طالب سياسيون مستقلون واكاديميون ورجال قضاء في محافظات بابل وكربلاء والنجف الاشرف والديوانية، بالاسراع في توقيع الاتفاق الامني مع الولايات المتحدة، أو تحمل مسؤولية عدم توقيعها من قبل أعضاء مجلس النواب.وشدد هؤلاء في احاديث لـ"الصباح" على أهمية ايجاد بدائل من قبل المعارضين لهذه الاتفاقية، وعدم ابداء المواقف الرافضة دون معرفة العواقب، على حد قولهم.
بابلواتجهت اراء ووجهات نظر غالبية الساسة والاكاديميين والمواطنين في بابل الى تأييد الاتفاقية، اذ أكد عدد من الساسة والمثقفين والاساتذة الجامعيين والمواطنين في المحافظة، ضرورة ان يسرع مجلس النواب باقرار الاتفاقية التي من شأنها ان تضمن حقوق العراقيين وتحدد مصير وجود القوات الاميركية على الارض العراقية.
وقال الدكتور نعمة جاسم البكري نائب رئيس مجلس محافظة بابل، القيادي في حزب الدعوة الاسلامية ان اهم ما يمكن ان توفره الاتفاقية للعراق هو ضمان نقله من الحالة الراهنة والتي يتمتع بموجبها الجندي الاميركي بامتيازات عديدة الى حالة جديدة لا يمكن معها للجندي الاميركي دهم أي موقع او منزل الا بقرار قضائي عراقي، مشيرا الى ان الاتفاقية ستضمن كذلك انسحاب الجيش الاميركي من المدن والقصبات بحلول شهر حزيران من العام المقبل 2009 وبهذا سيتخلص الصدر العراقي من هم رافقه منذ الاحتلال الى يومنا هذا.
وأكد البكري ان تمرير الاتفاقية من شأنه ان يحدد جدولة موثقة وملزمة لقوات الاحتلال للانسحاب من العراق كما انه يحفظ المال العراقي ناهيك عن الكثير من المكتسبات التي يمكن ان تتحقق للعراقيين على الصعيدين السياسي والاقتصادي. ودعا القيادي في حزب الدعوة الى ضرورة ان يطرح الرافضون للاتفاقية بدائل حقيقية وواقعية مع الاخذ بنظر الاعتبار ان البدائل المتاحة للمفاوض العراقي قليلة ومحدودة معتبرا ان رفض الاتفاقية لمجرد الرفض والمعارضة سوف لن يخدم مصلحة العراق في هذه المرحلة التي وصفها البكري بالحساسة.
من جانبه اشار الدكتور علاء العنزي استاذ القانون الدولي في جامعة بابل الى ان الاتفاقية وفي حال المصادقة عليها فانها ستحقق مكتسبات عدة اهمها تحديد جدولة لخروج القوات المتحالفة من العراق اضافة الى المكاسب المادية التي سيحصل عليها العراقيون من جراء استغلال الاميركان للمنشآت والاراضي العراقية وكذلك مجالات البث العراقية فيما يتعلق بحقوق الارسال والاتصالات التي يحتاجها الوجود العسكري والمدني الاميركي في العراق.وبين العنزي ان الاتفاقية ستضمن كذلك دفع كامل التعويضات المادية لجميع العراقيين المتضررين من وجود الاحتلال الاجنبي وبالذات ما يخص المنشآت الاهلية التي تعرضت للدمار بسبب العمليات العسكرية ناهيك عن المكتسبات الامنية مثل تقييد القوات الامنية فيما يتعلق باعتقال العراقيين وربطه بالموافقات القضائية المعتمدة بحسب القوانين العراقية النافذة.
وعد ان السوء الوحيد الذي يمكن ان تعكسه الاتفاقية الامنية على المشهد العراقي يتمثل في انها ستفرق وحدة الصف السياسي لكون ان الاطراف المعارضة للاتفاقية ربما ستنسلخ من الجسد العراقي الذي يرحب بمجمله بالاتفاقية. ويعتقد فاضل الطائي مدير مركز عشتار للتدريب الصحفي ان الاتفاقية فيها الكثير من المواد التي تصب في مصلحة العراق وانها تحقق مستوى جيدا من السيادة الوطنية وهي تمثل بداية تعاون وفق مبدأ المصالح المشتركة بين العراق والولايات المتحدة في حين سيشكل التمديد للتفويض الاممي ضياعا للوقت وللجهد وهدرا للمصالح الوطنية العراقية. الى ذلك وجد مواطنون في المحافظة ان توقيع الاتفاقية الحالية افضل بكثير من استمرار الاحتلال الاميركي للعراق كون الاتفاقية ستوفر للجانب العراقي الحصانة الدولية ازاء تنظيم الوجود الاميركي في العراق من حيث الحصانة القضائية والالتزامات المفروضة على القوات الاميركية.
النجفوفي مدينة النجف الاشرف، نقل مراسل "الصباح" ان أي مجلس ـ صغيراً كان او كبيراً ـ في المحافظة لا يخلو من نقاش بشأن اتفاقية انسحاب القوات الاميركية من العراق، وانه كان من الطبيعي ان تتباين الاراء بشأن جدوى الاتفاقية بين القبول، والرفض ، والتحفظ ، الا ان ما يلفت الانظار ان معظم النقاشات تنتهي الى ان الاتفاقية ستكون افضل من الاحتلال، وان الانسحاب المجدول هو مطلب وطني للعراقيين مع توفر الظروف المناسبة له. ويرى البعض من مواطني النجف ان الظروف المحيطة بالعراق من العوامل المهمة التي ينبغي للمرء ان يتحسب لها عندما يدلي برأيه.
وفي هذا الصدد يقول حيدر كرماشة ـ عضو المجلس البلدي لقضاء النجف المركز: "ارى انها مفيدة جداً خلال هذا الوقت بسبب الوضع الامني القلق الذي يعيشه العراق، وعدم وجود بديل مناسب غير الاتفاقية، فالرجوع الى تفويض مجلس الامن لقوات الاحتلال سيعطي الذريعة لدول الجوار بالتدخل في شؤون العراق بحجة المحافظة على امنها الاقليمي، اضافة الى ان الاتفاقية تعطي شيئاً من القوة للحكومة العراقية، وتضع القوات الاجنبية امام الالتزام بالانسحاب من العراق خلال ثلاث سنوات بشكل نهائي". ويقول عدنان هادي ـ صحفي ـ "من المنظور الوطني يجب اخراج المحتل من البلد، الا ان الظروف الراهنة للعراق تجعل من الصعوبة ان ينسحب المحتل، كون العراق يعيش تناقضات عديدة، وتسيطر عليه مصالح مختلفة للقوى والكتل السياسية المتواجدة على الساحة، ما اعطى مساحة كبيرة للتفرقة وعدم توحد الشعب العراقي للمطالبة بخروج المحتل، لذلك فان تمرير الاتفاقية في الوقت الحالي هو من مصلحة البلد، ريثما يتم النضج السياسي ويتخلص الجميع من رواسب الطائفية والفئوية والاثنية".
وترى السيدة هيفاء مهدي الخطيب ـ مديرة المركز الثقافي النسوي في النجف" ان الاوجه الايجابية في الاتفاقية يكمن اولها في الجانب الامني، اذ انها تنظم وجود الجيش الاميركي وتقننه، وتربطه بالمصلحة العامة وبالسلطة العراقية. اما الوجه الثاني فهو الوجه الثقافي والعلمي، اذ انها سوف تسمح للعراق بارسال البعثات الدراسية الى الخارج، وهو مهم من اجل الاحتكاك الحضاري الذي يحتاجه العراقيون، فالاحتكاك الموجود الان غير متحقق الا عن طريق الانترنت او الفضائيات، وهو كما اراه غير ايجابي، نحن بحاجة الى زيادة الخبرات في مجال التطور العلمي والثقافي والتقنيات الحديثة، وهو ما يمكن ان نسميه الاحتكاك الحضاري الايجابي. أما من الناحية الاقتصادية فالاتفاقية، حسب رأي الخطيب، ستفتح قنوات استثمار مع الشركات الاجنبية، وهو ما يخدم الاقتصاد العراقي".
وتضيف، على المستوى السياسي ومستوى تنفيذ بنود الاتفاقية، قائلةً: "المهم في كل ذلك ان يلتزم صانعو القرار بتنفيذ الاتفاقية، واخراج العراق من البند السابع الذي ينص على ان العراق فاقد للسيادة، وهذه الاتفاقية تساعد على اخراج العراق من ذلك البند وهو امر ضروري". أما فيما يخص اعتراضات دول الجوار وتحفظاتهم على الاتفاقية، فقول الخطيب: " لاشك ان هذه التحفظات ليست سياسية فقط بل يدخل فيها العامل الاقتصادي ايضاً، اذ ليس من مصلحة دول الجوار الاقليمي ان يتطور العراق ويتقدم اقتصادياً من خلال علاقته بالدول الغربية، ذلك سيجعلهم يفقدون العراق كسوق تجارية يصرفون فيه جميع بضائعهم، لذلك فالتحفظات تحمل ابعاداً اقتصادية سياسية في نفس الوقت".
ويقول المهندس نبراس عبد الصمد ـ موظف ـ " انا غير موافق على الاتفاقية، الا ان المشكلة عدم وجود بديل عملي لها، وانا لا اوافق لأنها ليست بمستوى الطموح، ولا استطيع الرفض لانني لا امتلك البديل". ومن اسباب الرفض التي وضعها عبد الصمد " ليس هناك ضمانات لتطبيق القوات الاميركية لبنود الانسحاب في مواعيدها المقررة في الاتفاقية، وارى ان تكون هناك ضمانات دولية لتطبيق هذه البنود اما من خلال مجلس الامن، او من خلال اشراك عدد من الدول في وضع هذه الضمانات أي بايجاد صيغة دولية تضمن تطبيق بنود الاتفاقية.
كربلاءوفي كربلاء، أكد عدد من المحامين في المحافظة ان المسؤولية تقع على عاتق مجلس النواب باتخاذ القرار التاريخي الذي يخدم مصلحة الشعب العراقي في رفض أو قبول الاتفاقية، مشيرين إلى أنهم مع توقيع الاتفاقية كونها الطريق الوحيد لتحقيق مصالح الشعب العراقي في حريته واستعادة سيادته. فقد أكد المحامي مالك الإبراهيمي ان الاتفاقية تعتبر واقع حال وأنا مع الرأي الذي يقول إن مجلس النواب الذي يعد ممثلا شرعيا للشعب العراقي هو صاحب القرار الفاصل والحاسم في عمليتي الرفض أو القبول..وأضاف ان على مجلس النواب أن يتحمل مسؤولياته الكاملة تجاه هذا الموقف. فيما عد المحامي عقيل عبد الحسين الاتفاقية، السبيل الوحيد لإخراج القوات الأميركية من العراق..
وأضاف..لا توجد طريقة أخرى لخروجهم من الأرض العراقية إلا عن طريق هذه الاتفاقية..وأوضح إن الاتفاقية فيها محوران، الأول يتعلق بالاقتصاد والثقافة والمجالات الأخرى والمحور الثاني هو المحور العسكري واهم ما فيه هو تطوير القوات المسلحة العراقية لأنها غير جاهزة حتى الآن..وأكد إن الاتفاقية خطوة مهمة ومفيدة للجانب العراقي. في حين أوضحت المحامية زينب الاسدي ان الاتفاقية وان جاءت وكأنها آخر الحلول إلا إنها الطريقة الوحيدة التي تحمل بوادر الفوائد للعراق..وأضافت لم تعد الاتفاقيات كما كانت في السابق كاتفاقية بورتسموث وغيرها بل أخذت الاتفاقيات تتبع مدى المصلحة والفائدة للطرفين.. وأوضحت.. أغلب دول العالم أبرمت اتفاقيات اقتصادية أو دفاعية وحتى ثقافية مع دول أخرى وأميركا وحدها لديها عدة اتفاقيات وبالعشرات مع دول العالم ومنها دول الخليج ولم يقل احد إنها تمس سيادتهم..واضافت.. إذا كانت الاتفاقيات الأمنية تعني تقويض السيادة فان علينا أن نناضل مع شعوب المنطقة لإعادة السيادة لهم خاصة وان هذه الدول ذاتها تعتقد أن الاتفاقية تخدم الجانب الأميركي ولا تخدم الجانب العراقي.
الديوانيةوفي الديوانية، اعرب العديد من المواطنين من شرائح مختلفة عن تاييدهم لاقرار الاتفاق الامني لما فيه من مكاسب متنوعة تسهم في بناء دولة المؤسسات بالشكل الصحيح فيما اعرب البعض عن مخاوفهم من تحولها الى شرار بسبب التجاذبات السياسية التي اثيرت بشأنها. وفي استطلاع لمواقف المواطنين، قال رئيس الاتحاد العام للادباء والكتاب محمد حسين الفرطوسي ان توقيع الاتفاقية بعد كل هذه التنازلات التي حصل عليها المفاوض العراقي ضرورة ملحة خصوصا وانها تضمن للعراق سيادته المنشودة وتفسح المجال امام الاجهزة الامنية العراقية لبناء قواتها والرقي بقدراتها بشكل يضمن امن العراق وسلامة شعبه وهذا ما نتوق الى تحقيقه منذ التغيير السياسي الذي شهدته البلاد العام 2003 وعملنا على تحقيقه كل من موقعه.
فيما يقول الناطق باسم مؤسسة شهيد الله في الديوانية سالم عبد شلش ان الاتفاقية المزمع توقيعها مع الجانب الاميركي مرفوضة من قبلنا لانها لا تعطي للعراق سيادته الكاملة، فيما يرى الاعلامي حسن السرحان في تاجيل التوقيع على الاتفاقية الحل الامثل خصوصا وان اتفاقية مهمة كهذه تستحق اعطاء المزيد من الوقت لمناقشتها بشكل يسهم في ابتعاد الكتل السياسية المختلفة عن التجاذبات التي اثرت مباشرة في الشارع العراقي وهذا ما لا نريد الوصول اليه في دولة المؤسسات التي نسعى لبنائها بمستوى يضمن لنا مستقبل التجربة الديمقراطية التي يعيشها العراق. ويقول سكرتير منظمة الحزب الشيوعي في الديوانية جبار عليوي ان التوقيع على الاتفاقية لابد منه لعدة اسباب منها ان يحصل العراق على سيادته الكاملة تدريجيا في وقت يفسح المجال امام الساسة لتحقيق المصالحة الوطنية بالشكل التام فضلا عن حاجتنا للوقت الكافي لتوفير مختلف الخدمات الى المواطنين فليس من العدل ان ترفض الاتفاقية ونعود الى المربع الاول فتكون الامور في غاية الحرج وعلى مختلف المستويات.
https://telegram.me/buratha