بغداد/ اور نيوز
فيما يؤكد خبراء قانونيون وقضاة أن أحدا لا يستطيع الطعن بقرارات المحكمة الاتحادية العليا كون قراراتها ملزمة للجميع، أشار مصدر سياسي رفيع المستوى، رفض الكشف عن اسمه، "إن القضاء العراقي دائما ما يتعرض إلى ضغوطات الحكومة"، موضحا أن المحكمة توسعت في تفسيرها للقرار كثيرا، فالنص الدستوري يتحدث عن دوائر غير مرتبطة بوزارة ولا يتحدث عن هيئات مستقلة كون الأخيرة لها قانون خاص يحكمها.
وأضاف المصدر لوكالة (اور) ان "القضاء العراقي لا يزال على يعمل وفق النهج القديم، الذي يخشى مخالفة توجهات الحكومة"، فضلا عن وجود ضغوطات مباشرة من قبل الساسة من خلال اتصالهم بالقضاة المشرفين على القضية المعروضة أمامهم، معربا عن اعتقاده في أن يكون القرار الأخير المتعلق بربط الهيئات المستقلة برئاسة الوزراء هو الآخر نتيجة ضغوطات سياسية وحكومية على المحكمة الاتحادية.
وكشف المصدر عن ان سلسلة القرارات التي اتخذتها المحكمة الاتحادية منذ مطلع عام 2010 في القضايا التي احالها اليها رئيس الوزراء نوري المالكي، تمت تحت ما اسماه بضغط (رد الجميل)، بعد ان وافق المالكي على منح القضاة راتباً تقاعدياً يوّرث لاسرهم جيلاً بعد جيل، وزعم المصدر ان هذا القرار جاء اكراماً لرئيس مجلس القضاء الاعلى مدحت المحمود، الذي سعى لتأمين مستقبل حفيده الصغير.
ويعتقد المصدر إن على المحكمة الاتحادية العليا، حتى لو صح وحود مثل هكذا قرار، أن تنأى بنفسها عن الخوض في الأمور التي فيها جانب سياسي على اعتبار أنها ليست صاحبة الاختصاص الكامل، وقال أن المحكمة الدستورية التي يفترض أن تشكل للنظر في هذه القضايا هي من المفترض أن تكون صاحبة الاختصاص، مؤكدا أن لجوء المحكمة الاتحادية إلى تفسير النصوص الدستورية خارج صلاحيتها، ويجب أن يكون فيه حذر رغم تخويل القانون لها لحين تشكيل المحكمة الدستورية التي هي صاحبة الاختصاص حتى لا توقع الاتحادية نفسها في إشكالات سياسية.
وكثيراً ما أثارت قرارات المحكمة الاتحادية في العراق جدلا سياسيا وقانونيا قد لا ينتهي الا بتعديل الدستور الدائم. والجدل هذه المرة يخص الهيئات المستقلة بعد ان قضت المحكمة بارتباط هذه الهيئات المشار إليها في الدستور برئاسة الوزراء مباشرة، وليس بمجلس النواب، بناء على خطاب وردها من رئيس الوزراء نوري المالكي يطلب منها فتوى قانونية بشأن الجهة التي ترتبط بها الهيئات المستقلة مثل البنك المركزي وديوان الرقابة المالية، وهيئة الإعلام والاتصالات، والهيئة الوطنية لاجتثاث البعث، التي حلت محلها الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة، والتي لم يحدد الدستور طبيعة علاقتها بمجلس النواب أو بمجلس الوزراء، رغم انه نص على ارتباطها بمجلس النواب.
ووفقا لكتاب المحكمة الاتحادية فان الفقرة الاولى من المادة 80 من الدستور العراقي تنص على أن يمارس مجلس الوزراء أولا تخطيط وتنفيذ السياسة العامة للدولة والخطط العامة والإشراف على عمل الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة. وعليه فان باقي الهيئات المستقلة التي لم يحدد الدستور بنص صريح ارتباطها بمجلس النواب، أو بمجلس الوزراء، وتمارس مهام تنفيذية، فإن مرجعيتها تعود لمجلس الوزراء ويكون لمجلس النواب حق تنفيذ الرقابة على أعمالها، كما قال كتاب المحكمة، مؤكدا أن ارتباط هذه الهيئات بمجلس الوزراء ضروري طالما أن الدستور لم ينص صراحة على ارتباطها بمجلس النواب، وذلك لغلبة الصفة التنفيذية على أعمالها.
ورغم ان الدستور ينص في بابه الرابع الخاص بالهيئات المستقلة على ان يكون عمل الهيئات مستقلا ماليا واداريا الا انها خضعت للمحاصصة السياسية ايضا حالها حال المناصب السياسية والحقائب الوزارية ووكلاء الوزراء، فيما تم تعيين العديد من رؤساء هذه الهيئات بقرارات حكومية خارج اطار البرلمان و بموجب تكليف مجلس الوزراء السابق رئيسه نوري المالكي بهذه المهمة.
لكن مجلس الوزراء الحالي رفض الصلاحيات الحصرية التي كانت ممنوحة للمالكي في الدورة الحكومية الماضية وكانت تتضمن تعيين المديرين العامين وأصحاب الدرجات الخاصة دون الرجوع إلى مجلس الوزراء.
وخلال الدورة الحالية وبعد أن طالب المالكي بإعادة التصويت على تلك الصلاحيات من جديد رفض المجلس ولم يصوت لصالح إعادة التجديد سوى 3 وزراء، وبالتالي، فإن كل التعيينات التي تتعلق الآن بالدرجات الخاصة باتت محصورة في مجلس الوزراء.
وينص الدستور على تشكيل 40 هيئة رسمية تتراوح ارتباطاتها بين مجلس الوزراء والبرلمان اللذين يكونان مسؤولين عن عملها ومراقبة ادائها الا ان العديد من هذه الهيئات لم يخضع لرقابة البرلمان وتم تعيين رؤسائها من قبل رئيس الحكومة مباشرة ما جعلها محل انتقاد العديد من القوى السياسية.
ومن ابرز الهيئات التي تضمنها الدستور هيئة النزاهة والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وهيئة اجتثاث البعث وهيئة الاتصالات والاعلام والمحكمة الاتحادية وهيئة نزاعات الملكية والاوقاف الدينية (السنية والشيعية والمسيحية) وشبكة الاعلام العراقي ومؤسسة الشهداء وغيرها.
وفي الوقت ذاته هناك العديد من الهيئات التي تم تشكيلها خارج الغطاء الدستوري ولم تنل موافقة البرلمان عليها وابرزها قيادة عمليات بغداد ومكتب مكافحة الارهاب المرتبطة برئيس الوزراء مباشرة اضافة الى وزارة الامن الوطني.
https://telegram.me/buratha

