الاعلان عن نجاح الاجتماع الثالث لقادة الكتل، في ضيافة رئيس الجمهورية جلال طالباني والاتفاق على عدة نقاط، لم يمنع نواب في ائتلاف دولة القانون، من إبداء رفضهم وتذمرهم من موضوع المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية.
وما بين مهدد بعدم التصويت على قانون المجلس واللجوء إلى المحكمة الاتحادية، وبين الحلول التوفيقية بتشذيب صلاحيات المجلس، وما تقدمت به العراقية من مشروع قانون حوله، يبقى الموضوع قنبلة موقوتة بانتظار الانفجار، عند طرحه في البرلمان بعد تقديم مقترح طالباني حوله كما تم الاتفاق.
ورغم اعتقاد عضو دولة القانون عبد الاله النائلي، بأن "ورقة رئيس الجمهورية جلال طالباني التي تقدم بها للبرلمان، على صيغة مشروع قانون بشأن المجلس الوطني للسياسيات الاستراتيجية، ستكون غير متعارضة مع صلاحيات السلطات الثلاث، الا أنه يجد ان "المجلس غير دستوري ولكنه توافقي جاء عبر اتفاقية اربيل، التي على اساسها تشكلت الحكومة الحالية"، حسب ما نقلت عنه أمس السبت وكالة الصحافة المستقلة (إيبا). ويرى النائب عن دولة القانون عبد السلام المالكي، في حديثه للوكالة نفسها، ان "ائتلافه لن يكون عقبة امام تنفيذ اتفاق اربيل، وخاصة مجلس السياسات الاستراتيجية"، مشيرا الى ان "الايام القليلة المقبلة ستشهد اقرار مشروع المجلس المذكور".
ويبين المالكي أن "هذا المشروع سيكون محل جدل ونقاش بين اعضاء الكتل السياسية، وسيكون للبرلمان رأي فيما اذا كان مجلسا تنفيذيا او تشريعيا، وكذلك تسمية الشخص الذي سيرأسه".
لكن زميلته في القائمة حنان الفتلاوي، تنتقد "اتفاق قادة الكتل السياسية على تشكيل المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية، من خلال إرسال مشروعه من رئاسة الجمهورية الى مجلس النواب"، معتبرة أن "الكتل السياسية اختارت مصلحتها قبل مصلحة الشارع العراقي، وهذا يحدث للمرة الثانية بعد عدم تصويتها على إقالة مفوضية الانتخابات".
وقالت الفتلاوي إن "مجلس السياسات الاستراتيجية يتناقض تماما مع مبدأ الترشيق الذي صوتت عليه الكتل السياسية، وهو تجاهل لإرادة الشارع والمرجعيات الدينية".
من جهته، هدد النائب حسين الأسدي بـ "اللجوء الى المحكمة الاتحادية، من أجل عدم تمرير قانون المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية"، معربا عن قناعته بأن "مجلس السياسات مصادرة للديمقراطية، وسنرفضه بشدة ولو بالذهاب الى المحكمة الاتحادية".
وكحل وسط، دعا النائب عن دولة القانون محمد سعدون الصيهود إلى "تشريع قانون لمجلس السياسات، بصفة استشارية لا تشريعية أو تنفيذية، ولدورة واحدة".
وأشار الصيهود إلى أن "اكتساب هذا المجلس صفة التشريع والتنفيذ، يعني التدخل بعمل الرئاسات والسلطات الثلاث، وهذا يتعارض مع الدستور، وأي قانون يتعارض مع الدستور يعد باطلا".
لكن النائب علي الشلاه، يوضح أن "المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية العليا سيكون استشاريا وليس تنفيذيا، بحسب الاتفاق الأخير بين الكتل السياسية، حتى لو تم إقراره من قبل مجلس النواب".
ويضيف الشلاه أن "المجلس السياسي سيبقى ضمن إطاره في تقديم المشورة للحكومة، حتى لو تم مناقشته وإقراره في مجلس النواب، وأنّ قراراته ستكون ملزمة في حصولها على نسبة 80 في المئة من أصوات أعضاء المجلس نفسه، وأن عكس ذلك سيكون مخالفا لبنود الدستور".
في غضون ذلك، أعرب النائب عن الكتلة العراقية البيضاء عزيز شريف المياحي، عن اعتقاده "بعدم تصويت البرلمان بالموافقة على تمرير المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية، لعدم قناعة أغلب النواب باستحداث سلطة ثانية قد تربك العملية السياسية".
وقال المياحي في تصريح نقله المكتب الاعلامي للكتلة العراقية البيضاء أمس السبت، ان "البرلمان قد يرفض تمرير مشروع قانون المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية، بعد تسليم الورقة الخاصة بعمله من رئاسة الجمهورية الى البرلمان، بسبب المخاوف من ان يتسبب هذا المجلس بإشكاليات قانونية ودستورية نحن في غنى عنها، وأن يفتح علينا الباب نحو أزمات سياسية جديدة، قد تكون اصعب بكثير من الأزمات السابقة".
وأضاف "كنا قد طلبنا في وقت سابق من جميع الاطراف السياسية التعامل مع المسألة بحيادية ووضوح، ودراسة ايجابيات وسلبيات تشكيل مجلس السياسات، ولكن يبدو أن البعض يفضل اعتماد مبدأ الترضية وتغليبه على المصلحة العامة، وهذا قد يجر العملية السياسية الى تعقيدات، تشغل الجميع عن الهدف الرئيس من العملية السياسية برمتها، وهو خدمة المواطن العراقي الذي يتطلع الى توفير الخدمات وفرص العيش الكريم".
وتابع ان "الوقت الذي استهلكه قادة الكتل السياسية في الاتفاق على هذا المجلس، ستضاف اليه مدة اطول في معالجة الاشكاليات القانونية والدستورية التي قد يتسبب بها مجلس السياسات بعد تشكيله".
ومع اختلاف الرؤى بين العراقية ودولة القانون، سيكون الموضوع مثيرا للجدل، وقد يستغرق إقراره وقتا طويلا سيستقطع من جلسات مجلس النواب، الذي لا تزال على طاولته كثير من القوانين المهمة المعطلة، مثل قانون النفط والغاز، وقانون الاحزاب وغيرها.
ويبقى الامل في أن يتقدم طالباني بورقة متوازنة تجمع بين رغبات العراقية، وتستبعد هواجس دولة القانون من وجود سلطة رابعة، ليتمكن البرلمان من إقرار القانون، وحسم موضوع طال أمده، ليتم الالتفات إلى ما هو أهم من الملفات المؤجلة.
https://telegram.me/buratha

