انتقد طلبة ومواطنون الحكومة ووزارة الكهرباء لاستمرار تردي واقع الطاقة لا سيما مع اقتراب امتحانات نصف السنة، وفيما دعوا الى تبني حلول "غير تقليدية" لمعالجة عجز السنوات الماضية طالبوا بالتعاقد مع شركات عالمية لسد حاجة البلاد من الكهرباء.
واتهم مواطنون الحكومات المحلية بانها "لا تبالي" بمعاناة الاهالي، واصفين اصحاب المولدات بـ "الانتهازية" وطالبوا باخضاعهم لرقابة حكومية صارمة.
ويعاني العراق من نقص في الطاقة الكهربائية منذ بداية عام 1990، وازدادت ساعات تقنين التيار الكهربائي بعد عام 2003 في بغداد والمحافظات، بسبب قدم الكثير من المحطات بالإضافة إلى عمليات التخريب التي تعرضت لها المنشآت خلال السنوات الخمس الماضية.
وبحسب احصائيات رسمية فإن العراق ينتج أكثر من 6 آلاف ميغا واط في الوقت الحاضر، في حين يحتاج الى نحو 15 ألف ميغا واط، وتحتاج العاصمة بغداد لوحدها نحو 4 آلاف ميغا واط لكنها لا تحصل الا على ما يزيد على الألف ميغا واط بقليل.
وكانت وزارة الكهرباء أكدت الاسبوع الماضي لـ "العالم" عدم إمكانية تحسين وضع المنظومة الكهربائية، قبل عام 2012، مبينة أن لديها الكثير من المشاريع قيد التنفيذ التي "لن تدخل الخدمة" قبل عامين.
وفي هذا السياق، أبدى طلبة وأولياء أمور، استياءهم من وضع الكهرباء لاسيما مع قرب امتحانات نصف السنة، مقترحين زيادة الاعتماد على المولدات مع فرض رقابة أكثر عليها، أو الاتفاق مع شركات عالمية على تجهيز المحافظات بالطاقة بنحو مباشر، وسط دعوات أخرى لتشجيع الاعتماد على الطاقة الشمسية بنحو جدي والاستعانة بتجارب الدول المتقدمة في هذا المجال.
وينقل علي الساعدي، وهو أب لثلاثة طلبة، معاناة أبنائه بسبب الانقطاع المتكرر والطويل للتيار الكهربائي بنحو "يجعله يخشى على مستقبلهم الدراسي"، ويقول لـ "أصوات العراق"، إن ساعات انقطاع التيار الكهربائي "طويلة جدا بما لا يتيح للطلبة بعامة وقتا ملائما للدراسة لاسيما أن أصحاب المولدات الأهلية يتذرعون بغلاء أسعار الوقود ولا يعملون بانتظام".
ويضيف أن على وزارة الكهرباء "إدراك أهمية مستقبل الطلبة وزيادة ساعات التشغيل خلال أوقات الامتحانات"، متابعا أن وزراء الكهرباء المتعاقبين"يقدمون وعودا وردية للمواطنين بتحسين الطاقة ولا يتمكنون من تطبيقها على الأرض دون أن تلوح في الأفق بارقة أمل حقيقية بهذا الشأن".
وتساءل الساعدي عن "الأسباب الحقيقية التي تمنع الحكومة بعد ثماني سنوات على تغير النظام السابق من النهوض بقطاع الكهرباء لاسيما أن علاقاتها جيدة جدا مع الدول المتقدمة صناعيا"، مقترحا أن "يتم اللجوء إلى حلول غير تقليدية كأن يتم الاتفاق مع شركات عالمية بصورة مباشرة لتوفير الكهرباء من خلال مولدات أو غيرها للمواطنين".
من جهته عد أحمد محسن، وهو طالب في السادس العلمي، توفر الطاقة الكهربائية من "ضروريات الحياة الحديثة ولا يمكن الاستغناء عنها بأي شكل من الأشكال"، ويضيف أن الطلبة "يعانون ظروفا عصيبة في ظل الانقطاع المتواصل للكهرباء".
ويقول إن الكثير من الطلبة "يضطرون في أغلب الأحيان إلى المطالعة ومتابعة دروسهم بواسطة الإنارة البديلة التي هي عبارة عن فوانيس نفطية أو شموع لقتل الظلام". ودعا وزارة الكهرباء إلى "زيادة ساعات التجهيز خلال مدة الامتحانات لما لذلك من أثر ايجابي على مساعي الطلبة ومستقبلهم".
ويقترح مهند حسنين، وهو طالب في السادس الأدبي، أن "تبادر المجالس المحلية في المحافظات لتوفير مولدات كبيرة لتعويض المواطن عن ساعات القطع المتكرر"، مبينا أن من شأن هذا الإجراء "الحد من معاناة المواطنين بعامة والطلبة بخاصة".
ويقول حسنين إن المبالغ المتاحة لمجالس المحافظات "تمكنها من شراء مثل هذه المولدات التي سيكون دورها المهم في تقليل ساعات القطع الكهربائي".
وبشأن أصحاب المولدات الأهلية، يرى حسنين أن غالبية هؤلاء "يعملون على وفق مصالحهم سواء على صعيد ساعات التجهيز أم الأسعار غير عابئين بالناس أو الطلبة"، ويدعو إلى ضرورة "وضع أصحاب المولدات تحت رقابة سواء من وزارة الكهرباء أم المجالس المحلية".
لكن صباح وثيق، وهو أب لطالبتين، يعتقد أن بعض المسؤولين في الحكومة والمجالس المحلية "لا يدركون بما فيه الكفاية هموم الشعب ولا يمتلكون الرؤى الكفيلة بمعالجتها"، بحسب رأيه.
ويضيف "هل يعقل أن بلدا مثل العراق يمتلك مثل هذه القدرات الاقتصادية الهائلة يعجز عن تذليل معضلة شحة الكهرباء التي تنغص حياة الشعب منذ سنوات دون حلول جذرية أو حقيقية"، ويقترح "التعاقد مع شركات عالمية معروفة لتتولى كل واحدة منها تجهيز محافظة معينة بالطاقة الكهربائية بعد أن أظهرت وزارة الكهرباء عجزها عن حل المشكلة".
وتابع أن "المضحك المبكي في الأمر أن بعض مجالس المحافظات ردت جزءا من ميزانياتها دون أن تستثمرها لتنفيذ مشاريع تحسن مستوى حياة مواطنيها وتوفر لهم الخدمات التي تخفف من معاناتهم"، وأردف أن على الحكومة الاتحادية ومجلس النواب "محاسبة مثل هذه المجالس وعزلها لفشلها في مهامها".
ويواصل وثيق، أن وزارة الكهرباء "غير قادرة على زيادة ساعات التجهيز لأسباب عديدة سواء خلال الامتحانات أو بعدها"، ويدعو إلى أن"تبادر المجالس المحلية بتوفير مولدات كبيرة وتوزيعها بين الأحياء، فضلا عن إلزام أصحاب المولدات بضرورة العمل بتوقيتات محددة وتخفيض أسعار خدماتهم شريطة إسنادهم بالوقود والدعم الفني".
المهندس عبد الكريم محمد، من أهالي حي الكرادة وسط بغداد، وأب لطالب جامعي وآخر بالإعدادية، يقترح أن "تعمد الدولة إلى تشجيع استعمال المواطنين للطاقة الشمسية بنحو جدي لاسيما في الإضاءة وتسخين المياه وكما تفعل دول كثيرة للتخفيف من الضغط على الطاقة التقليدية وحفاظا على البيئة"، ويدعو إلى "الاستعانة بخبرات الدول المتقدمة في هذا المجال ومنها ألمانيا وأميركا والصين على سبيل المثال لا الحصر".
https://telegram.me/buratha

