د.حيدر البرزنجي||
على أبواب الزيارة الكبرى
المزمور الأول : الحداثة السياسية
السياسة بذاتها ظاهرة مدنية ، لأنها ارتبطت أساساً بإدارة الدولة، أو افترضت سلفاً ، ان لاسياسة دون ممارسة الحكم أو التأثير فيه ، ولكي تسير السياسة وفق متطلباتها، لابد لها من وسائل وأساليب: داخلية وخارجية : في الداخل الوطني ، تكون المؤسسات والأحزاب والتيارات والتكتلات السياسية - بصرف النظر عن رأيك فيها - هي المظهر الأبرز للممارسة السياسية ، أما خارجياً ، فيتم التعبير عنها في ( الديبلوماسية ) ، حيث اللغة الناعمة المصاغة بمفردات أقل ومضامين أكثر تعبيراً .
المزمور 2: ( الديبلوماسية ) تعني في السلوك الفردي : الليونة في القول والدقة في المواقف، لكن المحتوى الحقيقي للديبلوماسية ،يكمن في اختيار أنسب الممارسات للتعبير عن أهم المصالح ، ذلك مايتطلب رسمه عبر حسابات سياسية لتوزيع المهام ووضع الأولويات ، التي تحدد معنى المصالح الوطنية ومقدار أهميتها وكيفية التعبير عنها .
المزمور 3: منهجيات التفكير السياسي - هي أولى متطلبات الحداثة ، وترجمة ذلك تأتي عبر تغيير في أنماط رسم السياسيات ، فلا تعود هناك من قواعد ثابتة يجري التقيد بها ، بل يمكن استبدالها بمايمكن تسميته ( الركائز) ،فإذا كانت القاعدة تمثل المحور الذي ينبغي ان تدور حوله السياسات ، فان الركيزة هي نقطة البدء في إعادة التقويم وجمع الحيثيات ومعرفة النتائج تهيئة لانطلاقات أخرى ، قد تكون مختلفة عمّا سبقها ، أو مكمّلة لها بأساليب مختلفة ،أو زيادة زخم في الأساليب السابقة ، ولاتنسى : السياسة فن حساب المحتملات وصنع الممكنات ، ولاتخدع بالتعريف القديم ((فن الممكن)) فالممكن يحتاج من يصنعه .
ذلك لايعني ان على السياسة ان تتخلى عن (قواعدها ) لتتحول الى انتقائية تتغير حسب ظروف القائمين عليها ، لكن العلاقة بين القواعد والركائز ، انما تتعلق بالتكتيكات السياسية ، إذ تبقى القواعد بصفة عامة ،على صلة بالاستراتيجيات الوطنية وهو مايتعلق بالمصالح العليا للدولة ،حيث تعمل على تجسيدها جميع الأحزاب والحركات والقوى السياسية في البلد المعني - كما يفترض - أما الركائز ،فتتمثل بالمقتربات والاجراءات الأكثر صلاحية للوسائل التطبيقية ، التي تمنح الاستراتيجيات مرونة الاستجابة لما يحصل من تغيرات ، قد تطرأ على المسارات العامة لتحقيق المصالح العليا .