تباينت آراء الكتل السياسية حيال الجهة التي ستتولى مهمة التفاوض مع الجانب الاميركي، بشأن عدد المدربين الذي يفترض بقاؤهم في البلاد، بعد انسحاب القوات الاميركية نهاية العام الجاري.
ففي الوقت الذي اكد ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي، أن اللجنة الوزارية التي وقعت الاتفاقية مع الجانب الاميركي العام 2008، هي نفسها التي ستتفاوض مع الاخير حول المدربين، ذهبت القائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي، إلى أن وزارة الخارجية تعد الجهة المخولة في توقيع الاتفاقيات مع دول العالم.
لكن ترؤس المالكي بنفسه للفريق التفاوضي العراقي، يمكن ان يثير مفارقات بروتوكولية، ولاسيما مع ضرورة أن يكون رئيس فريق التفاوض الأميركي، أعلى سلطة سياسية في الولايات المتحدة. بعض المصادر البرلمانية تتحدث عن أن القوات الأميركية الباقية، ستتوزع على 9 قواعد في شتى أنحاء البلاد، على أن تقوم بمهام تدريبية لا غير. وكان الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ، أعلن في تصريحات صحافية عن أن المالكي "سيبدأ مفاوضاته مع الجانب الأميركي قريبا، لتحديد جملة من النقاط التي توضح آلية عمل المدربين، وضوابط بقائهم في البلاد". وأوضح الدباغ أن "المفاوضات ستركز على عدد المدربين، وهذا تحدده الوزارات ذات العلاقة، بمعنى أن القائمين على إدارة وزارتي الدفاع والداخلية، سيحددون عدد المدربين بما يتناسب وحاجتهم الفعلية منهم"، مضيفا "ستتناول المفاوضات أيضا نقاط تمركز المدربين".
وفي حديثه لـ "العالم" أمس الأحد، يؤكد عضو ائتلاف دولة القانون علي الشلاه، وجود لجنة وزارية جرى تشكيلها عند بدء المفاوضات بشأن الاتفاقية الامنية بين الطرفين؛ العراقي والأميركي، مضيفا "كذلك تقوم تلك اللجنة بمتابعة جميع اختراقات القوات الاميركية بعد ابرام الاتفاقية، من خلال نقل الشكاوى والاعتذارات الاميركية والمبررات التي تسوقها عند انتهاكها الاتفاقية".
لكن الشلاه استدرك بالقول إن "القرار الأخير بشأن قضية المدربين سيكون من ضمن صلاحية رئيس الوزراء حصرا"، رافضا الكشف عن الوزارات التي ستنضوي ضمن اللجنة الوزارية المذكورة بالقول "لا يمكن إعطاء تفاصيل عن تلك اللجنة لأسباب امنية، سوى انها وزارية".
وبشأن مطالبة اميركا توفير حصانة قانونية لمدربيها، قال عضو ائتلاف دولة القانون إن "الاتفاقية الامنية اعطت للجانب الاميركي الحق في الدفاع عن النفس، اذا ما تعرض للاستهداف" مستدركا "لكن بالمقابل فإن المدربين لن يكونوا على احتكاك خارجي مع الشارع العراقي، حيث سيتمركز عملهم داخل معسكرات التدريب تحديدا".
وكان رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأميركي مايك مولن، طالب الجانب العراقي خلال زيارته الأخيرة لبغداد، بضرورة توفير حصانة قانونية للجنود الأميركيين، يتم المصادقة عليها في مجلس النواب في حال بقاء جزء من القوات الأميركية بعد 2011.
من جانبها، ترى عضو القائمة العراقية والناطق باسمها ميسون الدملوجي، أن ابرام الاتفاقيات مع دول العالم يكون من خلال وزارة الخارجية، موضحة أن "الجانب الاميركي يطالب بتوفير حصانة لقواته التي ستتواجد للتدريب في البلاد، وهذا الامر لا يمكن حصوله بدون اتفاقية توقع بين الطرفين".
وبسؤال وكيل وزارة الخارجية لبيد عباوي، عما إذا كان هناك من دور لوزارته في المفاوضات المرتقبة، أجاب "العالم" بالقول إن "هذا الامر منوط بمجلس الوزراء ورئيسه تحديدا" رافضا الكشف عن المزيد. وبشأن موقف البرلمان من ملف منح الحصانة للأميركان، اوضحت الدملوجي في تصريحات لـ "العالم" أمس "هذا الامر يرد عليه المالكي، بوصفه القائد العام للقوات المسلحة، ولاسيما ما يتعلق بمدى حاجة البلاد لتلك القوات، لدرجة منحهم الحصانة القانونية خلال فترة تواجدهم".
ويتفق شاكر كتاب، المتحدث باسم حركة تجديد التي يتزعمها نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، مع الدملوجي على أن مسؤولية المفاوضات مع الجانب الاميركي، تقع على عاتق القائد العام للقوات المسلحة، لكنه يستثني "ما يتعلق بالمسائل الفنية، التي تحتاج إلى المختصين لحسمها".
وحول عدد المدربين الاميركان الذين تنوي الحكومة الاستعانة بهم في تدريب الاجهزة الامنية، ينفي كتاب معرفته "بالعدد المضبوط، لكن الاميركان بالمقابل يميلون إلى إبقاء أكبر عدد ممكن من قواتهم"، معتبرا أن هذا الامر "لا يصب في مصلحة بناء سيادة البلاد". وبشأن حصانة القوات الاميركية يرى كتاب أن "الشعب العراقي يرفض ان يعطي حصانة لكل من يرتكب اي فعل على الاراضي العراقية"، مبينا أن "الاميركان عندما يطالبون بهذا الامر، فانهم يتحدثون بلغة المحتل".
ويتفق عضو التحالف الكردستاني محمود عثمان مع كتاب، بشأن رفضه منح الحصانة القانونية للجنود الاميركان وتحت اي مسمى، موضحا أن "هذا الامر غير صحيح، ولن يحظى بالقبول داخل مجلس النواب". ويضيف عثمان إن الحصانة "طريقة للهروب من الجرائم التي ارتكبت كثيرا بحق العراقيين، ولم يتم محاسبتهم سواء في الداحل او في بلدهم (اميركا)".
وحول الجهة التي ستتفاوض مع الاميركان، قال عثمان إن "الحكومة خولت من قبل الكتل السياسية، وبالتالي هي من تقرر ارسال الشخصيات سواء السياسية منها او الفنية".
وعن اعداد المدربين الذين تنوي الحكومة الابقاء عليهم في البلاد، يؤكد عثمان أن هذا الأمر "يعتمد على الحكومة ومدى حاجتها للمدربين"، معربا عن اعتقاده بأن "العدد سيكون بالآلاف، على اعتبار ان كثيرا من المؤسسات تحتاج الى الجانب الأميركي في مسألة تدريب عناصرها".
https://telegram.me/buratha

