لاتستطيع ميزانية المحافظات الساخنة "الخاوية"، منذ اشهر، في غرب وشمال البلاد، دفع مستحقات سائق جرافة يقيم ساترا ترابيا يعزل القوات الامنية والعشائر، عن ارهابيي داعش . ولحل هذه الاشكالية تعتمد القبائل التي تشكو من عدم حصولها على السلاح–بحسب نواب ومسؤولين محليين- على التمويل الذاتي في الغالب، لسد احتياجات مقاتليها.
وفيما تأخرت رواتب منتسبي الدفاع والداخلية في الأنبار، لثلاثة أشهر، يقول مسؤول في الموصل، إن العناصر الأمنية في محافظة نينوى، لم يتسلموا راتبهم منذ سقوط المدينة في منتصف العام 2014 الحالي.
وتدفع تلك الضائقة المالية بعناصر الأمن "النازحين" الذين يعيش معظمهم في ظروف سيئة في كردستان برغبة "عارمة" للموصليين، على الاقل، في القتال "بلا مقابل" لإعادة الأوضاع إلى طبيعتها.
ويعاني الجيش من تلكؤ في مجال التسليح والإمداد اللوجيستي، على وفق ما قاله عضو في لجنة الأمن البرلمانية، فيما وجه وزير الدفاع، خالد العبيدي، نداءً للقوات المسلحة في مدونته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك)، جاء فيه
"أدعوكم إلى الصبر والثبات في هذا الوقت الحرج، فعدوكم في تراجع وانكسار فلا تعطوه فرصة لالتقاط انفاسه.. أعرف أن هناك منكم من يعانون ظروفا صعبة وممن لم يستلموا رواتبهم منذ أشهر، ومنكم ممن تأخر عليه الراتب، ومنكم من هو نازح.. لكن إن شاء الله ستحل كل هذه المشاكل قريباً.. فاصبروا واثبتوا".
ويقول النائب عن الأنبار، محمد الكربولي، في حديث إلى صحيفة (المدى)، إن "القوات الأمنية في الأنبار لم تتسلم رواتبها منذ ثلاثة أشهر، وهم في حالة دفاع مستمر عن الأراضي ضد داعش الارهابي ".
ويضيف الكربولي، وهو عضو ائتلاف متحدون للإصلاح، أن "ميزانية الأنبار لا تحتوي حتى على مليون دينار، برغم أن المحافظة الأكثر تصدياً للارهابيين "، ويشير إلى أن "الحكومة الاتحادية وعدت مؤخرا بإطلاق سلفة طوارئ قدرها عشرة مليارات دينار للمحافظة، نظراً للظروف الاستثنائية التي تمر بها، لكنها لم تحصل على شيء منها حتى الآن".
وينقل الكربولي، عن مسؤولين رفيعي المستوى في الأنبار، قولهم إن "الجهات الرسمية في المحافظة تدفع بالآجل لأصحاب الوقود المجهز للمولدات الكهربائية، ولا تملك دفع أجور أصحاب الجرافات الذين يقيمون سواتر ترابية تعزل القوات الأمنية وأبناء العشائر عن المسلحين".
وعلى الرغم من أن القبائل في الغربية، التي تقاتل (داعش) الارهابي منذ عشرة أشهر، تشتكي بشكل مستمر من عدم حصولها على السلاح من الحكومة، وتشعر أنها "مشكوك بولائها"، وأن أطرافاً في الحكومة يعتقدون أن عناصرها سينقلبون على النظام فيما لو حصلوا على السلاح، بعد إزاحة (داعش) من المحافظة، إلا أنها تستمر في القتال، واستطاعت بمعونة القوات الأمنية، اليوم، من استرداد أجزاء من "هيت" التي سيطر عليها مسلحون في تشريم الأول المنصرم، وقتل المئات من العشائر التي تسكن تلك المناطق.
ويقول الكربولي، وهو ينحدر من إحدى القبائل التي تقيم في المناطق القريبة من الحدود السورية، غربي الأنبار، إن "عشائر الجغايفة المقاتلة في مركز ناحية حديثة، والعبيد في ناحية بغدادي القريبة من هيت، والبو علوان والبو فهد في الرمادي، والبو عيسى في عامرية الفلوجة، يعتمدون على التمويل الذاتي من حيث التسليح، ودفع رواتب المقاتلين، فالعشائر تبيع منازلها والحيوانات التي تربيها للإنفاق على القتال".
ويرى النائب عن الأنبار، أن على "الحكومة أن تدفع مرتبات القوات الأمنية وتدعم بقوة تلك العشائر وتضمنها إلى جانبها حتى لا تتكرر مذابح البو نمر التي قتل منهم مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية المئات"، ويعد أن "ايقاف الرواتب في الأنبار إجراء غير صحيح، لاسيما أن عشرة من أعضاء مجلس المحافظة ما يزالون مستمرين في عملهم، فضلا عن نائبين للمحافظ الذي ما يزال غائبا عن العمل بسبب تعرضه لإصابة خلال مليات تحرير بروانة، جنوبي قضاء حديثة، في أيلول الماضي".
إلى ذلك يقول عضو مجلس محافظة نينوى، عبد الرحمن الوكاع، في حديث إلى صحيفة (المدى)، إن "عناصر الجيش والشرطة وحماية المنشآت المعروفين باسم الأف بي أس، وحماية الشخصيات في المحافظة، لم يستلموا رواتبهم منذ سقوط الموصل في العاشر من حزيران الماضي".
وتنتظر الحكومة، بحسب الوكاع، فيما يخص وزارة الداخلية، أن "يكتمل عدد المتطوعين في معسكر تحرير الموصل، الذي أقيم على تخوم إقليم كردستان، لتدفع الرواتب للمنتسبين من مراتب وضباط"، ويستدرك "لكن المعسكر ما يزال غير مكتمل التجهيز، ولا توجد فيه كرفانات، كما أن الخيم الموجودة غير كافية".
والمعسكر الذي خصص مؤخراً لإعادة لم شمل شرطة محافظة نينوى، التي انهارت في حزيران الماضي، وكان عددها يقارب الـ30 ألف عنصر، يتوقع ألا يتجاوز عدد الذين يستطيعون الوصول إليه، الخمسة آلاف شرطي، لأن معظم منتسبي ذلك الجهاز في مناطق جنوبي الموصل، التي تقع تحت قبضة (داعش)، ولا يسمح لهم بعبور النقاط الأمنية التي وضعتها وتمتلك قوائم خاصة بأسمائهم. فيما تبدأ مكاتب في دهوك واربيل بتسجيل اسماء منتسبي وضباط الجيش الذي انهار أيضا بعد سقوط الموصل، لتشكيل الفرقة الـ19 التي ما تزال وزارة الدفاع تتباحث في اختيار قائدها.
ويضيف الوكاع، أن "الضائقة المالية التي يمر بها منتسبو الأجهزة الامنية الذين يعاني معظمهم ظروفاً صعبة في إقليم كردستان، تدفعهم بقوة إلى المشاركة بلا مقابل في أي عملية عسكرية ضد المسلحين لإعادة الأوضاع إلى طبيعتها وإطلاق رواتبهم مجدداً".
في غضون ذلك يقول عضو لجنة الأمن النيابية، هوشيار عبد الله، في حديث إلى صحيفة (المدى)، إن "الجيش يعاني من تلكؤ في مستوى تجهيز السلاح والامدادات اللوجيستية الأخرى"، ويؤكد أن "اللجنة تسعى لبحث مسألة رواتب الجنود وأرزاقهم".
ولا يخفي عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، وجود "شحة" في عدد الأسلحة، بسبب خسائر كميات كبيرة منها خلال الأشهر الماضية، حيث صارت بحوزة (داعش)، لكنه متفائل بالخطوات التي قام بها رئيس الحكومة، حيدر العبادي، مؤخراً، وأفضت إلى تغيير عدد من قادة الجيش، ويدعوه إلى "إصلاح أكبر في المنظومة العسكرية من حيث عدد الجنود واحترام حقوق الإنسان والولاء للوطن، وعدم الاكتفاء بالترميم فقط".
ومن أهم التغييرات التي أجراها العبادي، في وزارة الدفاع، تعيين الفريق قاسم المحمدي قائدا للعمليات في الأنبار، وهو من سكان المحافظة، وهي المرة الأولى التي يتسلم فيها أحد ضباط الأنبار منصبا عسكريا رفيعاً، كما تم تعيين الفريق رياض جلال، قائداً للقوات البرية، وهو من سكان الموصل والقائد السابق لعمليات نينوى في عام 2008، بدلاً من الفريق علي غيدان، وهو ابرز المتهمين بسقوط المدينة، التي تستعد لجنة الأمن والدفاع النيابية لاستجوابه.
https://telegram.me/buratha