رغم ان ملف المصالحة الوطنية ظل مختزلا طيلة اعوام، بتصريحات حكومية مقتضبة ومعلومات ناقصة تزيد الغموض حول الجهات المنخرطة فيه وصلتها بالعنف، إلا ان عددا من النواب والوزراء اعلنوا في بغداد امس الثلاثاء، تشكيل ما يشبه «جماعة الضغط» لدفع عجلة هذه العملية.وأعلن عن التجمع بحضور رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي، وممثلة الامم المتحدة انطونيلا كارسو، وهو يضم نحو 16 نائبا من مختلف الاحزاب اضافة الى خمس وزراء في الحكومة الحالية.
وفي عضوية هذا التجمع كل من وزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية عامر الخزاعي، ووزير النقل هادي العامري، ووزير الاتصالات محمد علاوي، وزير الاسكان والاعمار محمد الدراجي، ووزير العلوم والتكنولوجيا عبد الكريم السامرائي، ووزير البلديات عادل مهودر، وممثل الحكومة لشؤون المصالحة الوطنية محمد سلمان السعدي.
وبهذا الخصوص أكد أسامة النجيفي رئيس مجلس النواب خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد على هامش اعلان التجمع، دعم المجلس «مادياً ومعنوياً، من أجل إنجاح عملية المصالحة الوطنية، التي تعتبر أساس نجاح عملية الشراكة الوطنية».
وكانت وزارة الدولة لشؤون المصالحة الوطنية أعلنت في الثالث والعشرين من اذار(مارس) الماضي عن تخلي خمسة فصائل ارهابية مسلحة عن السلاح وانضمامِها إلى العملية السياسية بعد تطبيق الاتفاقية الأمنية الموقعة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية، فيما أكدت الفصائل براءتها من المتورطين باستهداف العراقيين.
لكن المعلومات حول هذا الموضوع ظلت غير واضحة، كما ان البرلمان لم يكن على علم بحقيقة الموقف او تفصيلاته حسب نواب تحدثت إليهم «العالم».
وتقول الاء الطالباني، عضو التحالف الكردستاني، بأن التجمع او جماعة الضغط الجديدة «تهدف الى توفير المعلومات الضرورية في هذا الاطار».وتضيف في حديث مع «العالم»ان من الضروري «عدم اختزال ملف المصالحة الوطنية بوزارة معينة (وزارة الدولة لشؤون المصالحة الوطنية) بل الاستفادة من التجمع المذكور في تفعيل هذا الملف.وتؤكد الطالباني، ان العديد من المؤسسات داخل المؤسسة التشريعية عملت على ملف المصالحة الوطنية دون الخروج بنتائج واضحة (بحسب قولها)
معتبرة تشكيل هذا التجمع «المرحلة الثانية لما تم البدء به العام 2007».وأطلقت الحكومة عام 2006 مبادرة المصالحة الوطنية، ثم نظمت في كانون الاول (ديسمبر) من العام ذاته مؤتمر المصالحة للقوى والاحزاب السياسية واعلان توصيات تدعو الى اعادة الاعتبار لضباط الجيش وخلق حالة من التوازن.
وقالت الطالباني «ان اغلب المبادرات التي حصلت في السابق كانت غير معلنة وتتم بسرية من اجل الحفاظ على سرية الحوارات التي تجرى بين الجهات المعارضة للحكومة والاطراف ذات الصلة». واضافت «ان متابعتنا لعملية المصالحة خلال السنوات الماضية جعلتنا نصل الى نتيجة بان اغلب الخلافات سواءً تلك التي تحصل بين الكتل السياسية داخل الحكومة او خارجها، تنعكس على الشارع العراقي، ولا بد من احتوائها».
وتقول «بدأنا منذ العام الماضي بدراسة تشكيل هذا التجمع البرلماني والذي يضم عدداً من الوزراء الذين كانوا فاعلين في الدورة السابقة كنواب من اجل دعم مشاريع وقرارات هذا التجمع داخل مجلس الوزراء».
ولفتت الى ان اغلب المنتمين لهذا التجمع وقعوا على ورقة اطلق عليها (الورقة العراقية لدعم المصالحة) تنص على «تشريع القوانين الجديدة او تعديل بعضها، كذلك التركيز على دور منظمات المجتمع المدني ولجان المصالحة التي تدعم هذا الملف».
وتوضح «لقد تم تأسيس هذا التجمع من اجل معرفة ما توصلت اليه الحكومة والبرلمان في هذا الملف وعرضه على المواطنين».
من جانبه، قلل حبيب الطرفي، عضو التحالف الوطني، والقيادي في المجلس الاعلى الاسلامي، من النتائج التي قد يفضي اليها هذا التجمع، موضحاً لـ «العالم» ان «ما يلاحظ على المبادرة قلة المشاركين فيها وبالتالي اي مبادرة ضعيفة من الناحية العددية والمادية سوف لن تكون بالمستوى المطلوب».
ويقول «لقد انشئ وسط جو سياسي متشنج يغلب عليه تفرد جهة دون غيرها، والعمل السياسي صعب جداً في البلاد، وبالتالي لابد من وجود فكر سياسي واضح في هذا الاطار حتى يستطيع العراقي ان يفهم حقيقة المصالحة الوطنية وجدواها».ويضيف «ان ملف المصالحة عقيم، اذ لا توجد حسن نية في الموضوع».
لكن الطرفي في الوقت ذاته يقول ان من المفيد «مشاركة الوزراء مع النواب بانشاء هذا التجمع، من اجل تشكيل صوت عال يصب في خانة ان يثار انتباه الاخرين حيال اي خطأ في موقع ما»،
بدورها اعتبرت ميسون الدملوجي، عضو القائمة العراقية (بزعامة اياد علاوي) والناطقة باسمها، تشكيل مثل هكذا تجمع بمثابة العامل الضاغط على الاطراف السياسية من اجل تفعيل المصالحة. وعن اهمية هذا التجمع اوضحت لـ «العالم» انه يمكن ان يعمل على تفعيل المصالحة «خاصة فيما يتصل بتشريعات تضمن استقلالية القضاء العراقي، فضلاً عن مساواة الحقوق والواجبات بين المواطنين بطريقة لا تجعل اي تمييز بين العراقيين».
ولفتت الدملوجي الى ان «هناك شعورا بالمظالم سواءً قبل العام 2003 او بعده، الامر الذي جعلنا نفكر بالكيفية التي نتغلب بها على تلك المظالم، والنظر لبناء الدولة من خلال اعطاء كل ذي حقه» بحسب قولها.
الى ذلك، اعتبر علي العلاق، عضو ائتلاف دولة القانون (بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي) مبادرة تشكيل التجمع البرلماني للمصالحة الوطنية «شخصية» لا ترتقي الى المبادرات ذات الطابع الجماعي، مؤكداً لـ العالم»، «لا نتوقع ان تشكيل مثل هكذا تجمع سيعمل على حل لملف المصالحة بشكل نهائي». لكنه اضاف «انه بمثابة مشروع حل يضاف الى المشاريع الاخرى التي سبقته».
وعن دوره في تقريب وجهات نظر الكتل السياسية المختلفة حول القضايا الخلافية الكبرى، اكد العلاق «نحتاج ان تلقي نظرة على نظامه الداخلي والاطار الذي يعمل من خلاله». لكنه استدرك بالقول «يمكن لمثل هذه المبادرات ان تسهم في حل الخلافات العامة سواءً بين الكتل او العشائر فضلاً عن المحافظات التي تبرز بينها بعض الخلافات بين الحين والاخر» بحسب قوله.
https://telegram.me/buratha

