حذر رئيس مجلس النواب الدكتور اياد السامرائي من ان التراجع في المسيرة الديمقراطية سيضع البلاد امام ازمة كبيرة تفتح باب الفتنة وتسهم بعودة الدكتاتورية وتعزز التدخلات الاقليمية منتقدا الدعوات التي صدرت من بعض السياسيين بضرورة مقاطعة الانتخابات المقبلة وموقفهم من المطالبة بنقض قانون الانتخابات، مبينا ان اغلب المحافظات ـ باستثناء محافظات اقليم كردستان ـ ستفقد عددا من مقاعدها ما قد يقلص عدد مقاعد البرلمان المقبل من 323 مقعدا الى 315 مقعداً.
وابدى السامرائي في حوار مع "الصباح" مخاوفه من اي نقض جديد من قبل نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي لقانون الانتخابات كونه قد يؤدي الى تعقيدات اشد واصعب بعد التمكن من الحصول على تعديل يضمن الحد الادنى من الحقوق، رغم ان القانون بوضعه الحالي بالنسبة لبعض المحافظات اقل تحقيقا لطموحاتها، مطالبا رئاسة الجمهورية بحماية الدستور وملء الفراغ الدستوري الذي سيتركه انتهاء الدورة النيابية في 15 اذار من العام المقبل. وفي ما يلي نص الحوار: * شهدت الجلسة المخصصة للتصويت على تعديلات قانون الانتخابات البرلمانية جدلا وسجالا كبيرين أديا الى انسحاب عدد من النواب، ماهو تقييمكم لما جرى في تلك الجلسة، وهل كان انسحاب بعض النواب خيارا صحيحا؟ـ جلسة البرلمان شهدت بالفعل اضطرابا بين النواب بشأن كيفية عرض المقترحات وكان موقفنا هو ان يكون التعديل توافقيا وبذلنا جهودا لتحقيق هذا التوافق بعد نقض القانون وكما تأخرنا شهرين للتوصل الى قانون متوافق عليه بين الكتل السياسية التي وافقت على ان يطرح القانون بهذه الصورة وابدت التزامها بنتائج التصويت، وعملنا على تطبيق ذات المبدأ بعد اعتراض نائب الرئيس طارق الهاشمي ومحاولة التوصل الى توافق سياسي للتعامل مع النقض ولما لم تكن هناك امكانية تقديم مقترح واحد قدم اكثر من خيار وطلبنا من اللجنة القانونية اخذ المقترحين والتصويت عليهما في الجلسة لكن بعض النواب اثار مسألة انه قبل المضي بالتصويت على احد الخيارين لابد من البت بموضوع النقض وقبوله وهذا آثار اشكالاً بين مؤيد ومعارض لهذا النقض، وسعينا الى صيغة تؤمن الاستجابة للمعترضين، اذ جرى خلال الجلسة حوار بعدم الاعتراض على مبدأ التصويت لنقض الرئاسة امام المجموعة التي تصر على التصويت على النقض وخروجها من القاعة وبالتالي اردنا التعامل ليس بصيغة النصاب الذي كان متوفرا رغم انسحاب بعض الكتل وانما بالتوافق وبعد ضغوط تمت الاستجابة لمطلب المنسحبين، ودعوناهم الى دخول القاعة الا انهم رفضوا رغم الاستجابة لمطالب التصويت لنقض الرئاسة وعرض الخيارات على البرلمان، كما ان تقرير اللجنة القانونية لم يواجه بأي اعتراض من قبل الكتل كونه تم توزيعه بوقت سابق واعطيت للمعترضين فرصة اكثر من ساعة لبحث المقترحات، ووقعنا اثر ذلك بمشكلة كونهم لا يعرفون ماذا يريدون فالبعض تحدث عن امكانية التأجيل والتعويل على قبول سحب الهاشمي لنقضه اثر الرسالة التي وقعت عليها الاطراف السياسية باستثناء التحالف الكردستاني، الا ان اليوم التالي وبعدما اخرنا الجلسة بعض الوقت وصلت رسالة نائب الرئيس دون الاشارة الى سحبه النقض والتأكيد على الاستمرار بموقفه من النقض للمادة الاولى والثالثة، وانا شخصيا بالاضافة الى بعض نواب التوافق طالبنا الهاشمي بسحب النقض وعرضنا الاخطار الموجودة في عدم سحب النقض، وان البديل لن يكون افضل من القانون الحالي وبالتالي لم يلح في الافق ما يشير الى وجود اتجاه لسحب النقض رغم الالتماس الموجه من 12 كتلة برلمانية، وقد اخبرنا المنسحبين: ان موقفكم لم يخل بالنصاب البالغ 156 نائبا، بيد انهم اصروا على اجراء التصويت ونحن حاولنا اتخاذ الفرصة الاكبر لمعالجة هذا الموضوع، وبالتالي فان جميع المساعي جوبهت بحالة من التصلب رغم المرونة التي ابديت في هذا الاطار . * لكن التصريحات التي خرجت تحدثت عن عدم دستورية التصويت واثارت انتقادات وجهت لرئاسة البرلمان بشأن ادارة الجلسة، ماهو مغزى هذه المواقف؟ ـ هذا تعبير عن عدم القدرة على تقدير الموقف بشكل سليم فمثلا مسألة كركوك في قانون الانتخابات كانت صفقة متميزة تمثلت بتثبيت اعتماد البطاقة التموينية لعام 2009 رغم رفض العرب هذه النقطة، الا انه تم اعطاؤهم مكسبا اخر تمثل بلجنة تدقيق واعتبار ان الاحصاءات لا تمثل اساساً لأي انتخابات مقبلة واكدنا الوضع الخاص للمدينة واعطيناهم مكسبا فسجلات 2009 تخدم العرب في نينوى رغم انها لا تخدمهم في كركوك وعندما احتج الكرد على حصة محافظة نينوى اخبرناهم بان المعادلة هكذا هي وبالتالي رضي الكرد على مضض وتعرضوا للانتقاد الشديد من جمهورهم باعتبار ان القانون لم يضف مقاعد للمحافظات الكردية، واعطى عددا كبيرا لمقاعد نينوى وعندما جاء النقض اعطى الافادة للكرد ومن هنا فالنواب لم يكونوا مستوعبين بشكل كامل للقانون بما فيه من سلبيات وايجابيات وتم بناء موقف بشأن عراقيي الخارج التي لا تمثل مقاعدهم شيئا بالمقارنة مع مقاعد الموصل فمقاعد الخارج يشترك بها الجميع، خاصة انها لا تقتصر على مكون على حساب مكون اخر، كما ان المفوضية ستبحث وتستند على معلومات دقيقة لا على تقارير اعلامية واثبات ان العراقي المقيم في الخارج ليس زائرا وانما مهجرا وبالتالي فان وجود عشرات الالاف من العراقيين في سوريا والاردن يقابله الالاف من العراقيين في اوروبا ومعظمهم من الكرد وجنوب العراق، كما هو الحال في ايران التي يتواجد فيها العراقيون وبالتالي فمسألة عراقيي الخارج متوازنة بين الكتل السياسية وهي قضية لا تعول عليها أية كتلة سياسية في تغيير نتائج الانتخابات لصالحها، والمفارقة ان بعض النواب دفعوا نائب رئيس الجمهورية الى النقض وبعدها شعروا بخطأ الموقف وانتبهوا لما جرى بوقت متأخر وعبروا عن فشلهم بحملات اعلامية مضطربة وتصعيد لوتيرة الاتهامات التي لا اساس لها من المصداقية.* وهل تعتقد ان مسألة استمرار النقض ستضع البلاد امام فراغ دستوري ؟ـ ان مسؤولية رئاسة الجمهورية اكبر من القانون وهي مسؤولة عن حماية الدستور فدور البرلمان سينتهي يوم 15 اذار المقبل والانتخابات لن تكون قبل نهاية شهر شباط او بداية اذار وستمتد اذا ما نقض القانون مجددا الى نهاية شهر اذار، وستكون هناك مخاطر لان هناك جملة اجراءات لا يمكن اختزالها من قبل المفوضية التي ستبدأ من الصفر، فرئاسة الجمهورية امام مأزق تاريخي وعليها ان تبحث عن حل لمأزق الفراغ الدستوري في حال توقف مجلس النواب عن العمل واستمرار السلطة التنفيذية بعملها دون رقيب ما يفرض عليها ان تكون واعية لما تقوم به من مهام وبالتالي فالسؤال المطروح الذي لابد من ان تجيب عليه هيئة رئاسة الجمهورية هو:، ما هو الوضع الذي سيكون عليه البلد بعد انتهاء دوره في منتصف اذار من العام المقبل؟ فالبرلمان ادى واجبه الرقابي بشكل جيد، حتى في معالجة قضية كركوك بقانون الانتخابات التشريعية، حيث تمكنت الكتل النيابية من التوصل الى حل مقبول.* كيف تنظرون الى اصل النقض الذي قام به الهاشمي، وفي حال النقض مجددا هل يملك البرلمان بدائل جديدة لمعالجة قانون الانتخابات ؟ ـ النقض حق دستوري وارفض اي موقف يعترض على حق رئيس الجمهورية ونوابه في النقض، لكن مثل هذا القانون الذي يمثل اهمية كبرى، لاسيما مع الصعوبات التي اعترضت اقراره كان من ضمن السياق الطبيعي ان يكون هناك تشاور بين الرئاسة والبرلمان بشأن الاعتراض على اي قانون من خلال لقاء اللجنة المعنية بعضو مجلس الرئاسة، او ان يتم التفاهم على صيغة معينة والدستور يسمح للرئاسة بسحب النقض، وانا التقيت بنائب الرئيس طارق الهاشمي قبل الرسالة التي وجهت له من قبــل مجلس النواب ودعوته الى عدم نقض القــانون لان القانون ليس بذلك السوء والجوانـب السلبية يمكن معالجتها مستقبلا كوننا ننظر بالمعيار الوطني العام ومدى افادة العراقيين بكل مكوناتهم، كما اخبرته ان نقض القانون سيفتح باباً واسعاً امام نقاش اخر وتعديلات جديدة، وان هذا القانون يمثل مكسبا للعراقيين وبامكان رئاسة الجمهورية ارسال التعديلات عليه، الا ان نائب الرئيس كان له رأي يقول: "من يضمن التعديل؟"، لكن وبعد ارسال رسالة الكتل النيابية التي لم تحظ بالاستجابة كان الوقت قد استنفذ وحصل ما حصل وفتح الباب في اطار المادتين المنقوضتين ومن هنا فان المشاورات لم تتم بالشكل الامثل وتراجع النواب المتفاعلون مع النقض عن مواقفهم، ما يظهر تناقضا في الموقف المعتمد من قبلهم، اما عن الخيارات فأخشى ان يجري النقض مجددا ويأتي بتعقيدات اشد، خاصة اننا استطعنا ان ننجح بتعديل يضمن الحد الادنى من الحقوق واذا حصل النقض مرة اخرى ستكون المهمة اصعب وقد يأتي ما هو اسوأ، رغم ان القانون بوضعه الحالي بالنسبة للمحافظات (العربية) اقل تحقيقا لطموحاتها.*بدأت بعض الشخصيات السياسية التلويح بمقاطعة محافظات معينة للانتخابات التشريعية المقبلة، ماهو موقفكم من تلك الدعوات ؟ ـ لا اتوقع المقاطعة لان نسبة الضرر في مقاعد المحافظات التي تلوح بهذا الامر محدودة جدا فنينوى مثلا وحسب المؤشرات الاولية ستفقد 3 مقاعد وكركوك مقعدين مع ازدياد عدد مقاعد السليمانية مقعدين وبشكل عام فان اغلب المحافظات الجنوبية فقدت ايضا عددا من مقاعدها وبالتالي فمن المحتمل ان يصل عدد مقاعد البرلمان الى 315 مقعدا بدلا من 323 مقعدا، لكن وللاسف فان بعض الساسة يؤججون الشارع باتجاه خاطئ ويدفعون به لمواقف ستكون اثارها سلبية فمن يريد المقاطعة من السياسيين عليه ان ينسحب لا ان يدفع الاخرين الى عدم المشاركة من اجل ان يستثمر الامر لصالح جمهوره ولصالحه.*ماذا عن انتخابات عراقيي الخارج والطريقة التي ستجرى وفقها؟ـ ان تصويت ناخبي الخارج يحتاج الى مقدار كبير من الضبط والنزاهة والمفوضية تعمل بهذا الاتجاه، والزمنا المفوضية بان تشمل تصويت عراقيي الخارج باحكام التصويت الخاص واجراء تدقيق للناخبين ووضعهم القانوني والوثائق المقدمة من قبلهم، اضافة الى ان صناديق الانتخابات ستأتي الى بغداد لفرزها والتأكد من الوثائق الثبوتية لهؤلاء المصوتين. *في ظل الوضع السياسي الحالي كيف تنظرون الى ما تحمله المرحلة المقبلة من تطورات، خصوصا مع قرب الاستحقاق الانتخابي ؟ـ على العراقيين ان يضعوا امامهم ان هذه الانتخابات مهمة جدا ومطلوب من الجميع المشاركة فيها وعدم التفريط بحقهم في الانتخاب ولابد من الاصرار على مواصلة المسيرة الديمقراطية وحق الجميع بالانتخاب كــي نتمكن من اصلاح الاوضاع وتحسينها بالشكل الامثل، اذ ان أي تراجع سيضع البلاد امام ازمة كبيرة تفتح الباب امام الفتنة وتسهم بعودة الدكـــتاتورية وتساعد على التدخلات الاقليمية ومن الضروري عدم انسياق المواطن العراقي وراء ما يمارسه السياسي من تهييج للشارع، لاسيما مع قرب الانتخابات وما ستشهده الساحة من تنافس انتخــابي يصل الى حد التلفيق وقلب الحقائق، لكننا متأكدون من وعي العراقيين لما يجري حولهم.
https://telegram.me/buratha