سرى العبيدي||
يكتنف القضايا الوطنية اليوم غموض كثير ولبس أكثر! ويتأتى معظم الغموض والإلتباس من أن النخب السياسية اختارت الانفراد في التعاطي مع هذه القضايا، وعدم إشراك الشعب واطلاعه على المستجدات المرتبطة بالشأن الوطني، وبواضح الأمر، فإن الساسة يتصرفون وهم مؤمنين بأنهم يديرون بلدا من الرعايا لا بلدا من المواطنين!.. والفرق كما تعلمون كبير جدا بين الرعوية والمواطنة..! الرعوية تعني إسترقاق الفرد وإرتهان أرادته لدى الدولة، والمواطنة علاقة تبادلية من حقوق وواجبات بين الدولة والشعب ..
الأمر يتعلق في نهاية المطاف بإقرار الديمقراطية الحقيقية ببلادنا، وفاقم الأمر انعدام الوعي لدى الساسة بمستلزمات المرحلة التاريخية الجديدة التي يمر بها شعبنا، ونشير الى إن الاعتماد على الغير والرهان على التأثيرات الخارجية لدول الجوار وسواها في معالجة المشكلات الوطنية، يظل وهما من أوهام التاريخ وخطأ سيجر إلى ارتهان الإرادة الوطنية لدى الغير.
ورغم ما للدبلوماسية والمجتمع الدولي والعلاقات الخارجية والدعم الخارجي من أهمية في بناء الدولة، والتي ينبغي توظيفها مجتمعة إلى أقصاها خدمة للمصالح الوطنية، لا لخدمة المصالح الفئوية والحزبية والشخصية، إلا أنه يتعين الانتباه إلى أن ذلك سلاح ذو حدين. وهكذا بتنا أمام موقف ينطوي على حقيقتين، الأولـى تتمثل في أن الديمقراطية لازالت بعيدة التحقق. والثانيــة هدم كل مقاييس ومعايير السياسة والمنافسة السياسية المرتبطة بالتصورات والبرامج..إنه مشهد معقد يحتاج إلى برنامج عفيف ومسؤول لإصلاحه، ليس ترميما ولكن نقضا بالإتيان ببرنامج مغاير له ومتجاوز له نعبر به إلى شواطئ الاستحقاق الوطني والإنساني، والخلاصة هي أنهم مرتهنين الإرادة، يريدون إعادة رهننا لدى المرابي الذي رهنوا إرادتهم عنده..! .
الوطن ليس تلك المناطق الجغرافية المُحددة بخطوطٍ وهمية تفصل مجموعة إنسانية عن مجموعة إنسانية أخرى تُشبهها تماماً، يحكمها شخص أو عائلة أو حزب أو ساسة ويظنون أنها مزرعتهم الخاصة!