د. علي المؤمن ||
وهي مراقد أئمة أل البيت وأبنائهم وأحفادهم والبارزين من ذراريهم، ومزارات صحابتهم وتلاميذهم، وكبار زعماء الشيعة الدينيين وعلمائهم.
ولمزيد من التحديد، فإن المقصود بها المراقد والمزارات التي أمكن للشيعة استثمارها حتى الآن، وضمها الى نظامهم الاجتماعي الديني، في إطار الصيغة الوقفية غالباً، وخاصة القائمة في العراق وإيران وآذربيجان ولبنان وسوريا وتركيا وأفغانستان وباكستان والهند، والتي تشكل منذ مئات السنين، مراكز عالمية لتجمع الشيعة، ونشاطاتهم الدينية والعلمية والاجتماعية المشتركة. أما المراقد والمزارات القائمة في الحجاز والأردن ومصر وشمال افريقيا وغيرها، فلا تتمتع بهذه الخصوصية المذهبية الاجتماعية؛ لأنها خارج سيطرة الصيغ الوقفية الشيعية، ولاتسمح الأنظمة السياسية في هذه البلدان بتجمع الشيعة فيها وممارسة نشاطاتهم الدينية، خشية تحولها الى مراكز للتبليغ الشيعي كما تقول.
وقد تحولت المراقد والمزارات الشيعية الى أماكن شيعية مقدسة أو تحظى باحترام بالغ، وبنيت حولها ــ غالباً ـــ الحوزات العلمية والمؤسسات الدينية. كما تحولت الى محور جذب للشيعة من مختلف القوميات والثقافات المحلية والبلدان، من أجل السكن والعمل. أي أنها أصبحت بمرور الزمن مراكز إشعاع ديني مذهبي، ومواطن تذوب فيها اللغات والقوميات والوطنيات. وبالتالي؛ فهي عنصر قوة كبير للنظام الاجتماعي الديني الشيعي، ولتماسك الشيعة وتعاونهم، واستثمار التنوع في الانتماءات الفرعية.
وظلت هذه المراقد والمزارات عرضة دائمة للإخفاء والتخريب والمنع من زيارتها، منذ العصور الأموية والعباسية والأيوبية والسلجوقية والمملوكية والعثمانية والغزنوية، وصولاً الى الوهابية السعودية والبعثية، وذلك بهدف حرمان الشيعة من عنصر القوة هذه، والحيلولة دون استثماره لأهداف التبليغ والترويج والنشاط الديني المذهبي والاجتماعي. كما جرت محاولات مسيئة لاختراع مزارات مزيفة. وكلا الظاهرتين: الإخفاء والتزييف يؤديان الى ضرب عنصر القوة هذا.
https://telegram.me/buratha