أجرى الحوار: نائب رئيس التحرير وكالة (سرا) ميثم العطواني
يعد التهريب بمختلف أنواعه شكل من أشكال التخريب الذي يستهدف تدمير اقتصاد البلد على وجه العموم وخلق أزمة في المشتقات النفطية على وجه الخصوص التي يصل تأثيرها لمستوى تذمر المواطن.. لذا ولأهمية الموضوع القصوى قصدنا مكتب السيد ماجد حمادي الساعدي مدير الأمن والمعلومات في وزارة النفط ليتفضل علينا مشكورا بالإجابة على محاورنا للخوض في موضوع يعده الأغلبية غاية في الخطورة، فتوجهنا لشخصه بالسؤال:* ما هي نظرتكم للواقع الأمني الخاص بوزارتكم؟- الجهات المعنية بهذا الواجب بشكل أساس مكتب المفتش العام ومديرية المعلومات والتحقيقات الوطنية للنفط وشرطة النفط وأحيانا يكون تنسيق بين الجهات الثلاث لمعالجة كثير من الأمور والحمد لله النتيجة شبه مرضية.. ونحن بدورنا توصلنا إلى كشف الكثير من المخربين والعصابات ومعالجة الموقف من خلال الجهات الرسمية وتم اللقاء القبض عليهم والتحقيق معهم واعترافهم على عناصر آخرين متورطين معهم، وركزنا كمكتب معلومات على مكافحة التهريب وتوصلنا في المنطقة الجنوبية الى نتائج مرضية بعكس المنطقة الشمالية التي كشفنا فيها الكثير من الأمور ولم يتم معالجتها...* عذرا للمقاطعة لكن ما هي الأسباب التي تؤدي الى عدم المعالجة في المناطق الشمالية على وجه التحديد؟- نعم، الوضع الأمني في المنطقة الشمالية ليس كالوضع الأمني بالمنطقة الجنوبية حيث أذهب شخصيا وأقضي ليالي وأيام في الصحراء وتحديدا بين محافظة الناصرية والبصرة والناصرية والسماوة لغرض مكافحة التهريب والسبب في ذلك وببساطة شديدة أن الناس هنالك متعاونون جدا وبإمكاننا التواجد في أي وقت نريد فضلا عن أن القوات المسلحة الموجودة في المنطقة الجنوبية متعاونة هي الأخرى وتكون حاضرة في أي وقت نطلبها وفي أي مكان وتتوجه إلينا وفق الضوابط والقوانين، وبهذا استطعنا أن نحقق نتائج مرضية في المنطقة الجنوبية وحالة التعاون هذه لا توجد في المنطقة الشمالية كذلك الإرهاب المعشعش في الكثير من تلك المناطق، ناهيك عن التطرق الى تواطؤ بعض ضباط وزارة الدفاع مع المهربين ولدينا أضابير تثبت ذلك، وعلى الرغم من اننا قمنا بدورنا وأخبرنا بها وزارة الدفاع رسميا كننا لم نستلم أي رد بصددها منذ مدة طويلة.* كيف تقيمون حملات مطاردة مهربين المشتقات النفطية؟ وهل تعدونها في تراجع أم انخفاض نسب معدلات التهريب؟ - أود القول أن لكل مسؤول خطة وطريقة بالعمل وأنا أعطي الأولوية لمكافحة التهريب ومخصص لها جزء كبير من وقتي كونها قضية مؤثرة على اقتصاد البلد، وكنا قد عالجنا هذا الموضوع وحددنا وحصرنا المتجاوزين والمتسببين والمخربين واستطعنا إلقاء القبض عليهم بالتعاون مع الأجهزة الأمنية حيث ثبت تورط بعض منتسبي شرطة النفط مع الزمر الضالة وتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم ووصلت العقوبات الى بعضهم بالسجن لمدة (15) سنة وهناك شخص ينتسب الى شرطة النفط وأنا أطلق عليه لقب شيخ المهربين قد نال جزاءه العادل وحكم عليه القضاء العراقي (15) سنة سجن وهو يستحق ذلك.* يشاع بوجود تنسيق بين بعض ضعفاء النفوس من منتسبي وزارة الكهرباء والزمر المهربة لسرقة الوقود لاسيما مادة زيت الغاز (الكاز) فماذا تقولون بصدد ذلك؟ - نعم نحن بالنسبة لنا اكتشفنا سرقات تحصل في الحصص المحددة والمعينة الى وزارة الكهرباء سواء كانت بمادة (الكاز) او (النفط الأسود) ولدينا أدلة قطعية بهذه القضية وأدلة ثبوتية، وهناك موضوع آخر بغاية الأهمية أحب للتطرق اليه وهو تعاقد احد المسئولين في وزارة الكهرباء مع بعض المهربين لتزويدهم بكميات من النفط الأسود، وهذه الملفات موجودة لدينا ورفعنا نسخة منها الى البرلمان، وجميع الأدلة فيها موجودة كاملة حتى نسخة من العقد المبرم بين المسؤول في وزارة الكهرباء والطرف الآخر المهربين، وأنا مطمئن وعلى ثقة كاملة بأن وزير الكهرباء على علم واطلاع بهذه القضية.. أضف الى ذلك باعتبار التهريب صفحة ثانية من صفحات الإرهاب ويعد الداعم الرئيس والأساس للإرهاب لذا وبدورنا رفعنا كافة الأوليات لجهاز مكافحة الإرهاب وبحسب علمي ان جهاز مكافحة الإرهاب لديه إجراءات في هذا الموضوع إضافة الى هذا أن الجهاز لديه معالجة مستقبلية، ففي المستقبل القريب سنشهد معالجة بعض الأمور، علما إننا لدينا تنسيق مع مديرية مكافحة الجريمة الاقتصادية وأن مديرها متعاون جدا معنا بهذا المجال وأن بعض ضباط المديرية لمسنا أن لديهم الروح الوطنية والهمة العالية والإخلاص والنزاهة وتعاونوا معنا بشكل كبير وكانوا مرافقين لنا بصولاتنا على المهربين وأصحاب الشركات الوهمية وهؤلاء الضباط لم يترددوا أبدا ولكن هذا لا يعني أن جميع الضباط في تلك المديرية بنفس الأداء والمستوى وتفاجئنا عندما عرفنا أن البعض منهم يقوم بالتعاون مع المهربين بإفشاء المعلومات وكانت الصدمة بالنسبة لنا كبيرة عندما ذهبنا إلى محافظة البصرة لشن حملة لاعتقال المهربين وتفاجئنا بهروبهم قبل وصولنا وبنفس اليوم حيث لم نعثر على واحد ممن وردت بحقهم مذكرات اعتقال، وبعد انسحابنا إلى بغداد كي يطمئنون ويعودون إلى مناطق سكناهم، وفعلا تم ذلك وبعد مرور شهر كامل توجهنا من بغداد إلى البصرة برفقة ضباط من مديرية الجريمة الاقتصادية، ولكن ونحن في الطريق وعلى وجه التحديد في منطقة الصويرة أتصل بي مصدرنا وقال لي نصا هل أنتم في الطريق متوجهين إلى البصرة؟ فأجبته نعم.. ثم أردف القول هل بصحبتك الضابط فلان وفلان؟ فأجبته نعم، لماذا.. فأجابني أن الأهداف المقصودة بإلقاء القبض وصلهم خبر بأنكم متوجهين وبرفقة الضباط المذكورين المنتسبين الى مديرية الجريمة الاقتصادية لإلقاء القبض عليهم وهربوا بعد تلقيهم الاتصال فورا، علما أن الضباط الذين كانوا معي تأثروا لإفشاء المعلومات وتسريبها والتنسيق مع المهربين، لكن والحمد لله بعد أن تم إلقاء القبض على احد المهربين في بغداد بعد إن هرب من محافظة البصرة حققنا معه وسألناه على وجه التحديد عن الشخص الذي كان يسرب المعلومات لهم فأخبرنا نصا وبالاسم أنه الرائد (.............) الذي يعد من أكفأ الضباط في مديرية مكافحة الجريمة الاقتصادية!!.* هنالك بعض الشركات الوهمية المتعاقدة مع الشركة العامة للمنتجات النفطية.. كيف تتعاملون مع تلك الشركات؟ وهل هنالك مسؤولين متورطين بمثل هذه الأنشطة؟- أن هذه القضية واضحة جدا وكثير من مسؤولي الدولة لديهم اطلاع بتفاصيلها وأستطيع القول بأن الدولة بصورة عامة تعرف موضوع شركة (بدر الجنوب) وهذا الموضوع أخبر جنابكم به بالتفاصيل الدقيقة حيث أنه في نهاية عام (2006) جاءت أحدى الشركات لنقل المشتقات النفطية وتعاقدت بشكل أصولي مع شركة توزيع المنتجات النفطية لنقل المشتقات النفطية من البصرة الى محافظات الوسط والعاصمة بغداد، وبعد مرور فترة تم اختفاء هذه الشركة حيث ذهبنا الى محافظة البصرة للتحقيق بالموضوع وبرفقة ضباط من وزارة الداخلية لمحاولة كشف خيوط هذه الشركة إلا إننا اصطدمنا بواقع مرير وصعب جدا بعد إن كشفنا أن جميع الأوراق الثبوتية المقدمة من الشركة مزورة ولا صحة لأولياتها ابتداءا من المستمسكات الشخصية للعاملين فيها وحتى شهادة الشركة وأوراق الصهاريج الناقلة، وكان حينها الظرف الأمني سيء للغاية إذ اضطررنا للعودة الى بغداد، كان هذا في شهر آذار من عام (2007) وبقيتُ أتابع القضية شخصيا حتى حصلت على معلومات دقيقة عن أفراد هذه الشركة الوهمية بأسمائهم وعناوينهم الدقيقة وأرقام هواتفهم النقالة، وبتعاون من قاضي مكافحة الجريمة الاقتصادية تم إصدار مذكرات إلقاء القبض وتوجهنا الى محافظة البصرة وبدأنا المداهمات وكانت من أولوياتنا إلقاء القبض على المدير المفوض للشركة لأنه من الناحية القانونية هو المسؤول عن الشركة واعترافاته تكون مهمة في آلية سير التحقيق، وكنا حينها نلتقي ببعض العاملين في الشركة بصفة مواطنين وليس كجهاز أمني ولم نقوم ساعتها بإلقاء القبض عليهم حرصا منا بالتخطيط لإلقاء القبض على المدير المفوض، ولكن بعد أن تمكنا من تحقيق هدفنا بإلقاء القبض على المدير المفوض تمكن بعض العاملين في الشركة من الهرب حيث تم اللقاء القبض على شخص كان مع المدير المفوض تبين فيما بعد انه صاحب شركة وهمية متعاقد مع وزارة التجارة لنقل موادها وقام بسرقتها وأصدرت مذكرة إلقاء قبض بحقه في عام (2006) ولم يتخذ بحقه أي إجراء ولم تطبق عليه مذكرة الاعتقال على الرغم من انه يعيش بصورة طبيعية ويسكن داره التي تعد من أضخم الدور في محافظة البصرة ولديه علاقات متشعبة وواسعة مع الأجهزة الأمنية في محافظة البصرة.. وكانوا متنفذين بحيث عندما القينا القبض عليه كان يضحك ومستهزئ بالموضوع ولم يبال لعملية الاعتقال لتنسيقه مع الأجهزة الأمنية في المحافظة، وعندما نقلناه والآخرين المخفورين معه وفي أثناء الطريق للعودة الى بغداد أخذ يبكي بصوت مرتفع ويقول نصا (إنني الآن أيقنت بأنني معتقل وكنت أتوقع لم يجرؤ أحد على اعتقالي".هنالك جانب آخر بالموضوع أود التحدث به وإعلامكم بصدد الإجراءات التي يكون لها انعكاسات سلبية على سير آلية العمل ومنها مثلا أن موضوع معين تم تحديده وحصلنا على الموافقات القضائية بالتحرك عليه ولكن بعد مضي أسبوع من التكليف بالقضية تجد أن القاضي قد أستبدل بقاضي آخر وعندما نذهب لتنفيذ الواجب وتحقيق الهدف المنشود نتفاجأ بوجود قاضي تحقيق جديد وهذا يعني وجود إضبارة عندما تصبح فيها الأدلة بأربعة أقسام وبتعاقب على متابعتها أربعة قضاة تحقيق فذلك ينعكس سلبا لأنه لا يكون لديهم الإلمام الكامل بالقضية وبكافة تفاصيلها مثل القاضي الذي بدأ بمتابعتها حيث يعرف كافة تفاصيلها من البداية وحتى النهاية.. ولذلك بدورنا استنجدنا بهيئة النزاهة لنقل موضوع الشركة الوهمية (بدر الجنوب) اليهم لتتولى هيئة النزاهة البت القضائي بالقضية لأن الموقوفين ومن خلال علاقاتهم أرادوا نقل القضية الى محافظة البصرة ليصعب علينا متابعتها
علما أن شركة بدر الجنوب ولدت من شركة وهمية أيضا تعاقدت مع الشركة العامة لتوزيع المنتجات النفطية عام (2005) واختفت بعد سرقتها (112) صهريجا ولم تستطع العودة باسمها السابق فدخلت شركة التوزيع مرة أخرى باسم شركة بدر الجنوب التي عاودت سرقة (92) صهريجا مرة أخرى وبهذا تصل معدلات السرقات الى ملايين الدولارات.*كيف تقيمون الوضع الأمني للقطاع النفطي في المنطقة الجنوبية؟- الواقع النفطي يشمل عملية الاستخراج والمصافي والتوزيع، بالنسبة للاستخراج لا توجد أي عوائق أمنية سوى طبيعة الأرض وأحيانا تكون الأرض ملغومة مما يصعب الوصول للمواقع النفطية وعدا ذلك لا توجد مشكلة، وكذلك الحال بالنسبة للمصافي، ولكن المشكلة تكمن في قطاع التوزيع لأن السرقات التي تحدث في وزارة النفط تكون دائما في قطاع التوزيع وهذا ما مشخص لدينا بالفعل.
وفي ختام الحديث لا يسعنا إلا أن نتوجه بالشكر والتقدير الى السيد ماجد حمادي الساعدي مدير الأمن والمعلومات في وزارة النفط لسعة صدره واستفاضته بالإجابة المفصلة التي كانت في قمة الجرأة والمصداقية لكشف معلومات خطيرة تهم أمن العراق الوطني، ونشد على يد كل مسؤول في الدولة العراقية له القدرة في رفع الحيف عن المواطن العراقي ودفع عجلة تقدمه إلى الأمام وكشف المفسدين بجرأة ومصداقية دون تسويف للحقائق، وفي ختام اللقاء، ندعو كل الجهات الأمنية والمسؤولة والدوائر ذات العلاقة ان يكونوا عين العراق التي لا تنام ويده الضاربة على أكف المفسدين والظالمين، ونضع هذا اللقاء أمام الجميع ابتداءً من المسؤول حتى أبسط المواطنين ليكونوا على إطلاع تام بما يجري خلف كواليس بعض المناصب الحساسة إيمانا منا بأن (الحق يعلو ولا يُعلى عليه)، ولابد ان تنتفض الضمائر الحية في عراقنا الحبيب الذي لازال ينزف الجراء، منادين كل المسؤولين في الدولة العراقية من دون استثناء لإيجاد الحلول الناجعة والجادة لضرب يد الإرهاب بكل صوره وأشكاله وصفحاته بيد من حديد.
وكالة سرا
https://telegram.me/buratha