الأخبار

تفاصيل جديدة عن تحطم طائرة السليمانية


250 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من بغداد، تحطّمت طائرة نفاثة خاصّة الأسبوع الماضي. وإن كان مطار السليمانيّة قد شهد فوضى مؤقّتة بفعل هذا الحادث المفجع الذي قضى فيه 7 أشخاص، إلا أن الفوضى الكبرى خيوطها لبنانيّة، إذ يبدو أنّ مشكلة في محرّك الطائرة رُصدت خلال وجودها في لبنان، نهاية كانون الأوّل الماضي، ورغم ذلك سُمح لها بالطيران

حسن شقراني -

لم تعد غريبة أبداً مشاكل الطيران المدني المترابطة بنحو أو بآخر بسلطات الرقابة اللبنانيّة. فخلال السنوات الماضية، سيطرت مجموعة من الحوادث المفجعة حيناً والمقلقة (بل حتّى المخيفة) حيناً آخر على المشهد العام، والجميع يذكر حادثتي الطائرة الإثيوبيّة (رحلة ETـــــ409) وطائرة كوتونو (UTA ـــــ 141). وفي هذا المشهد تحديداً تجد المكان المناسب لحادثة تحطّم الطائرة الخاصّة في مدينة السليمانيّة العراقيّة (عند الساعة الخامسة من بعد ظهر الجمعة الواقع فيه 4 شباط 2010).

فوفقاً للمعلومات التي حصلت عليها «الأخبار»، كانت الطائرة قد خضعت لفحص في مطار بيروت في كانون الأوّل الماضي، تبيّن فيه أنّها تعاني من مشكلة في أحد محرّكيها. ولكن رغم ذلك سُمح لها بالطيران. وللمفارقة، فإنه بعد أقلّ من شهرين، لدى محاولتها الإقلاع من مطار المدينة العراقية في إقليم كردستان، اشتعل المحرّك المتضرّر وتحطّمت الطائرة.

الضحايا كانوا 7 أشخاص، بينهم ثلاثة لبنانيّين. فالطائرة كانت تقلّ 4 رجال أعمال ومصرفيّين بينهم المضيف، رجل الأعمال العراقي باسل رحيم، وهو عضو مجلس الإدارة في شركة الهاتف الخلوي العراقيّة «Asia Cell»، ويشغل موقع المدير التنفيذي في الشركة الاستثمارية «Merchant Bridge & Co» اللندنيّة. ورجال الأعمال الضيوف/ الضحايا هم المدير في الشركة الأخيرة، اللبناني عبد الله لحّود، والموظّفان في مصرف «JP Morgan»، مراد ميشال وخافيير زوريتا. أمّا الطاقم فضمّ ثلاثة أشخاص، هم الكابتن اللبناني عبد الله يزبك والكابتن الأردني مروان الدحالي، والمضيفة اللبنانيّة ستيفاني لوقا.

وبحسب مدير مطار السليمانيّة، طاهر عبد الله قدير، فإنّ الطائرة التي كانت متّجهة إلى العاصمة التركيّة، أنقرة، اشتعل محرّكها بعد 10 ثوان فقط من إقلاعها، ما أدّى إلى تحطّمها على المدرج.

وفيما تضاربت المعلومات بعيد الحادث مباشرة بشأن نوع الطائرة وشركتها المشغّلة، علمت «الأخبار» أنّها تابعة لشركة «Skylounge» اللبنانيّة، وهي شركة يقول مطّلعون إنّها حصلت على ترخيصها بالطيران (Lebanese AOC) بسرعة كبيرة، نظراً «إلى الدعم الذي يتلقّاه القيّمون عليها على الصعيدين السياسي والتقني»، أي من جانب فاعلين سياسيّين في قطاع النقل في لبنان إلى جانب مديرين ومعنيّين بالطيران المدني.

ومالك الشركة هو رجل الأعمال ريمون ز. (المعروف أيضاً بريمون ر.) الذي كان (وربّما لا يزال) يسيّر أعمالاً في العراق، ويديرها بالشراكة مع زياد م. وعماد ص.

وإذا صحّ أنّ الطائرة، وهي من نوع «Hawker 850xp»، خضعت بالفعل لكشف فني في بيروت قبل شهرين أظهر عطلاً، فإنّ مسؤولية الحادث في الأساس تقع على عاتق سلطات الرقابة اللبنانية، أي مديريّة الطيران المدني، وخصوصاً أنّ المعلومات تفيد أيضاً بأنّ السلطات اللبنانيّة لم تجر أيّ بحث في الخلفيّة التقنية والفنية للطيارَين للوقوف عند مستوى خبراتهما وقدراتهما.وتتحمّل الشركة المشغّلة نفسها مسؤولية، حيث سمحت للطائرة بالتحليق رغم المشاكل التي تعاني منها.

من هذا المنطلق، يجدر التعمّق أكثر في مسألة معايير السلامة والأمان التي يُحتكم إليها في تسيير أعمال الطيران المدني في مطار بيروت الدولي. فمثلما أصبح معروفاً، يعاني لبنان منذ عام 2002 من تدهور مؤشّرات السلامة في القطاع، وفقاً لبيانات المنظّمة الدوليّة للطيران المدني (ICAO) التابعة للأمم المتّحدة. وفيما توضح الأرقام أنّ إجراءات سريعة وطارئة يجب أن تُتّخذ لمعالجة المشاكل الموجودة، ترفض السلطات المعنيّة حتّى الآن نشر التقرير الأخير التي أعدّته المنظّمة، والذي نشرت «الأخبار» بعض تفاصيله في أكثر مناسبة. وأبرز الأرقام الواردة فيه تفيد بأنّ لبنان يخالف بنسبة 90% معايير كفاءة الأفراد في قطاع الطيران المدني، كذلك فإنّ معدّل عدم تقيّده بمعايير حلّ مسائل السلامة وصل إلى 60%، وهو مستوى مخيف...

وما يلفت أيضاً هو أنّ حادثة الطائرة الخاصّة في السليمانيّة تذكّر مباشرة بحادثة «طائرة كوتونو»، نظراً إلى أوجه الشبه بين الرحلتين المأساويّتين. فطائرة الرحلة التي كانت متجّهة من بنين إلى لبنان، تحطّمت مباشرة بعد إقلاعها في كانون الأوّل عام 2003 وقضى في الحادث 136 شخصاً على الأقل. والمعلومات التي نشرتها «الأخبار» سابقاً، تفيد بأنّ الطائرة كانت قد خضعت لفحص ميكانيكي في مطار بيروت في تمّوز من العام نفسه، تبيّن فيه أنّها «تعاني من خلل ميكانيكي» يُعدّ خطيراً، يتمثّل في تسرّب زيت من محرّكها». ولكن رغم ذلك «سُمح» لها بالطيران لكي تتحطّم بعد 5 أشهر تقريباً!... الأمر نفسه الذي حدث مع طائرة «Skylounge».

وإلى هذين الحادثين يُضاف تحطّم طائرة الخطوط الجوية الإثيوبيّة في كانون الثاني من عام 2010، وقضاء 90 شخصاً كانوا على متنها، ومجموعة كبيرة من الحوادث المتفرّقة (بينها وجود فئران على متن طائرة لشركة «MEA»!) التي جعلت سلطات الطيران المدني الأجنبية (وحتّى السلطات السياسيّة) تفكّر مرّتين في كيفيّة التعاطي مع لبنان على هذا الصعيد. ووصلت الأمور إلى حدّ التلويح بمنع الطائرات اللبنانيّة من أن تحطّ في بعض المطارات الأوروبيّة.

والسؤال العنيد يبقى: ما هي تلك الأسباب القاهرة التي تمنع إعادة هيكلة الرقابة على الطيران المدني اللبناني، وخصوصاً أنّ الحكومة الماضية كانت قد اعترفت، بلسان رئيسها سعد الحريري، أنّ تأليف هيئة الطيران المدني أصبح حاجة ملحّة، بعدما اختُصرت المهمات لفترة طويلة بشخص واحد؟ هل للأمر علاقة بالمحسوبيّات أم بالمصالح الماديّة المباشرة أم بالتلزيم المؤسّساتي على أساس طائفي؟

الأسئلة برسم الحكومة المقبلة، وتحديداً وزير النقل والأشغال العامّة المقبل، على أن يتّعظ من التجربة المؤلمة المسجّلة خلال السنوات العشر الماضية، مع العلم بأنّ ملفاً بهذه الأهمية لا يجب أن يرتبط بالتعقيدات البيروقراطيّة والطائفية لتأليف الحكومات اللبنانية أو حتّى أوجه المحاصصة التي ترافقها، لأنّ المسألة تتعلّق بأرواح تُزهق، أكان على الأراضي (وفي المياه) اللبنانيّة أم في المهجر... ولهذه القضية أهمية طارئة، وخصوصاً لبلد يسعى إلى جذب سكّان العالم للتمتّع بمؤّهلاته السياحيّة.

1.3 حادث معدّل حواث الطيران المميتة لكلّ مليون رحلة في الشرق الأوسط خلال العقد الماضي، فيما يبلغ 0.3 في أميركا والاتحاد الأوروبي

233 شخصاً عدد ضحايا حوادث رحلات «طائرة كوتونو» و«الطائرة الإثيوبيّة» و«طائرة السليمانيّة»، وجميعها مرتبطة بالرقابة اللبنانية حسبما يبدو

بانتظار التحقيق كلّف العراق لبنان بالاهتمام بالصندوقين الأسودين الخاصّين بالطائرة. هذا ما أعلنه وزير النقل في حكومة تصريف الأعمال غازي العريضي، أمس، بعيد إصراره على «عدم استباق نتائج التحقيق». ومن المفترض أنّ يتوجّه وفد لبناني ومعه الصندوقان إلى باريس اليوم لبدء التحليل، على أن يُعلن العراق نتائجه. فهل يطول التحقيق ويتعثّر كالعادة؟

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك