وفيما يلي نص كلمة نائب رئيس الجمهورية:"بسم الله الرحمن الرحيميشرفني ويسعدني أن أفتتح هذا المؤتمر الهام للحوار العراقي الأمريكي حول مناخ الأعمار والأستثمار في العراق لكن أسمحوا لي أولا ان ارحب بجميع السيدات والسادة الحضور لاسيما الوفد الأمريكي برئاسة السيد بوب كميت نائب وزير المالية والسيد جون سيليفان نائب وزير التجارة وسعادة السفير الامريكي في العراق السيد رايان كروكر وبقية اعضاء الوفد الامريكي.وكذلك اعضاء الوفد العراقي واخص بالذكر منهم معالي نائب رئيس الوزراء السيد رافع العيساوي ووزير المالية الاستاذ بيان الزبيدي ووزير التخطيط السيد علي بابان ووزير الصناعة الاستاذ فوزي حريري ومحافظ البنك المركزي الدكتور سنان الشبيبي ورئيس هيئة الاستثمار احمد رضا وبقية المسؤولين الامم المتحدة والبنك الدولي والمنظمات والدول الصديقة واعضاء الوفد العراقي من السادة المحافظين ورؤساء مجالس واعضاء برلمانيين واعضاء هيئات الاستثمار وبقية السادة والسيدات المذكورين الذين قبلوا المشاركة معنا في اعمال هذا اللقاء المهم من مسؤوليين عراقيين واعمال في القطاع الخاص ورجال المصارف والاعمال وكذلك السيدات والسادة العراقيين والامريكيين الذين عملوا للتحضير لهذا الاجتماع الهام.ايتها السيدات..ايها السادة اسمحوا لي ان استغل هذه الفرصة ونحن نتكلم علنا على الهواء ان اوجه شكرا خاصا للصديق بوب كميت وحكومته فقد لايعرف الشعب العراقي الذي كان ولازال النصير الاكبر في كافة المنعطفات والمحافل لانقاذ العراق من ديونه البالغةاو التي بلغت (140)مليار دولار وتجاوزت، وكذلك لملاحقة اموال النظام السابق واستردادها الى العراق لمصلحة الخزينة العراقية اضافة لحمايته او لسعيه معنا لحماية اموال العراق من المطالبات خصوصا مايتعلق بالقرار الاخير الذي اتخذه الكونغرس الامريكي اضافة لمساعيه الحميمه لمساعدة بلادي من اجل تخليص العراق من التعويضات خصوصا فيما يتعلق بالتعويضات نتيجة اجتياح العراق للكويت فنحن نرحب به وبالوفد المفاوض اشد الترحيب.ايتها السيدات والسادة..ان سياسة الاستبداد الداخلي وحكم الحزب الواحد تقود كما فعلت بالضرورة الى حروب وعدوان خارجي وهذا ماحصل للعراق خلال العقود الماضية..حروب اقليمية..حروب داخلية..حصار..عقوبات..تجميد عضوية العراق في معظم المؤسسات الاقليمية والدولية..قطع العلاقات الدبلوماسية..عزله كاملة للعراق، وان سياسة معاداة الشعب داخليا لن تعني الا معاداة دول الجوار ودول العالم كافة كما تبين التجربة التاريخية.العراق اليوم غير من معادلته الداخلية واصبح لديه نظاما ديمقراطيا حرا في حرية التعبير..في حرية تشكيل الاحزاب والمنظمات السياسية في حرية التظاهر وابداء الرأي الاخر هذه تنعكس خارجيا في علاقات تعاون وصداقة مع كافة دول الجوار وكل دول العالم، تلك السياسة الداخلية قادت الى تلك القطيعة مع المجتمع الدولي ومع النظام الاقليمي. اما هذه السياسة الداخلية اليوم تقود الى سياسة الصداقات والعلاقات الطيبة والتعاون والمصالح المتبادلة وعدم التدخل في شؤون بعضنا للبعض الاخر.اننا اليوم في العراق نريد علاقات صداقة متينة وقوية وطويلة الامد مع الولايات المتحدة الامريكية كما نريد علاقات صداقة متينة وقوية وطويلة الامد مع بلدان سبق ان تخاصمنا معها واخص بالذكر دولة الكويت الشقيق والمملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية في ايران وتركيا والاردن وسوريا دون ذكر بقية الدول.لاشك ان هذا الاجتماع سيساهم في تطوير النظرات فيما يخص الاعمال والاستثمار في العراق رغم اعتقادنا ان الاقتصاد العراقي سيحتاج الى فترة طويلة لكي يصلح من الدمار والخراب الذي اصاب العراق وفي العمق وفي كافة المجالات.لايوجد مجال او قطاع لم يصب بالفساد والخراب والدمار وان طول عملية الاصلاح تبين عن عمق الخراب الذي اصاب كافة قطاعات المجتمع العراقي وبالذات الاقتصادية.وبالتأكيد ان هذا الاجتماع لن يكون بديلا للاجتماعات المتوالية التي ستعقد في هذا المجال واننا ننتظر بتشوق كبير المؤتمر الموسع الذي اتفقنا على عقده مع الجانب الامريكي في منتصف العام القادم والذي سيتعمق اكثر في بحث القضايا ويشمل مواضيع اكثر قربا من المهام والبرامج المطلوبة منا.الاقتصاد اليوم في العراق هو اقتصاد مركزي بل شديد المركزية بل هو اقتصاد في درجاته من اكثر انواع الانظمة الاشتراكية مركزة وتوجها.هذا الاقتصاد نما خلال مراحل طويلة من السيطرة الفردية وسيطرة الحزب الواحد وتعمق خصوصا في مراحل الحصار والعقوبات بحيث تولد لدينا اقتصاد هجين فيه الكثير من عوامل العطل والكبح والتمركز الشديد.اليوم في العراق حوالي96% من تكون رأس المال الثابت يقوم به القطاع العام ولايساهم القطاع الخاص الا ب 4% من تكوين رأس المال الثابت وهذا يبين عمق الخلل الموجود اليوم في الاقتصاد العراقي والذي يتطلب استثمارات كبيرة وهائلة وتشجيع واسع للقطاع الخاص ليوازن هذه المعادلة ولكي يعيد الامور الى مساراتها وطبيعتها.اليوم يشكل قطاع النفط حوالي70% من الناتج الوطني الاجمالي وهذه نسبة قد تضاعفت مرتين وثلاث مرات على ماكان عليه العراق قبل بدء الحرب العراقية الايرانية وقبل ثلاثة عقود وان واردات النفط التي تخضع تماما لاسعار النفط العالمية تشكل اليوم حوالي94% من موازنة الدولة العراقية هي المورد الاساسي لارزاق الناس، والمورد الاساسي لكل الفعاليات الملحقة الاخرى.اذن نحن بحاجة الى اعادة التوازن الى هذا الاقتصاد ولاطريق لاصلاح هذه المعادلة الا بعودة نشاط القطاع الخاص واخذه للمكان الطبيعي الذي كان يتطور عليه في العراق في منتصف الخمسينيات وقد تعطل هذا الدور وعرقل بسبب السياسات غير الصحيحة التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة لاسيما الحكومة الاخيرة.نحن بحاجة كما في المعادلة السياسية ان نسير من نظام استبدادي الى نظام ديمقراطي,نحن بحاجة في الاقتصاد ايضا الى ان نسير من توجيه مركزي واقتصادي شديد المركزية الى اقتصاد لامركزي من حيث صلاحيات الادارات المختلفة،المؤسسات المختلفة،سواء كانت الحكومة الاتحادية او الحكومات المحلية واعطاء ادوار متزايدة للقطاع الخاص لكي يستطيع ان ينهض بالعملية الاعمارية والاستثمارية في العراق بالشكل الذي لايوازن فقط من دور القطاع الخاص بل يساهم ايضا في اصلاح الدولة التي ازداد الترهل الوظيفي فيها وازدادت فيها القرارات الديمقراطية المعرقلة تماما للسير قدما في تطوير واعمار العراق.لاشك ان ذلك من اولى الضرورات لكن علينا ان نرى ان الجهود التي يجب ان تبذلها الحكومة في مجال اعادة بناء البنية التحتية وانطلاق الاستثمارات خصوصا في مجالي النفط والكهرباء كمجالات رئيسية واساسية في انطلاق التنمية الوطني،يجب ان تطرح في هذه الجلسة بعض المحاور وبعض الاسئلة الرئيسية التي على اساسها بالامكان تشخيص المسار القادم.اضافة الى مشاريع البنية التحتية اعتقد ان العراق يجب ان يرى اهمية المشاريع الرائدة او المشاريع القدوة.بكلمات اخرى هل نذهب بسياسة بناء كل شيء من الاسفل الى الاعلى ام نستطيع مع بناء السياسات في البنية التحتية وفي المشاريع الاساسية ان نطلق سلسلة من المشاريع الرائدة والقائدة والتي تشكل قدوة بسحب بقية النشاطات المماثلة لها والمختلفة معها الى الامام.هل نحن بحاجة مثلا اليوم الى بناء مطارات كبرى ام بحاجة اولا ان نصلح ولو(Terminal) واحد من المطار او المطار الدولي في بغداد ليكون قدوة في طريقة استقباله للزائرين،في طريقة تخليص البضائع،في النمط الراقي الذي يماثل او يقارب مستويات الدول المتقدمة ليكون هذا النموذج قدوة لبقية النماذج التي تريد ان تؤسس لمطارات حديثة قادرة ان تقوم بواجبها المطلوب منها.كذلك في مجال المشاريع الهندسية،كذلك في مجال الصناعات والمشاريع الزراعية هل نحن اليوم بحاجة،ام نستمر في ذات السياسة الزراعية الماضية او نحتاج الى مشاريع قدوة،مشاريع رائدة.لكي تكون هادية ومرشدة لبقية المشاريع بنجاحها ورشدها الاقتصادي.فالعراق قد اصيب في بنيته الرئيسية،بحرفيته الاساسية،بمهنيته الاساسية في انجاز او حسن انجاز المشاريع ونحن نحتاج في كل قطاع وفي كل مجال الى شركات ومؤسسات ومصالح تستطيع ان تقوم بالدور الذي يجب ان تقوم به في الحالات الطبيعية والمهام المطلوبة منها.نحن بحاجة في العراق اليوم الى حلول جذرية في مسألتين اساسيتين لايمكن التأجيل فيهما وهما قضية الكهرباء وقضية المشتقات النفطية.لايمكن ان نفكر بتطور اقتصادي واستثمار مالي بدون التقدم بحلول اساسية في مجال الكهرباء،فالكهرباء اليوم تقف عائقا امام أي مشروع يمكن ان يفكر به،بدون التفكير الجدي بالمشتقات النفطية والكهرباء،من الصعب جدا التفكير بتنمية معقولة بالنسبة الى العراق.مجالات اخرى يمكن استثمارها والاستفادة منها، فالظروف الصعبة وظروف الخراب التي حلت بالعراق قد تكون ظروف مؤاتية لبعض القطاعات وبعض الصناعات. نحن في العراق لدينا مثلا تخريب في الاراضي الزراعية ، هذا التخريب قد يكون بالامكان استثماره لمصلحة الزراعات العضوية التي هي اليوم مطلوبة في العالم ولها اسعار عالية جدا مقارنة بالزراعات الاخرى، زراعات في مجالات الحبوب والخضروات والفواكه، ولكن ايضا في مجالات مثل القطن الذي يستطيع ان ينتج منتجات عضوية وهذه لها شروطها الدولية ، ان تكون الارض غير مستغلة لعدد من السنين. اذن نستطيع ان نستغل عدم استغلال الارض لهذا العدد من السنين لنتقدم بطلب شهادات نستطيع عبرها الحصول على تخويل او شهادة تجيز لنا تسويق مثل هذه البضائع.وكذلك بالامكان الاستفادة مما تراكم في شواطئ وانهار العراق من زهرة النيل ومن البردي وغيرها ، الاستفادة منها كما سمعت من السيد وزير الزراعة للاستفادة منها في صناعات بما في ذلك توليد بعض اشكال الوقود وكذلك استثمار الاراضي التي فقدت بعض خصوبتها وتحولت الى نوع من الصحراء لاستثمار اشكال من الزراعة مثل زهرة الاولينثرا التي تستخدم اليوم بسعر مرتفع جدا من اجل الادوية ومنا اجل صناعات الدواء والتجميل وغير ذلك من امور كثيرة لا مجال اليوم لذكرها. اذن يمكن استثمار ظروف الازمة والخراب ولو بشكل جزئي للخروج بصناعات تليق وتنسجم اليوم مع طبيعة العراق لتحويل الازمة الى نجاح وتحويل الخراب الى عمران وهذا امر متروك للمبادرات خصوصا المبادرات الخاصة التي يمكن ان تحقق الارباح وتستطيع ان تحقق منافع كثيرة عبر مثل هذه المبادرات. العراق اليوم بحاجة اساسية من اجل الانطلاق في عملية الاستثمار والاعمار الى اصلاح نظامه التشريعي من حيث الملكية وحقوقها وحمايتها خصوصا بالنسبة للاستثمار وحقوق الاختراع والبراءة وغيرها من ضمانات سواء في المجالين المحلي والاجنبي.والاهم من ذلك ضرورة العمل بجد في توفير بيئة استثمارية واعتقد ان هيئة الاستثمار ورئيس هيئة الاستثمار وقانون الاستثمار يسعى لتحقيق ذلك وان هذا يجب ان لايكون مجرد قوانين او تعليمات وانما يدخل في سلوك المسؤولين الكبار والصغار ان لم اقل يدخل في سلوك المواطن ويفهم اهمية الاستثمار وانطلاق الاستثمار لتحسين شروط حياته. ان العراق بحاجة من اجل انطلاق عملية اعادة الاعمار والبناء وتشجيع الاستثمارات الاجنبية وعودة رؤوس الاموال العراقية الى اصلاح انظمته المصرفية وانظمة التمويل وانظمة التأمين والضمان الاساسية والتي هي عملية لابد منها ، كانت في العراق اشكال اجتماعية للتمويل وقد اختفت هذه المؤسسات الاجتماعية دون ان نبني محلها مؤسسات مصرفية ناجحة كما يحصل في بقية دول العالم.
اذن سوية سنسير من اجل اعادة الاعمار والاستثمار في العراق واننا مع الولايات المتحدة الامريكية لدينا رؤية مشتركة في هذا المجال وقد توصلنا الى مسودة في اطار الاتفاق الاستارتيجي الذي قد يوقع بين البلدين الى سلسلة من التوصيات في هذا المجال واخص بالذكر منها تنشيط الحوار الثنائي بين البلدين لتنمية العراق وتعزيز الجهود لتطوير الاقتصاد العراقي لاعادة بناء وتأهيل بنيته التحتية الاقتصادية الاساسية وكذلك انسياب الاستثمار المباشر للعراق وعودة العراق الى المؤسسات والمنظمات المالية والاقتصادية والاقليمية والدولية وكذلك حث الاطراف للالتزامات التي قدمت بمقتضى العهدالدولي بهدف اعادة اعمار العراق وكذلك تنفيذ الاصلاحات لتطوير القطاع الخاص وتطوير قطاع الكهرباء والنفط والغاز العراقي وغيرها من امور مهمة. اعتقد ان التعاون في هذه المجالات سيساعد العراق كثيرا في التقدم في مشروع الاصلاح الاقتصادي والتطوير الاقتصادي. لا يسعني قبل ان انهي كلمتي هذه ان اشكر التشجيع الكبير الذي تقدم به دولة رئيس الوزراء لهذا الاجتماع وكذلك الجهد الخاص الذي بذله الدكتور برهم صالح نائب رئيس الوزراء في متابعة هذه الاعمال وتنظيمها. ومرة اخرى احيي الوفد الصديق واتمنى لاعمال هذا الحوار كل نجاح وتوفيق .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
https://telegram.me/buratha