عزا رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني، ما يشهده العراق من اوضاع امنية واقتصادية الى "السياسيات التي مارستها الحكومات المتعاقبة منذ التغيير 2003 وتخلي البعض عن البرامج التي كانت هي اساس التغيير".
وقال بارزاني، في كلمته خلال حفل تأبيني أقيم بمكتب رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي السيد عمار الحكيم، ببغداد اليوم في الذكرى الـ12 لاستشهاد السيد محمد باقر الحكيم، والقها نيابة عنه مستشاره فخري كريم، ان "منذ انزياح سلطة الاستبداد عام 2003 والعراق اصبح موضوعا للتدمير وشعبنا هدفا للاستهداف من قبل قطعان الارهاب التكفيري، باختلاف الشعارات والقوى التي انضرت من امكانية التحول الديمقراطي وبغض النظر عن الاخطاء التي لازمت عملية الانتقال والتعقيدات التي رافقتها ان لجأت الادوات والاساليب والتدابير غير الحكيمة فان ما جرى لا يمكن عزله عن ممهداته التاريخية المرتبطة بسياسة القمع الشامل التي اعتمدتها الدكتاتورية وتصفية الحياة السياسية بإفراغها من قواها الاجتماعية والحزبية الحية وتكريس سلطة الحزب الواحد وان كان شكليا والفرد المهيمن وممارسة اشد الاساليب القمعية بما انطوت عليه من تصفيات جسدية وعسكرة للمجتمع الدولة وتعريب وتغيير سكاني وتشويه للقيم والمثل العليا".
واضاف ان "هذا التوصيف لا يكفي دون التوقف عن السياسيات التي مارستها الحكومات المتعاقبة منذ التغيير وتخلي البعض عن البرامج التي كانت هي اساس التغيير، بل محاولة اعادة انتاج صورة مشوهة لكل ما استهدفه التحول من حكم الفرد والسلطة الباغية والعبث بالدولة ونهب المال العام وتعطيل المؤسسات الديمقراطية".
واشار بارزاني الى ان "هذا الذي كان هو ما يؤشر الى ما اصبحنا عليه اليوم، ثلث البلاد تعبث بسكانها ومواردها قطعان سائبة تكفيرية لم يكن لها ان تستبيح كرامتنا دون ان تمهد لها سياسة عجفاء [هزيلة]، ومغامرة معزولة فاسدة بلا قيم وطنية، وخزينة خاوية تنوء تحت ثقل عجز وقد ارهقها فساد منفلت وسرقة صريحة للمال العام وعبث لموارد البلاد".
واوضح انه "ليس لتأبين او رثاء قائمة وطنية معنى دون الوقوف على هذه التداعيات، وما تشكله من محنة مأساوية للشعب والبحث في سبل معالجتها بجرأة وحزم واتكال على الارادة الوطنية، المأسورة بفك اسرها واعادة الاعتبار للقيم الوطنية والدينية والانسانية التي ضحت بسبيلها كوكبة تتسع كل يوم من اخيار العراقيين المتشوقين لحياة تليق بالإنسان".
واستدرك بارزاني "هل كان للشهيد محمد باقر الحكيم، والفقيد عبد العزيز الحكيم، وكل من سقط صريعا في لجة الارهاب الكافر سيلتزم الصمت ازاء هذا المشهد الذي دفعنا لنكون جزء منه وهل يمكن ان ينام الشهيد قرير العين في مثواه الابدي وقد احاطت مأساة شعبيه به وهو يرقد رقدته الابدية".
ولفت الى ان "لحظة استشهاد السيد محمد باقر الحكيم، وهو يغادر المحراب على مقربة من مقام الامام علي [عليه السلام] لحظة تحول في مجرى الاحداث، والمواجهة مع التفكير الارهابي والتجرأ على الاقتراب من هذا المقام المحاط بالرهبة الايمانية وبالرمزية الانسانية ليس سوى اعلان سافر عن هوية القاتل، هوية تتبرأ من الدين والاسلام وهما يتبرآن منه فتلك لحظة سجلت مأثرة شهيد المحراب، وهي بذات الوقت لحظة فقدان لا يتوقف حتى اليوم لبنات او ابناء بررة من العراق الاسير للإرهاب والاخفاق السياسي ومظاهر النكوث عن وعد الانصياع لإرادة العراقيين وخدمة مصالحهم ورفع الحيف عنهم".
واستطرد رئيس الاقليم بالقول ان "لا احد يبقى في النهاية، والخلود تعبير مجرد لسيرة تتمثل في سوية انسانية تعكس مثلا رفيعة، او انجازا يضع المجتمع في مسار اكثر رقيا وقد يحظى الخالد بموقع انساني لما يتركه من اثر في المسيرة البشرية وهي تفتح افقا رحبا على طريق التقدم والغنى الروحي والمادي واكتشاف مستويات جديدة في التطور الحضاري، والشهادة اذ هي انكار للذات انما هي فقدان يتجاوز كل اشكال التضحية ويعلو على الموت المجرد ولأنها تضحية في الحياة، فان استمرارها كمثل وقيم سامية يرتقي الى مصاف خلود عابر للسيرة والانجاز أيا كان وقعهما".
وتابع بارزاني ان "التضحية بالحياة بوعي تكتسب معناها من طابعها الايجابي، فهي نزوع نحو مقارعة الظلم والاستبداد، وكل اشكال تشويه الحياة ورفض لتجريدها من كينونتها الايجابية، كخارطة للقيم الانسانية النبيلة".
واشار الى ان "العراق المتشوق الى بناء حاضر مستقر، مشغول بأسباب الحياة الكريمة واعادة بناء دولة ديمقراطية تستظل بالقانون والحريات والعالة الاجتماعية والمساواة، اصبح هدفا للقوى الظلامية التكفيرية، منذ تحقق فيه ما كان يصبو له الشعب بإسقاط الطغيان، وصار العراقيون دون استثناء كل من موقعه موضوعا للشهادة والبذل وكل مواطنة ومواطن اينما وجد اصبح هدفا للقتل المجاني بالتفخيخ والتهجير".
وختم بارزاني كلمته بالقول "هل لنا ان نكون بمصاف مأثرة وتضحية الشهيدين الصدرين والشهيد الحكيم وفقدان عبد العزيز الحكيم، وكوكبة شهداء العراق وكردستان وحلبجة على خطوط المواجهة مع داعش والارهاب، حيث يستبسل العراقي جنديا في القوات المسلحة او البيشمركة او مقاتلا في الحشد الشعبي او متطوعي العشائر، أنكون امناء على رسالة الشهيد دون التصدي للمظاهر التي تحيطنا اليوم من كل صوب ان نغض الطرف عمن كان مسؤولا عن هذا الذي نحن فيه؟"
https://telegram.me/buratha