اصدر مكتب الثقافة و الاعلام في المجلس الاعلى الاسلامي العراقي بيانا فيما يخص الكلام المنسوب الى بعض قيادات حزب الدعوة الاسلامية ما يلي:
1- يرفض المجلس الاعلى أي تصريح او خطاب صدر من أي شخص ينتمي للمجلس الاعلى او لم ينتمي له، يمس بحزب الدعوة الاسلامية. فالمجلس والدعوة تشكيلان متحالفان وسيبقيان على تحالفهما مهما حاول البعض تفكيكهما او المس بهما. فالكلام الجارح والنابي والمتحامل هو كلام مرفوض يقيناً ولن نقبل سوى بالنقاشات السياسية التي هدفها تقريب الاختلافات وكشف الاخطاء والتربية على المناهج والمبادىء المتفق عليها سواء في البرامج المشتركة او في الدستور والقوانين.
2- كما يرفض المجلس الاعلى تلك التصريحات التي نشرتها وكالات الانباء والمنسوبة الى اعضاء بارزين في حزب الدعوة والتي تحمل معاني التحامل واختراع المدعيات والمس بسلوك وتاريخ ومنهج المجلس الاعلى بلغة منفعلة، مفتعلة للكلام، غير مقبولة، ولا تليق بشريك تربطنا به علاقات عقود من الزمن وخضنا معه معارك التضحيات الكبرى والشهادات العظمى. وان توضيحنا يتناول هذه التصريحات ومن قال بها. فاذا انكر اصحابها هذه الاقوال، وليعلن ذلك وسيفرحنا ذلك، حينذاك سيستهدف توضيحنا الكلام الذي نشرته وسائل الاعلام توضيحاً للحقيقة وتنويراً للرأي العام. وسنتاوله على قسمين: الاول، ويتناول اشارات لمتبنيات موقف المجلس الاعلى من مجالس الاسناد والثاني ويتناول توضيح بعض المفردات التي وردت على لسان البعض والمنسوبة لاعضاء بارزين في حزب الدعوة ومداليلها الخطيرة.
القسم الاول: مقتطفات من موقف المجلس الاعلى من "مجالس الاسناد"
1- رفض المجلس الاعلى مشروع "مجالس الاسناد" في جلساته الخاصة مع الاخوة في حزب الدعوة وفي تصريحاته ومواقفه العملية. وهذا الموقف غير موجه لحزب الدعوة بل موجه لسياسة يدعي من يتبناها انها سياسة الدولة. فاذا كانت هي سياسة الدولة فنحن وغيرنا جزء من هذه الدولة ويجب ان يكون لنا رأي في ذلك. اما اذا كانت هي سياسة حزب ويراد للدولة ان تكون حمالة هذا المشروع وغطاءاً له، فهنا نقطة الاختلاف. حيث نرفض ان تستخدم الدولة في مثل هذه المشاريع ونعتبرها خرقاً واضحاً للامانة في تحمل المسؤوليات واستغلالاً لا دستورياً للمنصب وهو ما سنعود الى مناقشته. لقد حاولت الدولة على طول تاريخها شراء العشائر لكن الاخيرة بقيت جيشاً للمرجعية وحصناً للمجاهدين وقلاع الاباء والشرف. وان التشكيل السياسي الذي يريد ان يعبئها ويعمل معها فانه يستطيع ان يقوم بذلك عبر مبادئه ومناهجه وليس من خلال منح الصلاحيات غير القانونية والدستورية او منح الاموال، اموال الدولة. وان أي مسعى مشروع ومطلوب لتطبيق المادة (45/ثانياً) من الدستور للنهوض بالعشائر والاهتمام بشؤونها يجب ان ينسجم مع الدين والقانون، كما يرد في الدستور لا ان يكون خارج الصياغات القانونية والدستورية و ان يكون فوق الاحزاب والتيارات السياسية وان يعبر عن سياسة للدولة -كل الدولة- وفي مقدمتها اصحاب المسؤولية الحقيقية والاولى، اي الحكومات المحلية والمحافظ ومجلس المحافظة وبغض النظر عن ميولهم وانتماءاتهم السياسية.
2- لم يرفض المجلس الاعلى هذه السياسة فقط بل رفضتها اهم مؤسسات الدولة ونقصد بذلك الحكومات المحلية ومجالس المحافظات وذلك في الاجتماع الذي عقدته هذه المجالس بتاريخ 31/8/2008 والمرفوع بكتاب رسمي الى مجلس النواب بتاريخ 6/9/2008 موقعاً من عشرة محافظات بكل ما تمثله من تيارات وقوى سياسية مختلفة. ناهيك ان المجلس الاعلى وغيره شركاء اساسيين في السلطة الاتحادية، ولم تتخذ هذه السلطة أي قرار مؤطر ويستند الى القانون والصلاحيات الممنوحة لتأسيس هذه المجالس.
3- منح الدستور والقوانين النافذة كامل صلاحيات حفظ الامن والنظام داخل المحافظة للحكومات المحلية (تراجع المواد ذات العلاقة من الامر 71 والقانون الجديد الذي لم يدخل حيز التنفيذ بعد). ولقد خاضت هذه المحافظات طوال الاعوام المنصرمة كفاحاً ضارياً من اجل فرض القانون والنظام حتى عندما كانت الحكومة الاتحادية ضعيفة ولا تمتلك اية قدرة للمساهمة والدعم. وكانت العشائر خير حليف للقيام بواجباتها الدينية والاخلاقية والوطنية. وان أي مشروع يستهدف اليوم دعم القانون والنظام فانه يجب ان ينطلق من واقع المحافظة والحكومة المحلية المسؤولة عن ذلك. يطرح البعض ان هذه المجالس هي لدعم جهود الحكومة وللمصالحة الوطنية وانها ستكون "هيئات رقابية على مجالس المحافظات وانها ستشرف على كل مؤسسات المحافظة خدمياً وامنياً وان بعض اعضائها سيرشحون لمجالس المحافظات القادمة". فاذا كان الامر يتعلق بالمصالحة الوطنية فانه لا توجد في تلك المحافظات مهام كثيرة للمصالحة الوطنية والافضل صرف هذه الجهود والاموال في مواقع اخرى. اما اذا كانت ستكون رقيباً على المحافظات ولها صلة مباشرة بالسيد رئيس الوزراء وبالاجهزة الامنية فهذه تأسيسات لم يشرعها مجلس النواب ولم ترد في الدستور وليست من صلاحيات مجلس الوزراء او السيد رئيس الوزراء، ولا يوجد عليها أي توافق وطني او انها تعبر عن اجراءات لمرحلة استثنائية او لحالة طوارىء خاصة.
4- ستثير هذه المجالس فتنة كبيرة وانقسام خطير بين عشائر العراق خصوصاً الفراتية والجنوبية منها، وقد راجعتنا الكثير من الرئاسات العشائرية طالبة عدم تنصيب اشخاص اولياء عليها يتكلمون باسمهم . فاذا كانت الحكومة الاتحادية ستتدخل في شأن العشائر في كل محافظة فما هو واجب المحافظ والمحافظة اذن. ان استخدام الامر التنفيذي الاتحادي دون صلاحيات واضحة خصوصاً ان هذه المؤسسة ليست من القوات المسلحة ليسمح القائد العام بفرضها باموال الدولة وصلاحياتها و التي تريد ان توازي عمل العشائر والحكومة المحلية وترتبط بالسيد رئيس مجلس الوزراء لهي مخالفة واضحة للدستور الذي تقول المادة 122/ثالثاً :"يعد المحافظ الذي ينتخبه مجلس المحافظة، الرئيس التنفيذي الاعلى في المحافظة، لممارسة صلاحياته المخول بها من قبل المجلس" او الفقرة خامساً من المادة نفسها القائلة "لا يخضع مجلس المحافظة لسيطرة او اشراف اية وزارة او اية جهة غير مرتبطة بوزارة، وله مالية مستقلة"..
نرجو مراجعة مجموع المسألة دفعاً لاية مشبوهيات وتداخلات هي ليست من اختصاصات الحكومة الاتحادية. فاذا كانت من اختصاصات الحكومة الاتحادية فنحن وغيرنا شركاء متضامنون ويجب ان نعرف كيف تقرر هذه الامور وغاياتها.. واذا كانت من صلاحيات الحكومة المحلية فالامر متروك لها، على فرض ان هناك مسوغات عملية او مؤسساتية ولها غطاء قانوني ودستوري للقيام بها.
ثانياً: توضيح بعض مداليل الكلمات المنشورة في بعض وسائل الاعلام والتي اساءت بشكل لا يمكننا قبوله ولولا خوفنا من ان ننجر الى معركة مع اعز حلفائنا لاستخدمنا لغة اخرى، فانا لله وانا اليه راجعون
1- يقول صاحب المقالة ان "البعض يحاول ان يتحكم بالمحافظات كيفما يشاء ودون تدخل الدولة العراقية، على الرغم من ان البلاد تدار بنظام اتحادي فيه سلطة القرار للمركز" و ان "المجلس الاعلى يريد ان يدير المحافظات التي يسيطر علي مجالسها لوحده خارج سلطة الدولة العراقية، لذا فهو اختار ان يطرح هويته كحزب" و ان "البعض في مجالس المحافظات يتصور ان المحافظة قد اصبحت ملكاً لحزبه بحيث يتصرف باموال واراضي تلك المحافظة كيفما يشاء" وان " بعض مراكز المحافظات قد تم تمليكها للجهات التابعة لذلك الحزب".. تعليقنا المختصر رغم ان في القلب غصة واننا نضبط قلمنا امام هذا الاستفزاز الواضح، فنقول.
- "سأل احدهم رجلاً من الفقهاء: ما قولك في رجلان اختصما على حائط، هل يحق لاحدهما قتل صاحبه وهو صائم.. ان ينتظر الى نهاية رجب.. فاجابه ما اراني اصحح لك اولاً.. غلطك في النحو؟ ام في الفقه؟ ام في التواريخ؟" هكذا هو حالنا مع كاتب الكلمات. فماذا نجيب صاحبنا؟ مفهومه للدولة؟ ام للمركزية؟ ام للاتحادية؟ فهل الدولة شخص واحد كما قد يتخيل صاحبنا؟ هل هي مؤسسة واحدة؟ ام هي -حسب الدستور والقوانين النافذة مجموع المؤسسات من مجلس النواب ومجلس الرئاسة ومجلس الوزراء ورئيس مجلس الوزراء والحكومات المحلية ومؤسسة القضاء كما فصل ذلك الدستور في ابوابه المختلفة!! فاذا اراد صاحب المقالة غير الموفقة اختزال الدولة وقراراتها بالسيد رئيس الوزراء وحزبه فهذا اختزال لكل المؤسسات الاخرى ولكل القوى المشاركة في الدولة والحكومة. وهذا هو التحكم الكبير الذي يتهمنا به. اما اذا كانت الدولة هي مختلف المؤسسات وهي مجموع القوى التي وصلت بالسيد المالكي الى رئاسة الوزراء فيجب ان لا نتكلم وكأن الدولة ملك طرف واحد كما تشير الكلمات اعلاه دون حاجة للاستنتاج والتأويل كما يفعل صاحب المقالة في اتهام المجلس الاعلى.
- ثم كيف يمكن للدولة ان تكون اتحادية وتكون سلطة القرار للمركز. أي تناقض هذا!! فقد قاتلنا وضحينا لكي نصل الى دولة اتحادية يشارك فيها الجميع ثم نأتي ونتكلم عن مفاهيم تكرر تجربة الماضي. لا يوجد في الدستور كله كلمة المركز وان الاتحادية هي نفي بالمطلق للمركزية وان العراق اختار دستورياً النظام اللامركزي. وان أي عمل ينطلق من مفهوم المركزية هو مفهوم منافي للدستور. و لن يقبل من أي مسؤول غير تقاسم الصلاحيات سواء بين مؤسسات الدولة الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية او بين الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية كما فصلتها ابواب الدستور. فالمجلس الاعلى ملتزم تماماً بالدستور ونعتقد ان السيد رئيس الوزراء وحزب الدعوة قد قاتلا لانتصار الدستور ولا يمكن للمساجلات الكلامية خصوصاً غير المدروسة ان تسقطهم في هذا الموقف. المجلس الاعلى شريك اساسي في الحكومة وأحد بناة هذه الدولة سواء الاتحادية او المحلية ولا يمكن ان يسرق منه او من غيره هذا الدور.. فهو -شأنه شأن الاخرين- موجود هنا وموجود هناك. حريص على قرار الحكومة الاتحادية كما هو حريص على قرار الحكومة المحلية. لم ينفرد في الحكم لا اتحادياً ولا محلياً ولن يقبل ان ينفرد أي طرف اخر في الحكم لا اتحادياً ولا محلياً.
- مجالس المحافظات ليست ملكاً للمجلس الاعلى، وليست ملكاً لاي حزب اخر. لقد خاض سكان المحافظات انتخابات شريفة جرت في كانون الثاني من عام 2005 متزامنة مع الانتخابات التشريعية الوطنية. وادلى الناخبون باصواتهم في اشرف وارقى انتخابات شهدتها البلاد. في تلك الانتخابات وضع الناخبون في صناديق الاقتراع ورقتين. الاولى للانتخابات التشريعية والثانية للانتخابات المحلية. وكان عدد المشاركين في الانتخابات التشريعية والمحلية قريباً ولم تقل نسبة المشاركة في الاخيرة سوى بنسبة 2% عن الاولى. وقد حصل المجلس الاعلى بقوائمه المنفردة فقط في محافظات بغداد والنجف والمثنى وذي قار والقادسية والموصل ما مجموعه 1،071،891 وذلك من مجموع ما يقارب الثمان ملايين صوتاً لمجموع الناخبين في محافظات العراق. واذا اضيفت حصته التقديرية في القوائم الائتلافية التي كان طرفاً رئيسياً فيها في محافظات ديالى وميسان وواسط وبابل وكربلاء والبصرة وكركوك وصلاح الدين، فان رصيده سيرتفع الى مليون وثلاثة ارباع المليون تقريباً.. لقد حقق المجلس الاعلى هذه النتائج ولم تكن بيده الدولة ولا مجالس المحافظات ولا مجالس اسناد ولا الجيش ولا الشرطة او غيرها.
- ان المجلس الاعلى وغيره من القوى الفائزة بما فيها من حزب الدعوة -كما في كربلاء فيما يخص السيد المحافظ- لم يسرق هذه المجالس ولم يستولي عليها، بل فاز بمواقعه بكل شرعية وامانة .. وان شرعية المحافظين ومجالس المحافظات لا تقل عن شرعية رئيس الجمهورية ونائبيه ورئيس الوزراء ونائبيه والوزارء، بل قد يتقدمون على غيرهم فهم منتخبون مباشرة من سكان المحافظة شأنهم شأن اعضاء مجلس النواب الذين هم شئنا ام ابينا اساس شرعية مجمل النظام وسلوكه. وان المحافظين ومجالس المحافظات اداروا هذه المحافظات طوال هذه الاعوام الاربعة بامكانيات مالية شبه معدومة في العامين الاولين وبامكانيات تطورت بتواضع شديد خلال العامين المنصرمين لا تقارن بمجموعها بما هو تحت يد مسؤول واحد في الحكومة الاتحادية.. فكيف يمكن اتهامهم باعتبار الاموال ملكاً لهم. واذا كان هناك من امر في هذه القضايا فهناك مؤسسات حكومية كهيئة الرقابة وهيئات مستقلة كهيئة النزاهة وهناك القضاء. وان المجلس الاعلى حارب الفساد ولن يتستر على أي مسؤول لديه ان وقع تحت طائلة المسؤولية القانونية. وان مجلس النواب (ومجلس المحافظة) مطالب باستدعاء مسؤولي المجلس الاعلى في الحكومة الاتحادية للاستجواب والمساءلة، لا باستضافتهم، كما اصبحت العادة في مجلس النواب، ولنزع الثقة ان كانت هناك خيانة للامانة والمسؤولية. كما ان القضاء وهيئات الرقابة مسؤولة عن كشف كل ما لديها. وان المجلس الاعلى ضد اية نزعة لتحويل المؤسسات الى ملكيات حزبية. وان كافة ممتلكات ومواقع المجلس الاعلى هي مواقع قانونية ولا شبهة في ذلك فيجب عدم الكلام بلسان الاعداء. هذا عيب كبير وقع فيه صاحب الكلمات وهو امر مسيء وفيه خيانة لا نعرف كيف يمكن ان يصدر من شخص مسلم يرعى ذمم الاخرين وتحكمه القواعد الشرعية في التصريح والكلام والتصرف، وهو امر يدفعنا لانه نكذبه نحن قبل ان يكذبه من نسبت اليه الكلمات. هذا واقع مسؤولينا سواء اكانوا وزراء او غير ذلك. وليقارن الجمهور بين المسؤول في المجلس الاعلى وموقعه ووزارته ومواقع اخرين ووزاراتهم ومواقعهم وكيف تتحول الى دائرة مغلقة لطرف واحد. فاذا كان اخواننا في المجلس الاعلى يقومون في ذلك في مواقع الحكومات المحلية فما الذي يمنعهم من القيام بنفس الامر في مواقع الحكومة الاتحادية والتربية والمنهج هما من نبع واحد ومنهج واحد.
- عمل المحافظون ومجالس المحافظات وفق القوانين والانظمة رغم كل التدخلات غير الشرعية وغير القانونية للكثير من المسؤولين في الحكومة الاتحادية وسعيهم الحثيث لمنع مجالس المحافظات والحكومات المحلية من اخذ حقوقها المالية والقانونية والادارية كما اقرها الدستور والقوانين النافذة ورغم احتجاج المحافظات ومطالباتها المتكررة ليس من المجلس الاعلى فقط بل من كل القوى المسؤولة في المحافظات. ان استخدام الصلاحيات التنفيذية للسلطة الاتحادية والاستمرارية التاريخية للنظام المركزي يجب ان تتوقف اذا ما كنا امناء على هذه المسيرة التي قوامها الانتخابات والدستور وسلطة القانون والنظام وليس المفاهيم الفردية او الافكار الخاصة.
- ان كل ممتلكات المحافظات واراضيها ما زالت بيد وزارات الحكومة الاتحادية سواء وزراة البلديات او الزراعة او المالية او الدفاع والداخلية. فاذا كان هناك من اساءات فيجب المحاسبة في تلك المواقع. واذا كان هناك من خرق القانون فانه جرى في بغداد ولم يجر في المحافظات كما يتهم بطلاناً صاحب المقالة البائسة الحظ.
- نذكر بان المجلس الاعلى قد برهن عن تفانيه وتضحياته بالمواقع والمسؤوليات تحقيقاً للمصلحة العليا. وعلى الاخرين ان يبرهنوا على قيامهم بالامر نفسه. فالمجلس الاعلى لم يتردد في تأييد الاخ الدكتور الجعفري لرئاسة الوزارة السابقة ولم يتردد في دعم الاخ المالكي في الوزارة الحالية، رغم رصيده الانتخابي الذي اشرنا اليه والذي تتكلم به الارقام قبل الاجتهادات. فاذا كان المجلس الاعلى على استعداد للتعامل مع هذه المواقع الحساسة بمثل هذا التفاني فما الذي يمنعه عن القيام بذلك في المواقع الادنى؟ واننا نستطيع ان نضرب الامثلة في مواقع عديدة ووقائع كثيرة حيث عرضت وتعرض علينا المواقع والمسؤوليات وننأى بانفسنا الا ان نشارك بها اخواننا.
2- يقول صاحب المقالة ان "البعض يكيل اتهامات غير صحيحة حول مبادرة رئيس الوزراء نوري المالكي بتكوين مجالس اسناد لدعم الاجهزة الامنية ويحاول ان يشبهها بالميليشيات" وان "هؤلاء لا يريدون للدولة العراقية ان تكون قوية، ولا يريدون للميليشيات التي ما زال البعض منها يخترق القوات المسلحة ان تقوم الحكومة باجتثاثها"
- ان مجالس الاسناد ان لم تدرج في القوات المسلحة بسياقات صحيحة فهي ميليشيات شئنا ام ابينا. اما اذا كانت مجالس شعبية فانها يجب ان لا تعامل كمؤسسة من مؤسسات. نعم يمكن للعشائر او للاحزاب والقوى ان تعبىء ما تشاء لدعم الحكومة وسلطة القانون او لاية مهمة شرعية وقانونية اخرى..واذا ارادت الدولة اسنادها لتعزيز حالة الامن فان ذلك يجب ان يجري اساساً عبر الحكومات المحلية والسيد المحافظ او بالتنسيق معها وسواء اكان المسؤول اتحادياً او محلياً في المجلس الاعلى او غيره من قوى سياسية، فالمحافظ هو المسؤول التنفيذي الاول في المحافظة، ولا مجال قانوني مقبول غير تلك الخيارات.
- يريد المجلس الاعلى للدولة العراقية ان تكون قوية.. لكنه يريد ان يكون الاستبداد والتمركز والمركزية والتفرد ضعيفة وغائبة عن حياة العراق والعراقيين. فقد دفعنا ثمناً باهضاً لذلك ولا يمكننا قبول تكراره. وان الدولة القوية تقوم على حكومة اتحادية قوية وحكومات محلية قوية. وان أي اضعاف لاحدهما هو اضعاف للدولة. فالبعض يريد ان يقوي "مركزه" على حساب الدولة بسلطتيها الاتحادية والمحلية. بينما يريد المجلس الاعلى تقوية الدولة اتحادياً ومحلياً، و هذا هو ما عرفه الدستور ونادى به. واي كلام غير ذلك سيعني بالنسبة لنا اجتهادات شخصية. هذا هو فهمنا فاذا كان للاخرين وجهات نظر اخرى فيجب تغيير الدستور والقوانين.
3- يقول صاحب المقالة "فضلاً عن تعيين قادة الاجهزة الامنية حصرياً من اعضاء ذلك الحزب الواحد"
- نرجو من صاحب المقالة ان يوضح اين تم تعيين قادة الاجهزة الامنية حصراً من ذلك الحزب. فالمجلس الاعلى يرفض ان يكون أي قائد في الاجهزة الامنية من أي حزب فكيف يمكن ان يقبل ان يكون من "ذلك الحزب"(أي المجلس الاعلى)
- لقد غزا "البعثيون" والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواء، الاجهزة الامنية. ولطالما صرح مسؤولون كبار بان قادة القوات المسلحة اليوم هم 100% من البعثيين السابقين. هذه السياسة لم يقم بها المجلس الاعلى اساساً فقد مرت بالعراق اربع وزارات منذ سقوط النظام السابق ولحد الان احتل منها حزب الدعوة رئاستي وزارة، وكان دوره مباشراً في التعيينات والتنقلات وحجز المواقع والانفتاح عليها. ومن ناحيتنا فلقد ايدنا المصالحة الوطنية ونحن الذين تقدمنا بصياغة المادة 135/خامساً من الدستور والقائلة بـ "ان مجرد العضوية في حزب البعث المنحل لا تعد اساساً كافياً للاحالة الى المحاكم، ويتمتع العضو بالمساواة امام القانون والحماية، ما لم يكن مشمولاً باحكام اجتثات البعث والتعليمات الصادرة بموجبه". وان شهيد المحراب قد افتى قبل سقوط النظام بضرورة العفو عن جموع البعثيين وان لا تنال العقوبات سوى كبار المسؤولين.. واننا نريد طي صفحة الماضي مع وضع الضمانات لعدم تكرارها. لذلك رفضنا ونرفض بقوة عودة الصداميين وقبلنا عودة المخلصين للنظام الجديد. اما ان يكون ذلك كله سبباً لابعاد الرجال المخلصين الذين قاوموا النظام فهذا امر لا نقبل به وغير قانوني او دستوري ولا تقبل به جموع شعبنا. وان الامر (71) وضع اليات لتعيين او عزل مدراء الشرطة او المدراء العامين واننا التزمنا ونلتزم بذلك مع الاشارة الى ان هناك قرارات ومواقف متكررة من الحكومة الاتحادية في هذه المسألة تمنع مجالس المحافظات في القيام بواجباتها، كما حصل في الحلة وذي قار وبغداد وغيرها من محافظات. فمجالس المحافظات تحاسب اليوم على مسؤوليات لا تتحمل صلاحياتها. وان بعض المسؤولين يقومون بتدخلات واتخاذ قرارات تتعلق بسياسات المحافظات دون ان يتحملوا المسؤولية امام جمهور المحافظة او ان يحاسبوا على ما يقومون به من اعمال. وهذا امر يتضح فيه الخلل بسبب عدم التقيد بالقوانين.. ولن يقبل المجلس الاعلى اية مخالفة كما لن نقبل ان ينتمي أي فرد في القوات المسلحة او الامنية لاية منظمة سياسية ناهيك ان نقبلها للمجلس الاعلى. وان دفاع مجالس المحافظة عن حقها في اختيار مسؤوليها الامنين او في الوزارات هو حق قانوني يجب ان لا يخرقه "المركز" كما صار يتم على الاغلب. فهذه ممارسة اعترضنا عليها وهي تسبب انزعاج البعض.. وسنبقى نعترض عليها لانها خرقاً للقانون، وان الاتهامات الباطلة لن تثنينا عن المطالبة بما اقره الدستور والقانون ولن نقبل بغير ذلك. كما ان اختيارنا لمن نعتقده صالحاً ومؤمنا للعراق الجديد هو من اولى مهامنا، ولم نقس الامور بقياسات حزبية بل بقياسات الكفاءة والاخلاص والمهنية.. ولنتحاسب على ذلك بالاسماء والارقام والاحداث.
4- يقول صاحب المقالة "ان البعض ايد عمليات فرض القانون في المحافظات الجنوبية، لانها كانت تستهدف جهة معينة لكنه عندما شعر ان الجماهير بدأت تتجه نحو الحكومة الاتحادية وترغب بفرض الامن من خلالها، يحاول الان ايقاف النجاحات المتحققة، لاعتقاده ان هذه المحافظات تدار من خلاله فقط".
- ان فرض القانون والنظام لم تكن سياسة انطلقت في بداية عام 2008، بل كانت معركة العراق منذ السقوط والى حد الان. ولا نعتقد ان صاحب المقالة سيدعي انه عمل لبناء الدولة ولفرض القانون والنظام وقدم تضحيات في سبيل ذلك اكثر من المجلس الاعلى. المجلس الاعلى رفض سياسة "توازن الرعب" الذي قال بها البعض. ورفض ان تكون في العراق دولتين وجيشين. وطالب بحل الميليشيات قبل ان تصبح موضوعة يطالب بها الاخرون. ورفض التملق لاحتلال المواقع. ولا يخفى على أي عاقل ان هذه الطروحات كانت سبباً لمشاكل جمة واجهها بل ما زال يواجهها . لقد قام المجلس الاعلى بتوصية من شهيد المحراب قدس سره بحل فيلق بدر وتحويله الى منظمة سياسية بدون معسكرات وتدريبات واسلحة ومخازن. وطالب في كل المراحل ان يعمل الجميع في ظل القانون بدون عزل او تهميش. لم يتوقف المجلس الاعلى عن الحوار والتفاوض مع الجميع بما في ذلك من يسميهم كاتب المقالة بنية (...) لا تصدق "الجهة المعينة". المجلس الاعلى ليس لديه سياسة في الليل و اخرى في النهار. لديه سياسة واحدة. وهذا سبب جماهيريته وقوته الكبيرة من جهة وسبب استهدافه والسعي لاضعافه من جهة اخرى من اطراف مختلفة منافسة ومعادية على حد سواء.
- يتناسى صاحب المقالة ان القوات الاتحادية كانت غائبة عن معظم ان لم نقل جميع محافظات الجنوب منذ 2003 والى نهاية 2007. وان المجلس الاعلى وبقية القوى المخلصة بذلت جهوداً جبارة للحفاظ على كيان الدولة وما تستطيع القيام به للدفاع عن امن المؤسسات والمواطنين وسط ظروف بالغة في التعقيد والصعوبة والتشابك دون ان تتلقى دعماً حقيقياً وجاداً من الحكومة الاتحادية. وان الحكومات المحلية تحملت مع العشائر وما استطاعت تعبئته الجهد الاعظم بعد ان كانت القوات المسلحة ما زالت تعاني من الضعف وقلة الانضباط وضعف التدريب والتسلح الذي لم يسمح لها حينذاك بالدخول الناجح في معارك فرض الامن والنظام. وان المجلس الاعلى وبقية القوى قدموا شهداء كثيرين اعزاء على رأسهم محافظين عزيزين هما الشهيد ( محمد علي الحساني )محافظ السماوة والشهيد ( خليل الكرعاوي) محافظ الديوانية من اجل فرض القانون والنظام و الحفاظ على كيان الدولة والدفاع عنها. فالامر لا يبدأ بالبصرة. والبصرة لم تكن معركة ضد "تلك الجهة" بل كانت ضد من خرج على القانون وقد وقف معها الجميع بما في ذلك الاطراف الرئيسية والمتنفذة في " تلك الجهة"، كما تشير الى ذلك الاتفاقات التي ساعدت على النجاحات التي يتكلم عنها صاحب المقالة. فما هو هذا البؤس والمنطق الذي يسعى فيه صاحب المقالة لشعل نيران فتنة نائمة؟؟ وهل هذا من تقاليد العمل السياسي او الالتزام الديني؟؟. نرجو المراجعة وعدم الانسياق وراء نقاشات الغرف المغلقة والتفكير المبطن. ان معرفتنا بحزب الدعوة انه اكبر من ذلك بكثير. فسجله في التضحيات واضح وكبير. وان دفع البعض لمثل هذه التصورات هو خطأ كبير وفتنة ما بعدها فتنة. فان كانت هذه هي كلمات "القيادي البارز" فيجب استنكارها والتنصل منها.. وان كانت هي من صنيعة الاعلام فيجب ان ندرك المهاوي التي نساق اليها جميعاً.
5- يؤكد المجلس الاعلى مرة اخرى ان تحالفه في الائتلاف العراقي الموحد ومع حزب الدعوة بالذات ومع بقية القوى في الساحة الفراتية والجنوبية او تحالفاته الوطنية هي حجر زاوية في سياساته العامة. ويستهجن ويستنكر أي مس بحزب الدعوة ويتنصل عن أي تصريح او كلام جارح مجافي للحقيقة بعيداً عن الممارسة السياسية المقبولة المنسوبة بحق او غير حق لشخصيات في المجلس الاعلى. فمنهجه ان نختلف بوضوح ونتفق بوضوح. فلا يخلط هذه بتلك، بل يعتقد ان هذه تعزز تلك ولا تنسفها. فالعراق ليس ملكاً لطرف واحد او لشخص واحد بل هو ملك لشعبه الذي حسم خياره في شكل النظام والمؤسسات التي تحكمه وعرف بدقة ووضوح الصلاحيات والمسؤوليات، كما وضع الحدود بين كل طرف من اطراف الدولة العراقية كما صاغها الدستور.
بغدادمكتب الثقافة و الاعلام في المجلس الاعلى الاسلامي العراقي
https://telegram.me/buratha