اشار سماحة السيد عمار الحكيم ، رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الى ان الطالب الجامعي يريد التفرغ للدراسة ليصبح رأس مال يخدم العراق ، من حقكم على العراق ان يقدم لكم الدعم والاسناد في دراستكم وهو ليس بالأمر الكبير ،ليس لدينا انتقاص من احد ولكن هل من الكثير ان تعطى 100 الف دينار لطالب الجامعة ليتفرغ لدراسته وهذه الـ 100 الف دينار التي ستصرف اليوم سيرجعها العراق وليس الشخوص بمليون او عشرة ملايين ، بالعقول وبالطاقات العراقية سيتغير الكثير مما نحن عليه .جاء ذلك خلال الزيارة التفقدية التي قام بها سماحته للاقسام الداخلية لطلبة الجامعة في العاصمة بغداد ، للاطلاع على اوضاعهم وتقديم الدعم والاسناد لهذه الشريحة المهمة من شرائح المجتمع العراقي ظهر الاربعاء 6/1/2010 ، واستمع سماحته الى هموم ومشاكل الطلبة ، فيما تحدث سماحته بحديث قيم جاء فيه :
انها فرصة سعيدة ان اتشرف بلقاءكم وزيارتكم في مثل هذه الايام اذ نعيش بداية السنة الهجرية وبداية السنة الميلادية ونستذكر سيد الشهداء الامام الحسين ( صلوات الله عليه ) رمز الانسانية ، في مثل هذه الايام نقف على مائدة الامام الحسين و نستلهم دروساً وعبرا لكل انسان ، دروس الحياة ودروس الواقع ودروس البناء ، دروس التقدم والتكامل نحو الله سبحانه وتعالى وبناء مجتمعنا وتحقيق العزة والكرامة الانسانية لان الحسين ناضل وضحى من اجل الانسانية ، من اجل الصلاح والاصلاح من اجل الانطلاق الحقيقي لمجتمعاتنا لنكون على افضل وجه . ايها الاعزاء اذكركم بقضية قام بها احد الشباب في ليلة عاشوراء حينما اجتمع اهل البيت واصحاب الحسين (ع) حول الحسين ( ع ) في عاشوراء ، الحسين (ع) اراد ان يصارح اولئك الناس ولايغرر بهم فقال لهم ان المصير والنتيجة هي الشهادة في سبيل الله وكلنا سنقتل في يوم عاشوراء فمن اراد ان يتخذ الليل جملا ويسلم بنفسه فالفرصة مؤاتية ( ان القوم يطلبونني ولو ظفروا بي لذهلوا عن غيري وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا ) كل من يريد الذهاب فليذهب ، هنا وقف أصحاب الحسين وقالوا سوف لن نتركك ياحسين وانما نقاتل ونقتل دونك ، علي الاكبر (ع) وهو شاب في السابعة والعشرين رفع يده سائلاً قال هناك امر واحد يهمني : يا ابن رسول الله أوَ لسنا على الحق ؟ فاجاب الحسين ( ع ) : بلى نحن على الحق قال : اذن لانبالي اوقعنا على الموت او وقع الموت علينا ، الدرس الذي اعطاه هذا الشاب ( علي الاكبر ) ( ع ) هو درس الحقانية في المنهج والمنطق والسلوك والممارسة والمطالبة ، في كل شيء ان نكون حقانيين ، نقيم الامور لنجد اين هو الحق ونصطف معه وهذا درس عظيم وكبير ناخذه من الحسين وأصحابه وأهل بيته ( ع ) ، الشباب يمثلون الركيزة الحقيقية والدعامة في بناء أي مجتمع من المجتمعات اذا ما حرصنا على بناء الشاب وأعداده الأعداد المناسب سيستطيع ان يحقق الكثير واقولها بألم اننا في تجربتنا العراقية وبعد مرور ست سنوات لم نعط الفرصة للشباب في ان ينطلقوا بما ينسجم مع حجمهم وطاقاتهم وقدراتهم ، رسول الله ( ص ) في اخر سنة وفي اخر شهر بل في اخر اسبوع قبل وفاته وفي ذروة القوة للرسالة الاسلامية ، حينما اراد ان يدخل معركة هي اهم معركة خاضها الجيش الاسلامي ، من الذي حدده قائداً للجيش حين امر بالاستعداد وبدأ الرجال ينضر بعضهم للبعض الاخر لمعرفة من سيعين قائداً للجيش الاسلامي في اهم معركة يخوضها ضد الامبراطورية الرومانية البيزنطية آنذاك ، فقيل فلان الذي بلغ الستين سنة فهو كثير الخبرة والاخر خمسة وخمسين سنة وهكذا بداوا بأستعراضهم للصحابة الكبار ، ثم توجهوا نحو الرسول ليروا من من هؤلاء الكبار سيعين قائداًَ للجيش وفوجئ الجميع حينما جاء الكلام عن رسول الله (ص) أنفروا جيش أسامة ، لعن الله من تخلف عن جيش أسامة ، قالوا ان عمره ثمانية عشر سنة وعلى رواية خمس وعشرين سنة وأكبر جيش اسلامي في اهم معركة يقودها أسامة ذو الثمانية عشر سنة ولم يستجيبوا ولم يستطيعوا معرفة دور الشباب في ادارة العملية ، فكانت الحصيلة انه حصل ما حصل ، وتوفي رسول الله (ص) ولم يخرج هذا الجيش لملاقاة الروم ولو خرج آنذاك لكان مسار الرسالة الاسلامية مختلف عما نحن عليه اليوم ، هذا هو دور الشباب . قبل ثلاثة سنوات وجهت لي دعوة رسمية لزيارة كوريا الجنوبية وأرسلوا كراساً عن كوريا الجنوبية واذا بي ارى ان كوريا قبل خمس وثلاثين سنة كانت بلد عديم الامكانات ويعيش حالة القرون الوسطى وهو بلد فقير ، لا يمتلك امكانات او قدرات ولا يمتلك ثروة نفطية او اراضي زراعية ، بلد جبلي وتعداد سكانه خمس واربعين مليون نسمة ، خلال خمس وثلاثين سنة تحول من بلد فقير الى بلد يمثل الرقم الحادي عشر في الاقتصاد العالمي وهو لا يمتلك زراعة ولا موقع جغرافي مميز ، فذهبت الى كوريا وبعد أستقبالي اتضح انهم يعرفون العراق الجديد ويعرفون فرص المصالح المشتركة ولكني ذهبت لمعرفة جواب لسؤالي حول معجزة التغيير هذا ، كيف انطلقت كوريا خلال المدة لتتحول من بلد فقير الى بلد يحتل الموقع يحتل المركز الحادي عشر في الاقتصاد العالمي في حين تعرفون ما هي ظروف كوريا الشمالية الى الان تعيش في الفقر والمجاعة وتعتاش على المساعدات من هنا وهناك والواقع ان الكوريتين تعيشان في نفس الظروف فما هي اسباب نمو واحدة وبقاء الاخرى ، فكنت أسال كل مسؤول اجلس معه حول ذلك فخرجت بحصيلة انهم حين حصلوا على الاستقلال كان هناك اناس حكماء يقودون التجربة الكورية و شخصوا الفقر وقرروا ان يجوعوا اكثر وان يعطوا 40% من ميزانية البلاد لبناء الشباب ، لبناء الانسان فأذا استهلكت الميزانية اولاً بأول فسيبقى الفقر لخمسين سنة اخرى فما دمنا نعاني الان فلنعاني فترة اخرى ونصرف 40% من الميزانية على الشباب فتم أرسال الاف الشباب الى الجامعات الكبيرة والمهمة في العالم ، الشعب يعاني الجوع ولكن الحكومة تكفل الطلاب الدارسين ، حصلوا على البكلوريوس والماجستير والدكتوراه وعادوا الى البلد بعقلية جديدة مسلحين بسلاح العلم والمعرفة وعادوا الى بلدهم وحولوه في فترة قصيرة الى واحد من اهم البلدان الصناعية في العالم ، وحين تسير في العاصمة سيئول سترى الناس في حركة واينما يلتفت الناظر سيجد كتابات متشابهة بلغتهم وعرفت ان هذا شعارهم في سيئول وعرفنا ان الشعار هو ( ابتسم انت في سيئول) ، اعمل بجد من الصباح الباكر حتى المساء ولكن أبتسم وفعلاً وجدت الناس يبتسمون ويلقون التحية وهكذا حققوا ما حققوه . مطاليبكم ايها الاعزاء أريد ان اناقشها من حيث الشكل والمضمون من حيث المضمون كلها مطاليب صحيحة وأسمحوا لي بالقول انكم من اهل القناعة لم تطلبوا شيء كبيراً بل اردتم الضروريات وهي مطاليب بسيطة ، لماذا نعيش هذا الواقع ، فلو جاء رئيس الجامعة وسؤل عن المبالغ التي صرفت للأقسام الداخلية ولو نكلم اخواننا الاكارم في مجلس المحافظة ونتحدث عن كم عقد وما هو حجم المبلغ الذي صرف لترميم هذا القسم الداخلي فسترونها ارقام كبيرة ، اذن العراق يدفع ولكن القسم الداخلي يبقى بالظروف الصعبة التي نحن فيها ، المشكلة ليست في الانفاق وانما في ادارة العملية والمتابعة وظواهر الفساد التي تعم كالغدة السرطانية في مجتمعنا ، اليوم قدمتم مطلب مكرر لثلاث مرات وأسمع أسم اخ كريم تطالبون بأقالته وانا لا اعرفه ولو جلس معه أي منا فقد يعرض مبررات وقد يكون صادقاً في بعض ما يعرض وقد يكون مقصراً وقد تكون العراقيل في مفصل غيره او في التخصيص المالي فلا ندري اين المشكلة ، وقد سمعت بمشكلة غريبة في القسم الداخلي وانا أزوركم ان هذه المبالغ التي تؤخذ منكم (وهذا أمر غريب حين تأخذ الحكومة منكم وليس ان تعطيكم) فهذه الخميسن الف دينار التي تؤخذ منكم وانتم في هذه الظروف لو ان هذه المبالغ تصرف على نفس القسم الداخلي لكانت تمثل مبلغاً كبيراً ويمكن بها ترتيب الكثير من الاشياء ، لكن هذا المبلغ يذهب الى حساب تابع للوزارة ، أين يذهب ؟ أين يوزع ؟ فأذا كانت اموال الدولة تذهب للدولة فمن الاولى ان تنفق اموال الطلبة على الطلبة وفي نفس المكان وليس في أماكن أخرى هذه اخطاء بسيطة تؤدي الى نتائج كارثية كبيرة ، فعلاً هذه الصورة التي رأيناها اليوم في غرفكم وبناياتكم في هذا القسم الداخلي ليست هي الصورة التي يمكن ان تكون مقبولة لأي شريف في العراق بدءاً من السيد المدير الذي هو ايضاً غير راضي ويقول انه يتحرك بالشيء المتاح ، فلا اتصور وجود أنسان وطني شريف ويقول ان هذا الوضع مثالياً فنحن لسنا في اليابان بل نحن هنا وكأننا في الصومال وليس في العراق مع كامل الاحترام لهذه البلدان ، هذا البلد الذي يمتلك اكبر خزين نفطي في العالم فليست هذه الظروف الملائمة ، نحتاج لأتخاذ خطوات حقيقية لتلبية هذه الامور بشكل صحيح ، أما المناقشة الشكلية فقد كنت احبذ لاخينا الكريم الذي جاء باسمكم ان لا يأتي بآية تتحدث عن الكفار فنحن لا نحتاج الى ان نخاطب المسؤول بهذه الطريقة ، (( انا غير معني لأني لست بمسؤول فأنا خادم وبالمناسبة العنوان الذي اعطي لي ليس صحيحاً فأنا لم آت هنا بعنوان رئيس المجلس الاعلى انما انا هنا بعنوان خادم الشباب والطلبة ) فالله سبحانه وتعالى اعطانا المنطق والحوار والقدرة على الاقناع في بلد تعددي ، اليوم نقف هنا في القسم الداخلي وهنا خمسة او ستة فضائيات تسجل لذلك يفترض ان يبين الانسان مطالبه بشكل هادئ وموضوعي ومنطقي لتحصيل النتائج ، أسمحوا لي ان اقول كلا للصراخ ، الصراخ في معالجة القسم الداخلي ، الصراخ في حل المشاكل الداخلية للبلد ، الصراخ في حل المشاكل الاقليمية ، لماذا الصراخ ، في الصراخ لا تحل المشاكل بل تتعقد ، تضيع الحقوق بالصراخ ، أسمعوها مني ، الصراخ لا نحتاجه في بلد يمكن ان نقول فيه كلمتنا بهدوء ، يجب ان نبين ونكتب ونجمع التواقيع لأن هذا الشيء صوته مدوي اكثر من الصراخ ، أذن طالبوا بحقوقكم ونحن معكم في كل حق ، مادمنا على الحق لانبالي ، اذا وقع الموت علينا او وقعنا على الموت ، ما دمنا على حق ، ولكن لنتحرك بحدود الحق ، اذا تجاوزنا الحقوق فالحق الذي لنا سوف يضيع ، نسأل الله ان نكون معكم في مراعاة الحقوق ، نتمنى ان يكون الخير قادم في المراحل المقبلة بأذن الله تعالى و نرى فيه كل مواطن عراقي شريف ووطني ان يشعر بالعزة والكرامة وان يستوفي حقوقه بالشكل الصحيح . وفي ختام الزيارة عبر الطلبة الجامعيين عن سرورهم البالغ بهذه الالتفاتة الكريمة من لدن سماحة السيد عمار الحكيم الذي طالما عرف بدعمه واسناده ورعايته للطلبة والمثقفين والمبدعين معتبرين الزيارة تاتي في هذا الاطار الذي ينسجم مع تاريخ سماحته وعمقه العلمي والمرجعي .
https://telegram.me/buratha