نشاطركم العزاء والحزن والألم بشهداء العراق ، ضحايا الارهاب والظلام والاستبداد ، هذه القوى الشريرة التي ما انفكت تستهدف خيرة ابناء العراق من العلماء والمثقفين والاكاديميين والفنانين والاعلاميين ومنهم الشهيد كامل شياع رحمة الله عليه ، والذين عرفوا كامل شياع سواء في منفاه ، او بعد عودته الى ارض الوطن وجدوا فيه المثقف المهموم بالوطن والشعب ، والانسان الذي عمل على اشاعة ثقافة التسامح والحوار والمحبة .
ايها الاخوة ..
لقد تعرضت الثقافة في العراق الذي يعد مهد الحضارة الى انتكاسة خطيرة على مدى العقود الماضية في ظل النظام الدكتاتوري البائد ، ويمكننا القول ان شريحة المثقفين هي من اكثر الشرائح التي تعرضت للاضطهاد والقمع والمطاردة ، ناهيكم عن الفقر والعوز ، وكان من نتائج هذه السياسة القمعية بروز ثقافة سلطوية سطحية سقطت مع الدكتاتور ، كما وضعت هذه السياسة المثقفين بين خياري الهجرة او الانزواء والصمت .
وكان شهيدنا كامل شياع من ذلك الجيل من المثقفين الذي اضطر للهجرة والعيش في المنفى ، لكنه ظل يواصل الدرب مع باقي المضطهدين في التصدي للحكم الاستبدادي رغم الظروف الصعبة والمعقدة ، وبعد سقوط الصنم ، عاد كامل شياع الى العراق ليساهم من موقعه في وزارة الثقافة في تكريس ثقافة التعددية والديمقراطية والحوار .
ايها السيدات والسادة
ان التحدي الكبير الذي يواجه العراق اليوم هو ثقافة الكراهية والاقصاء والتمييز والقتل ، هذه الثقافة التي جرت البلاد الى الحروب والدمار والويلات، هي ذاتها التي كادت بعد سقوط الدكتاتورية ان تدفع العراق الى هاوية الحرب الطائفية ، والارهابيون الذين تعرضوا لضربات قاصمة يحاولون اليوم تكرار سياساتهم القديمة -الجديدة ، بإستهداف الرموز الثقافية والعلمية والفكرية ظنا منهم انهم يتمكنون من ايقاف عملية بناء العراق الجديد ، بإعتبار ان المثقف جزء اساس في حركة التغيير والتحول الديمقراطي ، وانهم اي الارهابيين يعرفون من خلفيتم الاجرامية ، ان خسارة الامة للمثقف الحقيقي لاتعوض ، فالبنى التحتية لمؤسسات الدولة التي عاثت بها قوى الشر فساداً يمكن اعادة بنائها ، لكن كم من الوقت والجهد تحتاج الامم والشعوب لملء الفراغ الكبير الذي يتركه اغتيال مثقف .
ان اغتيال اي مثقف هو اغتيال لكل المثقفين العراقيين ، وان الذين تلطخت ايديهم بدماء المثقفين والعلماء والمفكرين قد وضعوا الثقافة العراقية في قائمتهم السوداء ، ان الثقافة العراقية بتأريخها الطويل وعمقها وانسانيتها هي التي دفعت الارهابيين لأن يعتبرونها المطلوب رقم واحد ، انهم اعداء الحرية والعلم والانسانية .
ومع حزننا على فقدان اي مثقف ، فاننا على يقين بان ارض العراق التي انجبت كبار العلماء والشعراء والكتاب ستبقى ارضاً ولوداً، وعزاؤنا ان عطاء المثقف الحقيقي لايموت ويبقى اسمه في سجل الخالدين .
وحين نستذكر اليوم احد شهداء الثقافة العراقية ، نتطلع بامل كبير لبناء دولة القانون والمؤسسات التي ترعى الابداع والمبدعين ولغد مشرق تنتصر فيه الكلمة الصادقة والارادة الخيرة على الرصاصة الغادرة .
نجدد تعازينا لعائلة الشهيد كامل شياع واصدقائه ومحبيه،ونسأل الله العزيز القدير ان يحفظ العراق وشعبه .والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته نوري كامل المالكي رئيس وزراء جمهورية العراق 25 ايلول 2008
https://telegram.me/buratha