كشف مصدر في التحالف الوطني، عن نية رئيس الوزراء نوري المالكي تعيين احد المقربين منه لرئاسة هيئة النزاهة خلفا لرئيسها المستقيل رحيم العكيلي، معتبرا "احتكار السلطات" خطرا على حزب الدعوة، اذ لا ضمان لاستمراره بالحكم لدورة ثالثة.
وفيما نفت دولة القانون تعرض العكيلي لضغوط، اكدت الحاجة إلى مراجعة عمل الهيئة خلال الفترة الماضية. وطالب قيادي كردي بكشف الجهات التي ساهمت باستقالة العكيلي.
وكان رئيس هيئة النزاهة قدم استقالته الى رئيس الوزراء نوري المالكي الخميس الماضي، لكن النائب البارز صباح الساعدي، أكد في تصريح صحفي أمس السبت ان أسباب استقالة العكيلي جاءت بعد أن طلب "الحزب الحاكم منه فتح ملفات فساد ملفقة بحق الجلبي والبولاني، وفي حين انتقد البرلمان لجعله الحكومة تتحكم بالهيئات المستقلة، اتهم المالكي بانتهاجه ذات النهج الذي انتهجه رئيس النظام السابق صدام حسين".
ويؤكد مصدر مطلع في التحالف الوطني، ان "قضية استقالة رئيس هيئة النزاهة من منصبه تقع ضمن مسلسل محاولات رئيس الحكومة، بجعل كل المؤسسات المستقلة خاصعة لسيطرته".
ويرى المصدر، الذي طلب من "العالم" الكشف عن هويته أمس، ان "هذا النفس تملك زعيم ائتلاف دولة القانون خلال المرحلة السابقة، وهو يتواصل كما نرى اليوم".
واشار المصدر الى ان "رئيس هيئة النزاهة تعرض لضغوط كثيرة، خلال فترة عمله من قبل دولة القانون"، لافتا الى ان "العكيلي معروف عنه بانه شخص لا يمكن السيطرة عليه او فرض املاءات معينة عليه، وهو امر يدركه الجميع".
ويؤكد المصدر المقرب من مصادر صناعة القرار في التحالف الوطني، ان "رئاسة هيئة النزاهة ستذهب الى علاء الساعدي الذي يعد من المقربين من المالكي، والذي سبق للاخير ان رشحه لرئاسة هيئة دعاوى الملكية"، مستدركا بان "الساعدي يحظى بعلاقة جيدة مع المستشار القانوني لرئيس الوزراء عباس الساعدي، حيث يسعى الاخير إلى ان يكون نافذة من اجل تمرير اشخاص الى الحكومة".
ووصف المصدر تحول هيئة النزاهة الى اداة بيد الحكومة، بـ "الامر الخطير"، موضحا ان "ربط الهيئات المستقلة باعتبارها مؤسسات رقابية، بيد مؤسسات مراقبة اصلا يعد امرا بالغ الخطورة".
وطالب "بوقف مسلسل هدم الديمقراطية من خلال ربط كل المؤسسات بيد شخص واحد"، مضيفا "ليس من مصلحة حزب الدعوة ان ترتبط المؤسسات المستقلة بيد رئيس الوزراء، على اعتبار ان عمر الحكومة لم يبق عليه سوى سنتين، وبالتالي لا توجد ضمانات بان تكون الحكومة في الولاية ثالثة".
يذكر أن هيئة النزاهـة هي هيئـة حكوميـة رسمية مستقلة معنيـة بالنزاهـة العامة ومكافحـة الفسـاد، وتهدف إلى منع الفساد ومكافحته، ولها وسائلها القانونية في تحقيقه وتأدية وظيفتها، ويرأس الهيئة موظف بدرجة وزير يعينه رئيس الوزراء، ولا تجوز إقالته إلا من مجلس النواب بالطريقة نفسها التي يقال بها الوزراء.
من جانبه، نفى عضو ائتلاف دولة القانون النائب علي الشلاه، ان تكون لدى رئيس الوزراء نوري المالكي النية للاستحواذ على الهيئات المستقلة في البلاد.
وأكد الشلاه أن "المالكي لديه من المسؤوليات الكثيرة التي تحول دون التفكير بهذه الطريقة"، مضيفا "نريد لتلك الهيئات ان تعمل وفق اليات الدولة العراقية".
وبشأن مطالبة رئيس الوزراء بربط تلك المؤسسات بمجلس الوزراء، اوضح النائب عن دولة القانون لـ "العالم" أمس، أن "المالكي اراد من خلال استفساره الذي ارسله الى المحكمة الاتحادية، حول ربط الهيئات المستقلة بمجلس الوزراء، ان يقف امام الاعداد الكبيرة سواء للهيئات المستقلة او امناء المجالس في البلاد".
واضاف "لتلك الهيئات قوانينها التي تعمل من خلالها، اما بصيغة تنفيذية او تشريعية"، وأبدى استغرابه من "الطريقة التي تعامل بها البرلمان مع هذا الموضوع"، مشيرا الى "وجود مخالفات في كثير من المؤسسات المستقلة التي عادة تعمل بدون سلطة".
وبشأن تداعيات استقالة رئيس هيئة النزاهة، يقول النائب المقرب من رئيس الوزراء، ان "السبب يعود الى وجود اخفاق في عمل الهيئة الذي كان ينبغي تداركه"، معربا عن اعتقاده بأن "هيئة النزاهة بشكل من الاشكال كان عليها ان تتصرف بقوة شخصية، وان تضع حدودا لها".
وحول الضغوط التي مورست على العكيلي، ذكر الشلاه "لا استطيع ان اجزم باسباب الاستقالة، لكن بالمقابل نرى ان تجربة النزاهة والمفتشين العامين تحتاج الى اعادة تقييم"، من غير أن يخفي "وجود ضغوط تمارس على بعض المسؤولين، لكن ليس بالمستوى الذي تتحدث عنه بعض الجهات".
ومضى إلى القول "اعتقد بأنه رئيس هيئة النزاهة ضيع فرصة من اجل اعادة تقييم عمل مؤسسته، ولاسيما عندما تم اعتقال عدد من الوزراء ووكلائهم".
وكان العكيلي، الذي يرأس الهيئة منذ كانون الثاني (يناير) 2008، اتهم في شباط (فبراير) الماضي بعض الوزراء بأنهم يفضلون التستر على فساد في دوائرهم بدلا من مكافحته، وان هذه الأموال هي المصدر الرئيسي لتمويل المسلحين، كما شدد العكيلي على أن العراق يمر بمرحلة فساد "خطرة"، وأن أكثر من 500 مدير عام متهمين بقضايا فساد.
الى ذلك، طالب محمود عثمان، عضو التحالف الكردستاني، العكيلي بتوضيح موقفه من الاستقالة، والضغوط التي مورست بحقه، مؤكدا لـ "العالم" امس أنه "يجب على العكيلي ان يشرح لمجلس النواب اسباب استقالته، ولاسيما إذا ما كان يوجد شيء يستحق البحث".
وحول ما يتردد بشأن رغبة المالكي في السيطرة على المؤسسات المستقلة، قال القيادي الكردي المستقل، ان "الامر تم رفضه من المحكمة الاتحادية، وانتهى"، لكنه يعترف في الوقت نفسه "بوجود ضغوط سياسية تمارس على بعض المؤسسات، الامر الذي يحتاج الى معرفة من هي تلك الجهات التي تقوم بهذا الممارسات؟".
بدورها دافعت عالية نصيف، عضو قائمة العراقية البيضاء، وعضو لجنة النزاهة البرلمانية، عن عدم اثارة رئيس هيئة النزاهة كثيرا من قضايا الفساد التي يقال انه على علم بها.
وقالت نصيف لـ "العالم" امس "لا يمكن للعكيلي ان يفتح ملفات الفساد، على اعتبار انه ليس رئيسا اصيلا لهذه المؤسسة وانما يديرها بالوكالة، الامر الذي لا يستطيع معه تحريك ملفات الفساد".
وتؤكد النائبة البارزة في العراقية البيضاء، ان "العكيلي وقع بين مطرقة وسندان الكتل السياسية المشتركة في الفساد الذي ينخر جسد العراق، الامر الذي جعله ينأى بنفسه عن كل ما يجري في الساحة، ليس فقط من قبل الحزب الحاكم بل من قبل الكتل السياسية المتورطة بما يجري من البلاد".
https://telegram.me/buratha

