ذكرت صحيفة نيو يورك تايمز The New York Times في عددها الصادر، السبت، ان وزارة العدل الامريكية تلقت لوائح اتهام ضد خمسة من حراس الشركة الامنية العالمية بلاكووتر لتورطهم في اطلاق نار في العام 2007 ببغداد اودى بحياة 17 عراقيا مدنيا على الاقل، مشيرة الى احتمال اعلان الاتهامات الاثنين المقبل.
وقالت الصحيفة ان لوائح الاتهام، التي تلقتها وزارة العدل الامريكية مساء الخميس، بقيت مختومة حتى مساء امس، الا ان من الممكن ان تكون علنية في واشنطن يوم الاثنين المقبل، طبقا لما ذكر مطلعون على القضية وتحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم لأن الختم لم يفض عن اللوائح حتى الان.
وقال المطلعون ان حارسا سادسا يتفاوض حاليا في الاتهامات الموجهة اليه، فيما رفض المتحدث باسم وزارة العدل الامريكية بيتر كار التعليق؛ كما رفضت التعليق آن تايرل، المتحدثة باسم بلاكووتر. ويخضع الحراس الستة، كما توضح الصحيفة، الى التحقيق منذ حادث اطلاق النار في الـ16 من ايلول سبتمبر 2007 حيث كان موكبهم يمر في ساحة النسور المزدحم بالسيارات والمشاة والشرطة.
وكان الحراس قد قالوا لمحققين انهم اطلقوا النار اثر تعرضهم لهجوم. واكدت بلاكووتر ان حراسها لم يرتكبوا أي خطا، وان الشركة نفسها ليست متهمة في هذه القضية. اما التحقيقات التي اجرتها البنتاغون ومكتب التحقيقات الفيديرالي F.B.I والحكومة العراقية، فلم تعثر على دليل يدعم رواية الحراس هذه، حسب ما تذكر الصحيفة.
ومن بين الذين وردت اسماؤهم في لوائح الاتهام، كما تقول الصحيفة، بول سلوغ، 28 عاما خدم في الجيش الامريكي بقوات المشاة وفي قوات الحرس الوطني بتكساس قبل ان ينضم الى بلاكووتر في العام 2006، وداستن هيرد، وهو عسكري سابق خدم في البحرية وعمل مع بلاكووتر في 2004.
وقال الذين اطلعوا على القضية للصحيفة ان الادعاء العام قد يطلب احكاما بالسجن 30 عاما بموجب قانون مكافحة المخدرات الذي صدر في عهد الرئيس ريغان، على استخدام بنادق رشاشة في ارتكاب جرائم عنف. واشارت الصحيفة ان المخدرات لم تشرك في قضية بلاكووتر.
وقالت الصحيفة ان حادث اطلاق نار ساحة النسور كان له اثر عميق في العراق، في كل من دور التعاقدين بمنطقة حرب وفي علاقة الحكومة العراقية بادارة بوش. وكان الحادث الأشد دموية في سلسلة من حوادث اطلاق نار تورطت فيها بلاكووتر ومتعاقدون امنيون اخرون اججت مشاعر غضب واستياء لدى العراقيين.
وتاسست بلاكووتر في العام 1997 على يد ارك برنس، وهو عنصر سابق في البحرية الامريكية، الذي ورث ثروة العائلة التي تكونت في قطاع صناعة قطع غيار السيارات. ولبلاكووتر سمعة بين العراقيين والجيش الامريكي بأنها غير مكترثة وعدوانية، وسرعان ما رسمت صورة عن كوادرها الذين يفرطون في استخدام العنف من اجل حماية الاشخاص الذين يدفعون لهم الاجر مقابل حراستهم.
وفي كانون الاول ديسمبر 2006، كما تذكر الصحيفة، كان احد حراس بلاكووتر خارج الواجب وثملا فاطلق النار على حماية احد نواب رئيس الجمهورية العراقي. وفي العام 2007 اعترفت وزارة الخارجية الامريكية ان بلاكووتر كانت متورطة في حوادث اطلاق نار اكثر من المتعاقدين الامنيين الاخرين في مناطق اخرى من العراق.الا ان حادث ساحة النسور كان من الشدة بحيث كان احتجاج رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي شديدا وطالب ادارة بوش بسحب بلاكووتر من البلد.
وكانت الصحيفة ذكرت في وقت سابق من العام الحالي ان سلوغ استخدم لغة عسكرية جافة ليشرح للمحققين انه لم يكن ليطلق النار لو لم يكن هناك تهديد مباشر على حياته وحياة زملاءه. ووصف الحادث في افادته للمحققين متحدثا عن كمين مروع كان ينصب اليهم عندما جاءت سيارة من نوع سيدان بيضاء اللون وباربعة ابواب وتجاهلت اشارات كثيرة بايديهم وكانت تتجه مباشرة الى موكب بلاكووتر. كما تحدث عن وميض يصدر عن كابينة تبعد حوالي 160 قدما وراء السيارة وكان هناك رجل يلبس قميصا ازرق وسروال اسود يوجه بندقية من نوع AK-47 وانطلق نيران اسلحة صغيرة من باص احمر اللون في التقاطع، وكانت هناك سيارة حمراء اللون تسير باتجاه الموكب.
الا ان تحقيقيات الاف بي آي، كما تقول الصحيفة، استنتجت ان ما لا يقل عن 14 شخصا من الضحايا البالغ عددهم 17، لم يكن اطلاق النار عليهم مسوغا، وعليه قالت التحقيقات ان حراس بلاكووتر انتهكوا بشدة قواعد اطلاق النار الامريكية لاستخدم قوة مميتة. اما المحققين العسكريين فذهبوا الى ابعد من ذلك، كما تقول الصحيفة، عندما ذكروا ان القتلى كلهم لم يكن استهدافهم مسوغا ورجحوا ان يكون الحادث جنائيا.
من جانبها اكدت السلطات العراقية ان الحادث كان قتلا متعمدا، ولكن مع ذلك، كما تلاحظ الصحيفة، لا يمكن محاكمة الحراس بموجب القانون العراقي لوجود حصانة منحتهم اياها سلطة الائتلاف المؤقتة، التي كانت السلطة الحاكمة بُعيد الغزو في العام 2003.
واشار خبراء قانونيون امريكيون الى ان القضية تواجه عقبات قانونية في المحاكم الامريكية، التي تتوافر على سلطات غير واضحة في مقاضاة امريكيين ارتكبوا جرائم في الخارج، كما تقول الصحيفة.
وكانت الحصانة من القانون العراقي قضية مركزية في المفاوضات بين العراق والولايات المتحدة بصدد اتفاقية انسحاب القوات الامريكية من العراق. وطالب المسؤولون العراقيون بانهاء حصانة المتعاقدين الامريكيين.
وعلى اساس موافقة ادارة بوش على جزء من هذه المطالب، فان عشرات الالاف من المتعاقدين سيخضعون للمساءلة القانونية عن افعالهم بموجب القانون العراقي ابتداء من العام المقبل.
https://telegram.me/buratha