قال الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ في حديث إلى برنامج "ساعة حرة" عبر قناة "الحرة" إن المسودة التي أقرتها بغداد وسيرفعها رئيس الوزراء نوري المالكي إلى الجانب الأميركي هي "أفضل الممكن".
وفي شأن التلويح الأميركي بالانسحاب من العراق نهاية 2008 إن لم يتم توقيع الاتفاق الأمني، نقل الدباغ عن المالكي أنه "يعتقد بأن القوات العراقية الحالية إن لم يبق لها خيار فستدافع عن العراق رغم عدم وصولها إلى كل الجهوزية، لن يطلب العراق أن تبقى قوات الولايات المتحدة بشروط تفرضها هي".
وعن الغارة الأميركية على موقع داخل الأراضي السورية قال الدباغ إن موقف الحكومة العراقية هو رفْضُ هذه العملية، لافتاً إلى أن مسوّدة الاتفاق الأمني تمنع القوات الأميركية من تنفيذ عمليات كهذه، و"عند أي خرق لهذا الاتفاق وفي حال الاعتداء على أي دولة من دول الجوار أتصور أن العراق سيكون في حِلٍّ من التزامات الاتفاق وسينهيه، لأنه إذا لم تلتزم الولايات المتحدة ببنود أساسية فيه فلا معنى له"، مطالباً الجانب الأميركي بـ" ضمانات بأن هذه العملية لن تتكرر أبداً لا على سوريا ولا على أي من دول المنطقة".
وعن التعديلات التي أقرها مجلس الوزراء قال: "جُمعت تعديلات الوزراء واُخذ منها ما يراه مجلس الوزراء ضرورياً وجوهرياً ومناسباً. الاتفاق لم يعد في إطار اتفاق "سوفا" أو اتفاقاً طويل الأمد بل تحوّل إلى اتفاق لانسحاب القوات وتنظيم مؤقت لوجودها حتى انسحابها في نهاية 2011. كما أعيدت صياغة بعض البنود قانونياً بما يضمن أن تكون للعراق سيادة في كل بند، مثل البنود المتعلقة بالمقاولين الذين تتعاقد معهم الحكومة الأميركية ومسألة دخول الأفراد وخروجهم، والأسلحة التي تدخل... لا بد أن تكون هناك رقابة عراقية على ما يدخل إلى البلد وما يخرج منه . لا بد أن تمارَس السيادة في كل مفردة من المفردات. الولاية القضائية عُرّفت تعريفاً واضحاً وصريحاً حتى لا تكون موضع تأويل وتفسير بما يخالف ما يريده العراقيون. "الواجب" تم تعريفه بأنه فقط العمليات المشتركة المتفق عليها بين الحكومة العراقية والقوات الأميركية، عدا ذلك يُخضَع للولاية القضائية العراقية".
وتوقع أن الحوادث والمخالفات ستكون قليلة لأن "القوات الأميركية ستنتقل بداية 2009 إلى معسكرات وبالتالي احتكاكها بالمواطنين العراقيين" لن يكون كما في السابق.
وعمّا إذا كان الاتفاق بالصيغة التي ستطرحها الحكومة العراقية يحفظ السيادة قال: "نتحدث عن خيارين هما التمديد للقوات المتعددة أو الاتفاق، لا يوجد خيار ثالث إلا المجهول، وبالتالي لا نتحدث عن شيء مثالي بل عن الممكن الذي نقدر عليه وتوصّل عبره المفاوض العراقي إلى اتفاق هو أفضل الممكن عملياً، يمكن القول إن هذا الاتفاق قد حفظ مفردات السيادة العراقية، لا أقول إنه لن تكون هناك خروقات لكن على أقل تقدير المفاوضون ومجلس الوزراء عملوا ما أمكن وما يرونه مناسباً لحفظ مصالح العراق وسيادته".
وهل الحكومة العراقية متفائلة بأن الجانب الأميركي سيقبل التفاوض في شأن التعديلات؟ أجاب: "نحن متفائلون. بعدما صُرف هذا الوقت الطويل من التفاوض لا يمكن للجانب الأميركي أن يسد الأبواب، ورَأَيْنا أن مسؤولين أميركيين لم يغلقوا الأبواب، ولا أتصور أنه من الحكمة والمنطق أن تُغلق الأبواب (...) يجب أن تقبل الإدارة الأميركية التعديلات لأنها نتيجة ممارسة لدولة عراقية راشدة تريد تطبيق سيادة القانون، نحن متفائلون أن الولايات المتحدة لن تخاطر بالزمن الذي صرفته والتضحيات الكبيرة التي قدمتها في العراق وبالتالي ترفض هذه التعديلات التي نعتقد أنها مهمة لنا في العراق ولا أتصور أن بعضاً منها يؤثر على أساس الاتفاق وهيكليته".
وعن التحذيرات الأميركية من مخاطر عدم التوقيع ومنها الرسالة المنسوبة إلى قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال ريموند أوديرنو وفيها إنذار بوقف التعاون العسكري واللوجستي والاستخباري مع بغداد قال:" هناك رسائل كثيرة وأحاديث واجتماعات متواصلة مع الجانب الأميركي (...) العراقيون يدركون مخاطر الـ"نعم" ومخاطر الـ"لا" لهذا الاتفاق. لا أعتقد أن رسالة الجنرال أوديرنو هي تحذير بقدر ما هي إعطاء معلومات وبيانات إلى بعض المسؤولين العراقيين".
وعمّا إذا كانت بغداد ستطلب تعديلات في القرار الدولي إذا اضطرت إلى اللجوء للأمم المتحدة لتعديله قال: "التعديلات ليس مرحباً بها من الآخرين . الرغبة العراقية هي تغيير القرار لكن الوقت لا يسمح بإقناع الجانب الأميركي بالتغييرات، الخيار الوحيد المتاح أمام العراق هو التمديد للوضع الحالي كما كان يمدد سابقاً".
وهل ستوافق إيران على الاتفاق بتعديلاته العراقية الجديدة؟ قال: "لا أستطيع الإجابة عن إيران، إيران لها موقف ضدّ الاتفاق على طول الخط ومن حيث المبدأ، رفض الاتفاق لا ينبع من كونه أفضل أو أسوأ، لإيران أسبابها وهي تستشعر أن الوجود الأميركي القريب عليها يشكل مخاطر على أمنها القومي، نقدّر شعور الخطر لدى إيران لكن هذا لا يجبرنا على أن نقبل أو نرفض بناء على رؤية آخرين".
وعن تداعيات العملية الأميركية داخل الأراضي السورية وتأثيرها على العلاقات العراقية - السورية قال الدباغ: "الاتفاق المزمع يُلزم الولايات المتحدة أن لا تقوم بأي عمل من هذا النوع ضد سوريا أو إيران أو أي دولة من دول المنطقة. العراق ليس قاعدة كتلك الموجودة في المنطقة وتستخدمها القوات الأميركية على الآخرين . لا أتصور أن الولايات المتحدة تريد أن تهدد علاقاتها مع العراق بأن تخرق الاتفاق وهذا ما أكده الجانب الأميركي. عند أي خرق لهذا الاتفاق وفي حال الاعتداء على أي دولة من دول الجوار أتصور أن العراق سيكون في حِلٍّ من الالتزامات في الاتفاق وسينهيه، لأنه إذا لم تلتزم الولايات المتحدة بنوداً أساسية فيه فلا معنى له، وهذا موقف مبدئي أحب توضيحه للإخوة في سوريا وإيران وجميع دول المنطقة. نحن لا نقبل أن يتعرض أمن سوريا وسيادتها لأي انتهاك سواء من قبل القوات الأميركية أو غيرها. وهناك تحقيق طلبه رئيس الوزراء من الجانب الأميركي بكل تفاصيل هذه القضية وملابساتها حتى يكون العراق على بيّنة. الطرف العراقي أوضح للطرف الأميركي أنه لا يقبل هذا النوع من العمليات إطلاقاً، العملية لن تمر إلا بتحقيق كامل ويجب أن تُقدّم ضمانات بأن هذه العملية لن تتكرر أبداً لا على سوريا ولا على أي من دول المنطقة".
وكرّر الطلب من سوريا أن تتعاون أمنياً مع الحكومة العراقية "حتى نمنع أي أذى للعلاقات (...) هذه المجموعات الإرهابية لن تنفع سوريا وستنقلب على سوريا، هذه مجموعات شيطانية تؤذينا وتؤذي شعبنا وأشقاءنا في سوريا. لا نريد لهذه الحوادث المعزولة أن تؤثر في العلاقة، ولن نسمح للجماعات الإرهابية أن تخرب العلاقات في ما بيننا".
https://telegram.me/buratha