قال الدكتور مهدي الحافظ وزير التخطيط والتعاون الانمائي السابق "ان الارقام التي وردت في موازنة 2011 لا تستند الى معايير مالية او نقدية لأنها ارقام عشوائية، كما ان مراجعة المخصصات المالية للسنوات الاخيرة لا تقدم صورة مشجعة لتطبيق الموازنة الجديدة، والمشكلة كانت ولا تزال تتركز على كيفية ادارة المال العام، وهذا مؤشر يدعو الى القلق"، مشيراً الى انه ليس من السهل ان نتوقع نتائج ايجابية لتطبيق هذه الموازنة في الوقت الذي يعاني العراق من تردي في البيئة الاقتصادية والاجتماعية التي تشكل عاملاً مهماً للتطبيق الصالح.
ولفت الحافظ الى ان ثمة اجماعاً بين العاملين في القطاع الاقتصادي وخبراء الموازنة، على ان الموازنة أهم أداة من أدوات السياسة المالية والاقتصادية، لأنها تقدم روية شاملة لما تسعى الحكومة الى تحقيقه على جميع الأصعدة الاقتصادية والمالية.
وأضاف: ان الوقائع المستقاة من مشروع قانون الموازنة تشير الى ان النفقات التشغيلية تبلغ 64 مليار دينار فيما تبلغ الموازنة الاستثمارية 29 ملياراً، اما مجموع الواردات فتبلغ حوالي 79 مليار دينار، وهي تتوزع بين صادرات النفط البالغة 60 ملياراً اي حوالي 70.1 تريليون دينار عراقي، بالاضافة الي 8.6 تريليون دينار للواردات الاخرى. وبالنسبة الى النفط فقد اعتمد سعر 73 دولاراً للبرميل، اما العجز امقدر فهو 14.28 تريليون دينار.
وعرض الدكتور الحافظ جملة نقاط اهمها ان النفط المستخرج من الحقول النفطية في كردستان العراق يبلغ 150.000 برميل وهو لا يخضع لرقابة الحكومة الاتحادية بصورة واضحة ودقيقة، فضلاً عن ان هنالك مستحقات مالية على اقليم كردستان منذ العام 2004 وحتى 2010، والموازنة تدعو ديوان الرقابة المالية الاتحادية الى التعاون مع ديوان الرقابة المالية في كردستان لايجاد تسوية معينة من شأنها أن تحافظ على الحقوق المالية للدولة وكذلك للاقليم.
وقد تضمنت موازنة 2011 السعي الى استخدام قروض من صندوق النقد الدولي بمقدار 4.5 مليار دولار، وكذلك 2 مليار دولار من البنك الدولي على شكل مشاريع، اذ عّد الحافظ ذلك "نقطة تسجل على معدي المشروع، لأن العراق لا يمكن ان يقع مر ثانية فريسة للالتزامات الدولية سيما وانه ملزم ايضا بتسديد ما يسمى ببقية المبالغ المترتبة للكويت (5٪ من موارد النفط) علما ان العراق قد دفع حتى الآن ما يقارب 21 مليار دولار لهذا البلد، اي ان المجموع الكلي للعقوبات المقررة من مجلس الامن تبلغ حوالي 31 مليار دولار، ولا بد من ان تعالج هذه المسألة بصورة تحفظ مصالح البلدين وتجنب العراق مزيدا من الخسائر".
وأضاف الحافظ "يتضح ان المداولات الاولية على موازنة 2011 أن الكتلة الكردستانية ليست مقتنعة بما ورد فيها في شأن الحسومات المحتملة على المخصصات في حال تعرض الموازنة لأي طارئ، اذ لا يمكن والحال هذه ان تكون كردستان بعيدة او غير متأثرة بالمخاطر التي تتعرض لها الموازنة. واقليم كردستان الذي يتمتع بـ17 في المئة من الانفاق العام، لا يمكن ان يكون في هكذا موقع. فالموازنة الاتحادية موازنة لمجموع البلد والمجتمع وجميع الاقاليم والمحافظات، وما تتعرض له لا بد ان يعكس على جميع هذه الاطراف، وهذا هو الفهم السليم لحقوق والتزامات الجهات المكوونة للكيان المالي والنقدي العراقي".
واشار الحافظ الى ان الموازنة تضمنت استقطاعات على رواتب ومخصصات عدد من المسؤولين الكبار، وهي خطوة جديرة بالاهتمام ومطلوب ان يجري تطبيقها على أوسع نطاق، لافتاً الى "ان التحصيل الضريبي لا يزال يشكل نقطة ضعف في هذه الموازنة، اذ لم تقدم ارقام جدية حول الضرائب المنشودة، وهذا ما يشكل هو الآخر ضعفا واضحا لزيادة موارد الموازنة".
وفي سياق قراءته اشار الحافظ الى الاهمية البالغة لبناء "مؤسسات دولة"، وقال ان هذه شروط لا غنى عنها لنجاح الموازنة وحماية المال العام في وجه الفساد الاداري والمالي. فالموازنة ليست مسألة اقتصادية ومالية، وحسب بل هي شأن سياسي جوهري يتصل بقضايا التنمية الشاملة في البلد، ولا استطيع هنا ان اتجاهل الصلة العضوية القائمة بين سيادة القانون والتمسك بمبدأ المواطن. ذلك ان تجربة السنوات الاخيرة كشفت علي نحو فاضح التهافت على المحاصصة بكل انواعها وجعلها اساسا لتكوين المؤسسات، وليس هنالك اسوأ من الأخذ بهذا المبدأ الذي يحبط فكرة مؤسسات ويشيع ممارسات الفساد بكل اشكاله. وقال اخيراً ان سيادة القانون كانت ولا تزال عنصرا ثابتا من عناصر التطبيق السليم للموازنة وحماية مصالح المجتمع والدولة.
https://telegram.me/buratha

