقد صفقات لبيع الجهاز لعدد من الدول منها السعودية والهند وهونغ كونغ، غير أن الصحيفة أشارت إلى أن الشركة لم تنجح في بيع حتى ولو جهاز واحـد لأي دولة غربية.
يشار الى ان جهاز الكاشف المستخدم في نقاط التفتيش بات ومنذ زمن مثار سخرية العراقيين الذين يرون انه لايكتشف الا العطور وحبوب الباراسيتمول وشامبو غشيل السيارات بل وحتى حشوات الاسنان، لكنه يعجز في الكشف عن مئات الكيلوغرامات من المتفجرات.
https://telegram.me/buratha