قالت صحيفة ماكلاتشي McClatchy الامريكية، الجمعة، أن نجاح رئيس الوزراء نوري المالكي في بناء تحالف واسع لدعم اتفاقية امنية وفي بلد يصعب الوصول فيه الى اتفاقات، سيعطي للمالكي مكانة في تاريخ العراق كـ”رجل انهى الاحتلال الامريكي”، خصوصا وانه وضع بصماته على كل بنود الاتفاقية.
وقالت الصحيفة في عددها الذي صدر اليوم الجمعة، ان المالكي نجح في تتويج جهوده “الرامية لاقرار الاتفاقية العراقية الامريكية، وهو تغير هائل في دور المالكي الذي جاء الى السلطة في العام 2006 بوصفه نائبا عن الطائفة الشيعية بدعم تحالف ضعيف من كتل سياسية، وراح دوره يزداد قوة كقائد عراقي منذ اذار مارس الماضي عندما شن هجوما عسكريا في البصرة على ميليشيات شيعية موالية لرجل الدين المتشدد مقتدى الصدر”.وقد وضع المالكي، كما تقول الصحيفة، “بصماته على جميع بنود الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة، بعد ان ادان مسوداتها الاولى لانها لا تلبي ايصال اشارة الى الشعب العراقي عن قوته التي ابداها في الربيع والصيف الماضيين”.
وترى الصحيفة ان المالكي “غير مساره في دعم الاتفاقية قبل اسبوعين فقط من اقرارها، عندما قال ان الامريكيين استجابوا لغالبية طلباته، ومن بينها تلك التي كانت ترفضها واشنطن مثل وضع جدول زمني القوات واعطاء العراقيين مزيدا من السلطة على العمليات العسكرية الامريكية”.
ونقلت الصحيفة عن الكولونيل بيتر منصور الذي عمل بنحو وثيق مع الجنرال ديفيد بيتريوس في وضع استراتيجية زيادة حجم القوات الامريكية التي ساهمت في تحقيق مكاسب امنية في العراق في العام 2007، قوله ان “رئيس الوزراء المالكي قاد صفقة صعبة للغاية”. واوضح منصور ان “المالكي، ونظرا لان أي اتفاقية تبقي على القوات الامريكية في العراق حتى لوقت محدد، كان على وشك ان ينظر اليه العراقيون بعين الريبة”.
وتدعو الاتفاقية الامنية القوات الامريكية الى الانسحاب من المدن والاقضية العراقية في حزيران يونيو المقبل، والتشاور مع الحكومة العراقية قبل تنفيذ عملية والانسحاب من البلد كليا بحلول 31 من كانون الاول ديسمبر 2011. كما ترفض الاتفاقية منح حصانة قضائية الى المتعاقدين العسكريين الاجانب، وتمنع الولايات المتحدة من مهاجمة بلدان اخرى انطلاقا من العراق. وراى انصار المالكي في الاتفاقية نصرا تاما لرئيس الوزراء، كما تذكر الصحيفة.
فبهذا الصدد يقول النائب حيدر العبادي، وهو من حزب الدعوة الذي ينتمي اليه المالكي، ان الاخير “بذل جهودا في مساومات ومفاوضات صعبة حتى حقق تقريبا كل ما كان يسعى اليه”. اما منتقديه، بحسب الصحيفة فيشعرون بالقلق من ان “هذا النصر قد يضع المالكي على اعتاب ان يكون قائدا شيعيا قويا يشبهوه بالديكتاتور”.
وقالت الصحيفة ان المساومات على الاتفاقية بين نواب عراقيين كشفت عن نزاعات قد تحطم حكومة المالكي المركزية القوية التي يحاول المالكي بنائها، فلو فقد المالكي ارضيته، بحسب الصحيفة، فان الاطراف التي تهدف الى اضعاف حكومته “قد تحقق مساعيها الى اقتطاع حكومات اقليمية من شانها مزاحمة العاصمة”.فبعض الاطراف العراقية، كما تضيف الصحيفة، “هونت من نصره هذا في الاتفاقية من خلال اصرارها على تسويات ترافق قرارا يدعوا الى اصلاح سياسي، وهؤلاء يرمون الى الحفاظ على اقدامهم في السلطة، ربما من طريق تعديل الدستور العراقي”.
وترى الصحيفة ان “مراكز خط التصدع السياسية في جهود المالكي ظهرت في المواقف من تشكيل منظمات عشائرية التي تدعى مجالس الاسناد. اذ انه يراها “توسعا للصحوة السنية التي تشكلت بدعم من الجهد الامريكي في العام 2006 والعام 2007 لمقاتلة القاعدة في العراق من خلال العمل عن كثب مع عشائر سنية، الا ان الخصوم يقولون ان هذه المجالس تحصل على اموالها من مكتب المالكي وهي موالية للحكومة المركزية”.
وقال الشيخ علي حاتم احد الزعماء العشائريين في محافظة الانبار للصحيفة ان “للمالكي نصفين، كحال أي انسان. فقد اعطانا الجانب الايجابي ووقف الى جانب العشائر وترك الجانب الطائفي، ولهذا السبب نراهن على جانبه الجيد وقد نجحنا”.
وتعلق الصحيفة بالقول ان التحالف الكردستاني والمجلس الاعلى “كانا من بين اربعة احزاب اوصلت المالكي الى السلطة في العام 2006، وكلاهما ينتقدان المالكي بشان مجالس الاسناد، على الرغم من انهما وقفا الى جانبه في الاتفاقية الامنية”.
وتضيف الصحيفة ان المالكي “حيّد ايضا طرفا ثالثا، وهو الكتلة المرتبطة بمقتدى الصدر، في الربيع الماضي عندما شن هجوما على الجماعات الموالية له”، ورات الصحيفة ان تلك اللحظة اثبتت للعراقيين بان المالكي “لا يخشى ان يعالج حلفاءه بمحاربة ميليشيا مارقة شلّت العراق بالعنف”، كما ان المالكي “اقدم على هذه الخطوة من دون استشارة الجيش الامريكي، الذي قدم الدعم للقوات العراقية بعد البدء بالهجوم”.
وبهذا الصدد قال بيتر منصور للصحيفة ان المالكي “راهن على مستقبله السياسي باتخاذه هذا القرار، وعندما نفذ، ربح احترام الكتل السياسية جميعها، باستثناء الصدريين”. وتختتم الصحيفة تقريرها بكلام لحيدر العبادي في ان المالكي “تمكن من تخطي الحدود الاثنية والطائفية، وهو الان يحظى باعجاب جميع العراقيين. فقد اثبت انه منصف وقيادي ويتمتع بالحنكة السياسية”.
https://telegram.me/buratha