بسم الله الرحمن الرحيم .قال تعالى : (( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )) صدق الله العلي العظيم .
لقد رحل في مثل هذا اليوم السابع والعشرين من ربيع الاول 1390. الإمام السيد محسن الحكيم الذي كان يتزعم دنيا التشيع لأكثر من عشر سنوات .
لقد مات في مثل هذا اليوم . الأستاذ الذي أعطى العلم والعلماء على امتداد خمسين عاماً من الفوائد والعلوم ما تنأى عن حمله الجبال حتى تخرج على يديه مئات العلماء في مختلف الأبواب العلمية فمنهم المجتهدون ومنهم المدرّسون ومنهم الخطباء. ومن لطيف القول ان جملةً من مراجعنا المعاصرين حفظهم الله تعالى كانوا وكلاء لسماحته في مختلف البقاع الإسلامية.
لقد مات في مثل هذا اليوم. المؤلف الذي أثرى المكتبة الإسلامية بعطائه المشرق فلقد بلغت مصنفات الإمام الحكيم (قدس سره) خمسين مؤلفاً بعضها قد طُبع مراراً وبعضها قد ترجم إلى غير العربية مثل الفارسية والأوردية. وقد اتسمت مؤلفاته (قدس سره) بالعمق والأصالة والشمول لأهم العلوم الدينية فكان له تصانيف في علم الكلام والفقه وأصول الفقه، وهي تمثل القطب لرحى العلوم الدينية ومن أهمها كتابه الخالد مستمسك العروة الوثقى.
لقد مات في مثل هذا اليوم. المجاهد الذي تشبعت ساحات المنازلة من عرقه وعرفته الخطوب بثباته ورباطة جأشه. ذلك الصوت الذي كان يستصرخ الناس إلى الحق والجهاد ويكون سابقاً لهم في ساحة النزال. وهذا ما يشهد له التاريخ فقد ذهب الإمام الحكيم (قدس سره) مع أستاذه المجاهد السيد محمد سعيد الحبوبي سنة 1332هـ، لمواجهة الغزو البريطاني للعراق. هذه التجربة التي كان يعتز بها السيد (قدس سره) بالرغم من فشلها لظروف خاصة فقد أغنته خبرة واسعة بالأوضاع السياسية السائدة.
لقد مات في مثل هذا اليوم . المصلح الذي واجه الواقع المثقل بالجهل والتخلف والفساد وبسواعد مشمرة وجبين يتطلع إلى النصر ويخطو نحوه بثبات فبدأ بمشروعه الإصلاحي الكبير لمواجهة الأفكار اللقيطة والمناهج الضالة فكان موقفه من الشيوعية ذلك الموقف الواعي الذي لا هوادة فيه. فحطم اركانها وبدد وهم هيبتها بتلك الكلمة الخالدة (الشيوعية كفر وإلحاد)
لقد مات الامام الذي رفض التعامل مع البعثيين فحينما حاول البعثيون بمختلف الأساليب - وأحمد حسن البكر بالخصوص - أنْ يأخذوا اعترافا شرعياً من قِبل المرجعية الدينية بوجودهم، لكنَّ المرجعية رفضت ذلك. وكان المراد من المرجع أن يوافق على استقبال رئيس الجمهورية ولو في بيته؛ ليكون بمثابة اعترافٍ بالنظام.
وفي حديث لشهيد المحراب (قدس) وهو يتحدث عن سيرة والده المعظم الأمام الحكيم (رض) يقول (رحمه الله)
((وفي ليلة من ليالي شهر رمضان، بينما كان الإمام الحكيم في داره، وإذا به يفاجأ بدخول (أحمد حسن البكر) إلى الدار بدون موعدٍ أو إذنٍ سابق، وكان أحمد حسن البكر يريد أنْ يكسب به اعترافا، ولو بهذا الشكل.
ومن هنا نجد أنَّ الصحف الخاضعة لتوجيه الحكومة العفلقية أعلنت - بعد خروج أحمد حسن البكر - من زيارته لدار الإمام الحكيم، بشكل وكأنَّ الإمام الحكيم قد رضي بهذهِ الزيارة، وذكَرَت ضمن مجموعة من الفعاليات التي قام بها، أنَّه قام بزيارةِ النجف الأشرف، وزار الجهة الفلانية والفلانية، وكأنّه ضمن برنامج مشخَّصٍ ومعيَّن. ونجد أيضاً أنَّ المرجعية الدينية وقفت موقف الرافض لمثل هذا الإعلان، وأنا أتذكر أننا بَلّغْنا محافظ كربلاء - وكان النجف الاشرف قضاءاً مِنْ أقضية لواء كربلاء - أنَّ البيانَ إذا لم يُعدَّل بشكلٍ يذكر أنَّ الزيارة كانت بشكل مفاجئ، وبدون قرار سابق، فسوف تضطر المرجعية إلى إعلان تكذيب البيان. واضطر أحمد حسن البكر وأجهزته للرضوخ لهذا التهديد، وأعلن في اليوم الثاني في الجريدة بيان الزيارة بشكل يعبّر عن أَنَّ هذهِ الزيارة كانت بشكل مفاجئ، وبدون قرار سابق. وأَذكر هذا الموضوع كشاهد على التوجيه الذي كانت تعيشهُ المرجعية تجاه حكم العفالقة، وموقفها من حكمهم )).
وبهذه المناسبة .تتقدم هيئة أنصار شهيد المحراب(رض)بأحر التعازي الى الامام صاحب الزمان( أرواحنا لمقدمه الفداء )والى مراجعنا العظام (أعزهم الله )والى بقية السيف المجاهد السيد عبد العزيز الحكيم (سدده الله )والى اسرة الشهادة والفقاهة اسرة آل الحكيم المعظمة والى جميع المؤمنين الموالين لأهل بيت النبوة (عليهم الصلاة والسلام )بمناسبة ذكرى رحيل مرجع الطائفة في عصره. المقدس الامام الحكيم (أعلى الله مقامه الشريف )
ولايسعنا في هذه المناسبة الحزينة على قلوب المؤمنين الا ان نبتهل الى الباري تعالى ان يحشر هذا العلم الطاهر مع أجداده الطاهرين (صلوات الله عليهم )وأن يحفظ مراجعنا العظام وفي مقدمتهم الامام المفدى السيد علي السيستاني (أطال الله في أعمارهم الشريفة )وأن يحفظ قادتنا الكرام لاسيما بن المرجعية البار سماحة حجة الاسلام والمسلمين السيد عبد العزيز الحكيم (نصره الله )وجميع العاملين للاسلام الاصيل .
كما نسئله تعالى .وهو القوي العزيز .أن يحفظ المظلومين من أبناء شعبنا العراقي وان ينتقم من البعثيين والتكفيريين الذين خربوا البلاد وظلموا العباد .
هيئة أنصار شهيد المحراب (رض) فنلندا .
16/4/2007
27/ربيع الاول 1428
https://telegram.me/buratha