دافعت وزارة الصحة عن برنامج "علاج العراقيين في الهند"، نافية وجود حالات فساد فيه. وبينما اعتبر اخصائي عراقي في قسطرة شرايين القلب ان "أغلب العمليات التي اجراها اطباء هنود لمواطنينا تكللت بالنجاح، ولا سيما عمليات تبديل الشرايين والصمامات"، قال أخصائي في جراحة الكسور والمفاصل ان "العديد من المرضى اكتشفوا ان العمليات التي اجريت لهم في نيودلهي فاشلة، وأن بعضهم توفي جراء مضاعفات هذه الأخطاء الطبية القاتلة".
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة الدكتور زياد العلي، ان ما يدعو المرضى العراقيين للتوجه الى الهند من أجل العلاج "التسهيلات التي تقدمها الحكومة الهندية للعراقيين عبر منحهم تأشيرات الدخول بشكل ميسر، والسمعة العالمية للاطباء الهنود، فضلا عن انخفاض تكاليف العلاج في المستشفيات الهندية ورخص الخدمات الفندقية".
وقال العلي، في تصريح صحفي" ان "العراق ليس البلد الوحيد الذي استعان لعلاج مرضاه بالخبرات الهندية". واضاف "حتى في الولايات المتحدة يستعينون بهذه الخبرات". وتابع "أذكر جيدا يوم فتحت مكاتب مختصة في عدد من الولايات الاميركية للاستشارة فيما يخص الصور الاشعاعية عبر الانترنت وارسال فلم الصور بواسطة منظومة الاقمار الصناعية الى الاطباء الهنود الذين يكتبون تقاريرهم ويرسلونها الى الاطباء الاميركان مقابل اجر زهيد لا يقارن بالمرة بأجر الطبيب الاميركي المختص بالتصوير الاشعاعي". وزاد ان هذا الإجراء شكل حلا مثاليا لأزمة كبيرة كان يعاني منها المجتمع الاميركي الغني.
ويقول العلي ان "من ضوابط ارسال المرضى العراقيين الى الهند للعلاج هو ان تتعهد المستشفى التي نفاتحها بضمان نسبة نجاح لا تقل عن 80%".
ومضى الى القول "لا نرسل الى الهند أية حالة مرضية ميؤوس منها او بعمر كبير، ونركز على الاعمار الصغيرة التي من الممكن ان تكون منتجة في حال شفائها بالكامل بعد اجراء العملية". لكنه ذكر ان وزارته "ليست بصدد تشجيع العلاج في الهند بقدر حرصها على علاج ابناء هذا البلد وضمان شفائهم والتخفيف من معاناتهم".
وقال العلي "حاليا لدينا مشكلة في معالجة مرضى السرطان، ولا يمكن الوقوف مكتوفي الايدي ازاء المواعيد الطويلة التي تمنح للمرضى الذين يعالجون في الداخل، فقد تتوفى الحالة قبل ان يصلها الدور وعليه بادرنا الى ارسال ثلاث وجبات الى تركيا لتلقي العلاج من جانب وبناء قدراتنا الطبية من جانب آخر، وهذا ما حصل مع عملية زراعة القوقعة، فبما ان كوادرنا تدربت على اجراء العملية باتت بالفعل تجريها في الداخل". وكشف ان وزارته اتفقت "مع جميع الدول التي نعقد اتفاقيات معها لعلاج مرضانا ان نرسل فريقا طبيا يتعلم المهارات الطبية ليتمكن مستقبلا من اجراء العمليات في الداخل".
وبشأن الجهة التي تتحمل نفقات العلاج في الهند، قال ان "الوزارة تتحمل جميع تكاليف العلاج للمرضى المعالجين على نفقة الدولة، وكذلك تكاليف مرافقيهم وحتى تذاكر سفرهم الى الخارج".
وعن الفساد الذي قيل انه يشوب برنامج العلاج في الهند، قال العلي انه "كلام عار عن الصحة". وأضاف ان "عملية تمويل هذه العمليات تكون وفق ميزانية خاصة خصصها مجلس الوزراء، فضلا عن ان وزارة الصحة ليست الجهة الوحيدة المخولة بالصرف، فهناك جهات عدة تشاركها في تمويل المشاريع العلاجية ولم ترد الينا أية شكوى بخصوص هذا الموضوع".
وعن حديث بعض الأطباء عن فشل العديد من العمليات التي اجريت في الهند لعراقيين، قال العلي ان "اية عملية جراحية تمر عليها ثلاثة ايام والوظائف الحيوية للمريض تعمل بشكل جيد حينها تكون ناجحة اما اذا توفي المريض بعد ذلك فمن المؤكد ان هناك اسبابا أخرى".
ويقول العلي ان "اسعار العمليات متفاوتة، وقد تنفق الحكومة عشرة آلاف دولار، وقد تنفق 100 الف دولار، وهذا يعتمد على نوع العملية وحالة المريض، ضمن حدود وضوابط اقرها مجلس الوزراء".
واعتبر العلي قرار الحكومة بانتداب اطباء تخدير من الهند وبنغلادش للعمل في العراق "أمرا مرحبا به". وقال "نشترك مع الهنود في ان نظامينا الصحيين مستندان الى النظام البريطاني، وعلى حد علمي فإن الخبرات الهندية كبيرة جدا وتشاركنا نفس الطريقة في التدريس والعلاج".
من جهته، قال أخصائي قسطرة شرايين القلب، الدكتور علي مطنش، في حديث مع "العالم" ان "لجوء العراقيين لتلقي العلاج في الهند هو بسبب رخص الكلفة وكفاءة الاطباء"، مضيفا ان "أغلب العمليات التي اجراها اطباء هنود لمواطنينا تكللت بالنجاح، ولا سيما عمليات تبديل الشرايين والصمامات". وقال "لديهم مراكز مهمة لعلاج الامراض القلبية".
ويشير الى ان "الحالات التي تلقت العلاج في الهند وتوفيت او شابتها الاخطاء الطبية قليلة جدا، بينها بعض الحالات الميؤوس منها التي يصر ذووها على علاجها في الخارج، في حين ان العلاج لن يجدي نفعا معها".
وتابع "اذا تحدثنا عن الجانب التجاري للسياحة العلاجية والجشع الذي يمكن ان يرافقها واستنزاف مدخرات المرضى، فالاطباء الهنود هم الأقل جشعا بين الاطباء او المستشفيات التي يقصدها العراقيون في الخارج"، مشيرا الى ان "الجشع في الاردن او لبنان او ايران اكثر بكثير من أي حالة تذكر تحصل في الهند" موضحا ان "عملية ترقيع الشرايين تكلف قرابة الـ 15 الف دولار في هذه الدول، بينما تجرى بثلث هذا المبلغ في الهند".
لكن أخصائي كسور بارز في بغداد، رفض نشر اسمه، قال لـ "العالم" ان "العديد من المرضى العراقيين الذين أجروا عمليات جراحية في الهند، اكتشفوا بعد العودة الى بلادهم انها كانت فاشلة".
واضاف ان "العديد من عمليات استبدال كرة مفصل الحوض والقصر الولادي التي اجريت لمرضى عراقيين في الهند كانت فاشلة". وتابع "اضطر اطباء عراقيون الى اعادة فتح عمليات جراحية لمرضى عادوا من الهند بسبب فشلها، والمعروف ان اعادة فتح العملية يزيد فرص التعرض لمضاعفات قد تقود الى الوفاة"، مشيرا الى "وفاة بعض المرضى الذين فشلت عملياتهم في الهند، بعدما حاول اطباء عراقيون اصلاح اخطاء ارتكبها جراحون هنود".
ويشير الجراح العراقي الى ان "الحكومة تمول عمليات جراحية باهضة الكلفة في الهند، قياسا الى دخول المواطنين، لكنها لا تدعم مثلا المراكز الجراحية التخصصية داخل البلاد، والتي من الممكن ان تكون بديلا لمستشفيات وجراحي الهند".
https://telegram.me/buratha