أكدت دراسة بحثية أجريت في جامعة بابل على أن ما يقارب من 10 ملايين مواطن في المجتمع العراقي يعانون من الفقر.وبنيت الدراسة التي أعدها أستاذ العلوم التربوية والنفسية في كلية التربية الأساسية في الجامعة الدكتور عبد السلام جودت أن نسبة 30 بالمائة أي ما يقارب نحو 10 ملايين مواطن يعانون من الفقر ويعيشون في ظله ويتأثرون بثقافته وينتجون سلوكياته وفقا لهذا التاثر ويبتعدون بواسطته عن المشاركة والحراك الاجتماعي وهذا الرقم الكبير مرشح للزيادة مستقبلاً،
مشيرة الى ان أبرز الأسباب التي أدت الى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في المجتمع العراقي جاءت نتيجة للسياسات الخاطئة التي انتهجتها الحكومات السابقة طوال العقود الاربعة الاخيرة وخاصة الحروب المتتالية التي خاضها النظام السابق والافتقار الى استراتيجية متكاملة لبناء الاقتصاد العراقي من قبل الحكومات التي أعقبت سقوط النظام فضلاً عن انتشار مظاهر العنف والفساد المالي والاداري والغموض الذي رافق برامج القوات الاميركية في اعمار العراق.وذكرت الدراسة أن شريحة الشباب التي يعول عليها في بناء البلد كانت هي الاكثر تضرراً،
أذ تعاني هذه الشريحة من الفراغ والبطالة بعد أن انحسرت أمامها فرص العمل ، ما انعكس سلباً على حاضر هذه الشريحة ، ويشعر غالبية الشباب أن مستقبلهم بات مجهولاً ما زاد من الاسباب المؤدية الى انحراف بعضهم، في حين أن هذا الوضع لا يتناسب اطلاقاً - وفق الدراسة - مع شريحة عمرية ممتلئة بالحيوية والنشاط والاندفاع وحب الحياة مثل شريحة الشباب وأن الفراغ والبطالة التي تعاني منها هذه الشريحة تنسجم مع شريحة الشيوخ والمتعاقدين.وكشفت الدراسة أيضاً عن عدم استيعاب سوق العمل للعاطلين وعدم قدرة المشاريع الموجودة حالياً في البلد على استيعاب أعداد الخريجين الباحثين عن فرص العمل وفتح المنافذ المتعددة أمام البضائع المستوردة أضر كثيراً في الانتاج المحلي، ما أدى الى اغلاق الكثير من المعامل والمصانع المحلية وتسريح العاملين منها بسبب عدم قدرتها على المنافسة التجارية وهذه العوامل جميعها ساهمت في انتشار ظاهرة البطالة التي أدت بالنتيجة الى تعطيل تلك الطاقات والقابليات التي كان من المفترض أن تساهم في برامج خطط التنمية الوطنية والبناء والاعمار في العراق.وتناولت الدراسة موضوع أثر الاستقرار الامني في التنمية الاقتصادية في البلد، اذ أشارت الى الاثار الوخيمة التي تنتج عن عدم الاستقرار السياسي في العراق بعد أن أعاق التشتت الوطني والتازم السياسي الراهن وعمليات الجماعات المسلحة مسيرة البناء والاعمار ما دفع بالآلاف من الملاكات الشابة العاملة الى البطالة واليأس.
وتؤكد الدراسة على أن الإسلام دعا الى العمل ونبذ البطالة والفراغ واوجب العمل لاجل توفير الحاجات الضرورية للفرد لإعالة من تجب اعالته، ما يبين أن البطالة ليست مشكلة اقتصادية فحسب وانما هي تتضمن مشكلات نفسية واجتماعية وأمنية وسياسية وهي السبب الاول في الفقر والحاجة والحرمان . وتقترح الدراسة جملة من الحلول للحد من ظاهرة البطالة تتلخص باقامة المشاريع الاستثمارية الضخمة التي تساعد في تشغيل الشباب وامتصاص العاطلين عن العمل وتوظيفهم وتنشيط قطاعات الاقتصاد الوطني المختلفة كالصناعة والزراعة والبناء والنقل بما يؤدي الى استيعاب مقدار لا يستهان به من القوى العاملة لا سيما غير الماهرة منها التي تعاني وطأة البطالة أكثر من غيرها فضلاً عن رفع كفاءة أجهزة الدولة التنفيذية حتى يتم انجاز المشاريع في مواعيدها وتنشيط المعامل والمصانع التي تستطيع استيعاب أعداد كبيرة من العاطلين عن العمل وتقديم الحوافز المادية للعاملين فيها ووضع القيود أمام الاستيراد الأجنبي الاستهلاكي وإصلاح النظام التعليمي في العراق كي لا يضيف الى العاطلين أفواجاً جديدة من الخريجين كل عام والذين لا يجدون فرص العمل لهم ، على حد تعبير الدراسة.
https://telegram.me/buratha