وعد مسؤول بارز في هيئة الاعلام والاتصالات بدراسة "حزمة حلول" للتخفيف عن محطات تلفزة واذاعات محلية باتت تواجه ضرائب كبيرة متراكمة منذ سنوات، لاستخدام الطيف الترددي للبث، في وقت قالت مؤسسات عدة انها متفاجئة بحجم المبالغ التي وصلت احيانا الى اكثر من مليار دينار عن عدة اعوام.
وقال بعضهم ان هناك مؤسسات ستعجز عن تسديد المبالغ حتى لو جرى بيعها بالمزاد العلني، نتيجة الظروف التي يمر بها العراق وعدم وجود سوق اعلان تجاري كبيرة ومستقرة.
عضو مجلس الامناء في الهيئة علي الاوسي قال في حديث صحفي ان فرض تلك المبالغ هو ضريبة استخدام ترددات البث وهو امر منصوص عليه في الامر 65 الصادر عن سلطة الائتلاف المنحلة، الذي يجعلها مسؤولة عن وضع "لائحة لاحتساب الاجور عن منح ترددات البث، علما ان جداول الاجور معمول بها في جميع دول العالم". ويقول انه تم تكليف "لجنة تقنية وضعت الدراسة والمعادلات الخاصة بالاجور كما اعتمدتها مختلف الهيئات الاقليمية، وعندما عرضت هذه الجداول على مجلس النواب تم اعادة النظر بها اكثر من مرة وتم تخفيض هذه الاجور اقل من معدلاتها في الدول الاخرى".
ويذكر الاوسي ان الهيئة "تخضع للمحاسبة من قبل الاجهزة الرقابية في الدولة وهي لا تستطيع ان تتخلى عن بند من البنود الادارية، وعليه فإن من واجب المعنين في وسائل الاعلام تفهم الوضع القانوني للهيئة".
ويضيف "لدينا الان دور مهم في التخفيف عن وسائل الاعلام ودعمها وقمنا بمناقشة بعض القضاة حول امكانية اسقاط هذه المستحقات لكن الجواب كان ان هذه المستحقات هي اموال للدولة وليس من حق مجلس الامناء اسقاطها".
ويذكر ان الحل هو مخاطبة مجلس الوزراء "فهو الجهة الوحيدة التي من صلاحيتها اسقاط هذه المستحقات".
لكن مدير قناة الرشيد الفضائية امجد توفيق اسماعيل اعرب عن اعتقاده بأن قرار الهيئة "تعسفي، ولو اصرت على ان ندفع مستحقات مالية معينة يجب ان لا تكون بأثر رجعي عن السنوات الماضية".
ويوضح ان من الممكن تقبل قرار الهيئة "لو لم نكن ندفع الاموال الطائلة للاقمار الصناعية التي نبث عليها، اما اذا كانت حركة سيارات النقل المباشر وتجديد رخصة القنوات الاعلامية فيجب ان تكون الرسوم معقولة".
نحن في قناة الرشيد لسنا مؤسسة ربحية كي تبحث الهيئة عن ضرائب لدينا وما فرض علينا مبالغ كبيرة وما يحصل لن يشجعنا على النهوض بالحركة الاعلامية والثقافية في البلاد.
جباية الرسوم اما سيدفع القنوات الى الاغلاق او الى تكبدها ديونا وكل هذه الخيارات هي غير منطقية.
من جهته قال مدير قناة الفرات الفضائية عباس العيساوي، ان الصحفيين يؤيدون تنظيم استخدام الطيف الترددي ووضع ضوابط واضحة "لكن المثير في الامر هو مقدار المبالغ التي يتوجب على وسائل الاعلام دفعها".
ويضيف "وصلت بعض الرسوم الى مليار ونصف المليار دينار، ما جعل وسائل الاعلام امام معضلة حقيقية".
وتحدث العيساوي عن اجتماع جرى امس الثلاثاء مع المسؤولين في الهيئة وضم اغلب مدراء وسائل الاعلام المرئية والمسموعة، ويقول "لمسنا حرص الهيئة على حلحلة الموضوع، وقد وعدونا انهم سيتابعون الامر مع الجهات المعنية التي تستطيع انقاذ الموقف".
وتابع "عتبنا على الهيئة ان مسؤوليها لم يتداولوا معنا قبيل اصدار هذه التعليمات، فوسائل الاعلام لدينا غير ربحية بل هي مؤسسات استهلاكية واغلبها غير قادرة على دفع هذه المستحقات وبعض الاذاعات لو بيعت في المزاد العلني فلن تستطيع تسديد ما بذمتها للهيئة".
ولم تسمح الاوضاع الامنية التي تمر على العراق للتجار واصحاب الشركات بالاعلان الواضح عن منتجاتهم وشركاتهم، فلم يتبلور سوق حقيقي للاعلان وبات ما يأتي من اعلانات لا يكفي "لسداد ربع نفقات وسائل الاعلام" كما يقول العيساوي.
وفي السياق نفسه قال نائب رئيس مجلس البحث والتطوير الدولي (آيركس) عماد الخفاجي في حديث لـ"العالم" ان ضوابط دفع الرسوم يجب ان تتولى التفريق بين الاذاعات التجارية والاذاعات المجتمعية فالاخيرة لا يمكن ان تحمل نفس الاعباء للاذاعات التجارية.
ويضيف "حتى الاذاعات الحزبية يمكن ان نصنفها ضمن الاذاعات المجتمعية وعلى سبيل المثال اذاعة العهد التي تستقطب شريحة واسعة من اتباع التيار الصدري تصنف على انها اذاعة مجتمعية، اضافة الى اذاعات الكنيسة المعمدانية واشور وراديو المرأة المعني بالمرأة العراقية وراديو الشباب".
ويقول ان فرض ضرائب بهذا الشكل على وسائل الاعلام المحلية "سيعتبر دوليا محاولة لاغلاق هذه المؤسسات".
ويذكر الخفاجي ان هناك نماذج لاذاعات مجتمعية في بلدان محيطة ومجاورة للعراق تعفى من الكثير من الرسوم ويقدم لها الدعم "لان مهمة الهيئة هي تطوير الاعلام المستقل في العراق، ولدينا تجارب مماثلة منها في البوسنة وجنوب افريقيا التي خرجت من الحرب وكانت بحاجة الى اذاعات يصل عبرها صوت المواطن للدولة وقامت بهذا الدور بامتياز".
ويمثل مدير اذاعة "ديموزي اف ام" ابراهيم الساعدي درجة اعلى من السخط ويقول لـ"العالم" انه يشعر بوجود "اجندة سياسية" تقف وراء فرض هيئة الاعلام والاتصالات لرسوم كبيرة على جميع وسائل الاعلام المرئية والمسموعة وبمبالغ كبيرة وبأثر رجعي.
ويضيف "في بلد مثل العراق يعيش في ظل استقرار هش، ارى ان فرض هكذا ضرائب امر فيه الاجحاف كثير".
ويذكر ان العوائد المالية المتحققة من خلال الاعلان التجاري في العراق "تكاد لا تكفي الا كلفة التشغيل في الوقت الذي تم حرماننا من الاعلان الحكومي الرسمي" ويذكر ان الهيئة طالبة اذاعته بدفع مبلغ 180 مليون دينار عراقي (نحو 150 ألف دولار). ويذكر الساعدي ان وسائل الاعلام سوف تقدم الطعن بالقرار "ووجدنا ثغرات كثيرة واعتقد اننا سنفلح في تعطيل هذا القرار ونعول على رئاسة البرلمان في مساعدة وسائل الاعلام في رفع الاجحاف عنها".
https://telegram.me/buratha

