بقايا من أشجار النخيل التي تتوسطها تنبئك بالكارثة التي حلّت بها، بعد معاناتها الطويلة من قلة الخدمات التي سببت بفقدان الكثير من الأراضي الزراعية وتذمر ساكنيها وهم يعيشون هذه المعاناة اليومية.وأنت تدخل إلى قرية (الجذار) الواقعة في قضاء الهندية التابع لمحافظة كربلاء، فالمساحات الخضر القديمة فيما مضى تحوّلت بين ليلة وضحاها إلى أرض يباب تتعطش للماء كما يتعطش أبناء القرية للخدمات الضرورية التي لم تدخل مدينتهم حتى الآن. وهنالك على مقربة من مجرى نهرها الذي جفّ منذ (6 سنوات)، تحدث أحد سكان (الجذار) ويدعى أبو محمود بأنّ "هذه القرية كانت جنة كربلاء بنخيلها وأشجارها الخضر التي كانت تحتضن أهلها وتطعمهم، أما الآن فالصورة قد تغيّرت وقد أصحبت على أعتاب الموت، بسبب قلة الخدمات المقدمة إليها".وأضاف أبو محمود، "كل من يزور هذه القرية ينظر بعينيه حجم المعاناة التي يعيشها أبناء (الجذار)خاصة وهم يفقدون يومياً أراضيهم الزراعية ويفتقدون إلى أبسط الخدمات الحياتية اللازمة، التعليم، الصحة، الماء والكهرباء".فيما يوضّح أحد وجهاء القرية،وأسمه جياد كنزوع كاظم ؛ بأن معاناة أهالي القرية "تبدأ من تأخر الأعمال في تغليف نهرها الرئيسي والذي أدى إلى موت الكثير من الأراضي الزراعية، إضافة إلى افتقارها لماء الشرب واعتماد الساكنين على شراء المياه من السيارات الحوضية".ويبيّن كاظم، بأنّ "أهالي القرية كثيراً ما يتقدمون بشكاواهم إلى محافظة كربلاء ولكنهم يقابلون بالتأجيل والكلام الذي يتحوّل إلى أوهام بعد فترة"، مبيناً بأنّ "هذه القرية تقدّم سنوياً خدمة كبيرة لزائري عتبات كربلاء في المناسبات الدينية فيما تقابل هي بالإهمال المجحف من الحكومة المحلية".وأضافَ بأنّ "محافظ كربلاء زار القرية وشاهد معاناتها، إلا أنه أحال ملفها إلى عام 2014 والذي قد يكون فيه أهالي (الجذار) قد فقدوا حياتهم وهم ينتظرون عطف المسؤولين"، بحسب قوله.كما إن هذه القرية التي يمكن أن تتحول إلى قرية سياحية تجذب الملايين لزيارتها، لا تمتلك طرقاً معبّدة أو مدارس ولامركزاً صحياً، ويضطر سكانها الذين يبلغ عددهم (6000 شخص) إلى زيارة مناطق أخرى لتلقي العلاج، كما تؤكّد ذلك إحدى كبيرات السن بالمدينة وتدعى أم ربّاح .وتشير أم ربّاح التي امتلأ وجهها بتجاعيد الزمان مثلما حلّ بأراضي قريتها، "الجميع هنا يعاني من الأمراض وخاصة خلال فصل الشتاء البارد، كما أنهم لا يخرجون لأي مكان آخر، لعدم وجود طرق معبّدة وسيارات تنقلهم".وتحدثت أم ربّاح وهي تلتقط أنفاسها بصعوبة، عن ذكرياتها القديمة في هذه القرية التي كانت تحفها الأشجار الخضر من كل جانب، ويعيش أهلها بسلام وأمان، وكيف أصبحت عليه اليوم نتيجة لقلة الدعم الحكومي المقدّم لها، حيث أنهت حديثها بالقول (الله ياذي (يؤذي) اللي جان(كان) السبب).
https://telegram.me/buratha

