تباين كبير بين الأرقام العراقية والأميركية
وعلى الرغم من ذلك، فإن النسبة التي تعرضها الحكومة في تقريرها هذا تختلف جذريا عن الأرقام التي تعرضها التقارير الأميركية حيث كشف تقرير لمكتب المحاسبة الأميركي مؤخرا عن أن الحكومة العراقية لم تصرف سوى مبلغ هزيل لم يتجاوز سبعة بالمئة من الميزانية المخصصة للإعمار سنة 2007 حتى شهر نوفمبر/ تشرين الثاني.
ولفت التقرير الحكومي إلى أن جهودا تبذل بتوجيه من رئيس الوزراء نوري المالكي لتسريع الاستفادة من التخصيصات المالية، لخلق فرص عمل جديدة وتحسين البنى التحية للاقتصاد، ومن ثم رفع مستوى معيشة المواطن، موضحا أن الجهود الحالية تنصب على تبسيط إجراءات التعاقد وفتح الاعتمادات المصرفية ومنح الجهات المتعاقدة درجة عالية من الصلاحيات.
وقد رأى التقرير الذي أعدته هيئة المستشارين في مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي أن عوامل كثيرة عرقلت تنفيذ المشاريع، منها غياب الأمن وسيادة القانون، وغياب المناخ الاستثماري، وعدم تهيئة الموقع في الوقت المناسب، وعدم تحديد مدة للفتح وتحليل العطاءات وإحالة العقود، وغياب كشف متكامل بالعمل، والتأخر في قرارات البت في أوامر التغيير ومدة الإحالة، والتخوف من اتخاذ قرار الإحالة، وكفاءة الإشراف على المشاريع، وعدم استكمال أعداد الخرائط.
الروتين والمركزية يعيقان صرف الميزانية
وفضلا عن ذلك، رصد التقريرعوامل أخرى، أوضحها بالقول:"شكلت إجراءات الروتين والمركزية عوائق وهي في الوقت الحالي لا تضاهي فوائدها الكلفة والخسائر الاجتماعية والاقتصادية التي تنجم عنها. إن اصلاحها يتطلب تقليص المركزية، وإعطاء جهات التنفيذ صلاحيات أكبر، وتبسيط إجراءات التعاقد (تعاقد مباشر أو شراء مباشر) وإنهاء احتكار المصرف التجاري العراقي لفتح الاعتمادات".ومضى التقرير الحكومي إلى القول إن تأخر حصول موافقات اللجنة الاقتصادية وتعليمات العقود، وإجراءات وزارتي التخطيط والمالية يقف عائقا من دون سرعة التنفيذ.
ووضع التقرير بعض اللوم على نقص الكفاءة المطلوبة لدى العاملين في الوزارات المختلفة، موضحا أن "غالبا ما يعتقد موظفو المؤسسات (الجهة المتعاقدة) أن دورهم ينتهي بمجرد إبرام التعاقد مع المقاولين، في حين أن دورهم وعملهم الحقيقي يبدأ عندما يبدأ المقاول بتنفيذ عمله".
وخرج التقرير بحزمة من التوصيات منها ضرورة الاعتماد على جهة مستقلة في تقييم الأداء (غير الجهة المستفيدة)، وأهمية عدم الاكتفاء بالصرف في تحديد نسب التنفيذ، بل عوامل فنية حقيقية، وضرورة العمل على خلق الظروف المناسبة والمشجعة لاستقطاب المقاولين الأكفاء، "وهذا ما يجب أن تعمل عليه هيئة الاستثمار".
وأوصى التقرير أيضا بمنح الصلاحيات للوزارات أو ما شابهها للتعاقد والشراء المباشر للمستلزمات بعيدا عن استحصال موافقات من دوائر أخرى،ـ ولا سيما للعقود الصغيرة، ووضع ضوابط من شأنها عدم استلام طلبات التخصيصات المالية غير المتكاملة، ووضع سقف زمني لمعاملات الصرف من وزارة المالية، وكذلك تسهيل فتح الاعتمادات المصرفية، مشيرا إلى أن المصرف التجاري يمارس دورا احتكاريا لفتح الاعتمادات.
البصري يرد على تقرير GAO
وقد شدد مستشار المالكي للشؤون الاقتصادية الدكتور كمال البصري وهو أحد كاتبي هذا التقريرعلى أنه أطلع الخبراء الأميركيين على تقريره ولم يعترضوا على نتائجه، وبشأن لتعارض بين تقريره وتقرير مكتب المحاسبة الأميركي اكد البصري بالقول إن الحكومة العراقية تستطيع أن تدافع بسهولة عن أرقامها.
غير أن البصري أكد أن وزارة التربية العراقية تعد من أكثر الوزرات العراقية اخفاقا في تنفيذ المشاريع على الرغم من رصد المبالغ اللازمة لتنفيذ المشاريع الاستثمارية.
وقد علق الخبير العراقي في الشؤون الاقتصادية غالب العاقولي على تضارب الأرقام بين الجانبين العراقي والأميركي قائلا إنه يشكك بأرقام الجانبين، لأنها مسرفة في التفاؤل من الطرف العراقي، ومسرفة في التشاؤم من الطرف الأميركي.
وتحدث العاقولي بمرارة عن تأخر مشاريع بسيطة لأشهر طويلة كالحفريات التي ما زالت مستمرة منذ منتصف الشهر الماضي في شارع السعدون، بسبب غياب الرقابة على المتعاقدين، وذلك على الرغم من التحسن الأمني النسبي، لافتا إلى أن مجلس النواب العراقي لا يستطيع محاسبة الوزراء المقصرين في أدائهم.
https://telegram.me/buratha