"الاخوة والاخوات الافاضل السلام عليكم في ذكرى اربعينية شهيد الثقافة العراقية كامل شياع اجدد الاعراب عن مشاعر الاسى و العزاء لذوي الفقيد و اصدقائه و زملائه و الى المثقفين العراقيين و سائر ابناء شعبنا الذين اجمعوا على استنكار اغتيال مثقف وقف حياته لخير بلاده و عمل على نشر نور العلم و المعرفة في ربوعها.
لقد عاد كامل شياع بعد سنوات من حياة المنفى و الاغتراب ليساهم في اشادة صرح ثقافة عراقية متحررة من اغلال القسر الفكري و السياسي و منفتحة على ثقافات العالم من دون قطع الاواصر مع الارث الحضاري و الثقافي العظيم لشعبنا. و ما كان لحامل مشروع مثل هذا الا ان يثير حنق و غيظ من ارادوا و يريدون اعادة الثقافة العراقية الى زنزانات الواحدية الفكرية و الحزبية.
و قد كان اغتيال كامل شياع حلقة في سلسلة جرائم استهدفت ساسة و مفكرين و صحافيين و اكاديميين و علماء و كان الغرض من ورائها حرمان بلادنا من مشاعل النور و المعرفة و ابقاءها اسيرة التخلف و الجهالة.و هذه الجرائم هي مظاهر للصراع القائم بين عالمين: عالم يريد النكوص ببلادنا الى عهود الطغيان و الاستبداد و تكبيلها باصفاد الجهل و قيود الكراهية، و عالم طامح الى الق العلم و ضياء الثقافة، عالم تسوده قيم الاخاء و الديمقراطية و المساواة و تغليب روح المواطنة.
و لقد منيت قوى الماضي بهزائم نكراء، فهي اخفقت في اشعال نيران حرب اهلية و لم تنجح في وقف مشروع المصالحة الوطنية، و باءت بالخيبة مساعيها لشل الدولة و مفاصلها الاساسية. الا ان هذه القوى لم تستسلم بعد و هي سادرة في غيها يدفعها غيظها الى القيام بجرائم لا هدف لها سوى اثارة البلبلة و الفوضى و الارباك.ان اجماع القوى السياسية و الاوساط الثقافية و الاجتماعية، على اختلاف اطيافها و توجهاتها الفكرية، على ادانة واستنكار جريمة اغتيال كامل شياع كان دليلا على وعي متزايد بضرورة تعزيز المصدات الوطنية لمواجهة القوى الاثمة.
و لئن كانت المجابهة الميدانية لهذه القوى وتصفية بؤرها وملاحقة رؤوسها و سوق منفذي الجرائم الى القضاء هي في مقدمة واجبات الدولة و اجهزتها المختصة، فان هذه المهمة لا يتسنى تحقيقها الا بتظافر الجهود وتلاحمها و تعزيز الوحدة الوطنية. و قد ادرك شعبنا هذه الحقيقة و هو يسوق يوماً اثر يوم البراهين على وعيه لمخاطر النزاع و الفرقة و تصديه للمحاولات اليائسة التي تهدف الى منع استتباب الامن و عرقلة مسيرة الديمقراطية. و لقد تجسدت ارادة الشعب بالامس في اقرار مجلس النواب قانون انتخابات مجالس المحافظات الامر الذي اصبح برهانا اخر على ان بلادنا سائرة في طريق التفاهم و التصالح و نبذ عوامل التفرقة، واعتماد الاساليب الديمقراطية لحل القضايا الخلافية باعتماد مبدأ التوافق في اطار الدستور.
و في هذا السياق فان اجتماعكم التأبيني اليوم ليس مجرد استرجاع لذكرى مثقف كبير و وطني غيور و انسان قدوة، بل انه تعبير اخر عن الاجماع الوطني على بناء عراق خال من الارهاب و العنف و الغلو، عراق ديمقراطي حر موحد بتنوعه، العراق الذي حلم به كامل شياع.والسلام عليكم
جلال طالباني رئيس جمهورية العراق"
https://telegram.me/buratha