اسطنبول
القى سماحة المفكر الاسلامي امام جمعة النجف الاشرف السيد صدر الدين القبانجي في الجلسة السادسة والتي جاءت بعنوان (دور اهل البيت في تحقيق الوحدة الاسلامية) بحثه الموسوم (أهل البيت (ع) أمان لأهل الأرض دراسة في المداليل الوحدوية للحديث) . جاء ذلك في الندوة العلمية التي أقامتها مؤسسة أهل البيت عليهم السلام بالتعاون مع كلية الإلهيات في جامعة مرمرة ووقف أهل البيت في اسطنبول بتركيا.
وفيما يلي نص البحث :بسم الله الرحمن الرحيمأهل البيت (ع) أمان لأهل الأرضدراسة في المداليل الوحدوية للحديث
تعددت لغة الحديث النبوي الشريف في شأن أهل البيت ، بين اعتبارهم مثل سفينة نوح كما في حديث السفينة الذي روته صحاح الحديث المعتبرة وبين اعتبارهم الثقل الثاني بعد القران الكريم كما في حديث الثقلين المعروف وبين الصلاة عليهم وعلى جدهم المصطفى(ص) شرطا في صحة الصلاة.
وبين اعتبار الدعاء محجوبا بدون الصلاة على النبي واله فيما تواترت الصحاح بنقله. ولعل وصفهم بأنهم (أمان لأهل الأرض) او (أمان لأمتي) كما جاء في الحديث النبوي الشريف الذي رواه صاحب المستدرك على الصحيحين وكما في كنز العمال والطبري في ذخائر العقبى وغيرها من الصحاح.قال رسول الله (ص) النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض.لعل هذا الوصف يجمع الدلالات التي جاءت في حديث السفينة والثقلين وهو ما نريد الوقوف عند مداليله.المقصود:هل هم الأمان التكويني للأرض ومن عليها كما يدل عليه ما جاء في تفسير قوله (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)(الانفال 30)(وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنْ الأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً) (الاسراء 76)وكما جاء في الأحاديث الواردة عن أهل البيت (ع) انه (لولا الحجة لساخت الأرض باهلها)او هم الأمان من الانحراف الفكري في الأمة الإسلامية لاعتبارهم عليهم السلام.الثقل الثاني بعد القران كما في حديث الثقلين وان التمسك بها يدفع الضلال عن الأمة الإسلامية.او هم الأمان من تمزق الأمة وتشرذلها وانهيارها سياسيا واجتماعيا كما يفيده حديث السفينة او ان المقصود هو كل ذلك كما يفيده اطلاق الحديث(أمان لأمتي) (أمان لأهل الأرض).
سيكون معنى ذلك ان اهل البيت (ع) امان من الوان الضياع والانحراف. وصور الفشل والتراجع والانهيار وانواع الهزيمة السياسية ام العسكرية. لاشك ان القران الكريم هو النور الذي احيى به الله عباده لكن القران الكريم لا يمكن ان ينفصل عن الترجمة الميدانية على الارض في المواقف وعن القراءة الصحيحة له فيما هي المتشابهات المختلف فيها ولاجل ذلك اوصى رسول الله (ص) بالثقلين وليس بالثقل الاكبر وحده.
لماذا؟..لكن السؤال عن كيف ولماذا كان اهل البيت(ع) امان لاهل الارض؟سوف نقتصر في الاجابة على هذا السؤال على ما هو المتفق عليه بين المسلمين وعلماء الاسلام من ان اهل البيت(ع) يمثلون الاحاطة الكاملة وليست النسبية بالفكرة الاسلامية والشريعة الاسلامية اخذا عن جدهم المصطفى (ص) والهاما من عند الله تعالى الذي اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وانزل الكتاب في بيوتهم التي اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والاصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار)
اهل البيت (ع) الذين ينتسبون الى عمق الرسالة وجذر النبوة حيث تنصهر عندها جميع القوميات والقبليات والفئويات.اهل البيت(ع) الذين كانوا يمثلون ملاذا للامة الاتسلامية فيما تعرضت له من هجمات فكرية او سياسية على مر التاريخ حتى قال فيهم عمر بن الخطاب (رض)(لا ابقاني الله لمعضلة ليس لها ابو الحسن) وقال فيهم الامام ابو حنيفة (لولا السنتان لهلك النعمان)مشيرا الى تلمذه على يد الامام الصادق(ع) ما من اهل البيت (ع) والذين قال فيهم الامام الشافعي(ان كان رفضا حب ال محمد فليشهد الثقلان اني رافضي)
مشروع الوحدة....ان كل هذه الامتيازات لدى اهل بيت النبوة تجعلهم المشروع الامثل لوحدة الامة الاسلامية حيث انهار المشروع القومي او المذهبي او مشروع الخلافة الاسلامية في توحيد الامة وهي تشهد قوميات متعددة ومذاهب مختلفة ولا تجد مشروعية الخلافة مفروضة عليها.
مع غيابهم..ولكن السؤال الاهم كيف يستطيع اهل البيت(ع) ان يكونوا أمانا لاهل الارض او للامة وحيث لا يوجد احد من أئمتهم؟يمكن ان نقدم هنا جوابين:
الجواب الاول: هو ما بشر به رسول الله (ص) في الحديث المتفق على صحته (لا تقوم الساعة حتى يخرج واحد من ولدي يواطي اسمه اسمي يملا الارض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا)وسواء كنا نعتقد بان الامام محمد بن الحسن العسكري (ع) كما يرى ذلك الشيعة وغيرهم من امثال ابن عربي وانه حي غائب عن الانظار. او كنا نعتقد بانه لم يولد بعد لكنه على كل الاحوال هو من بيت النبوة ومن اولاد فاطمة كما اتفق عليه اصحاب الحديث.هكذا كانت البداية (وما ارسلناك الا رحمة للعالمين) وهكذا تكون النهاية )(رجل من ولدي)
الجواب الثاني:ان الله تعالى يرحم اهل الارض بوجود الانسان الكامل حيث (وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون) والامام المعصوم من اهل البيت (ع) هو الترجمة الكاملة للعبادة. وهذا الجواب يعتمد على نظرية الشيعة القائلة بوجوده وحياته(ع) وليس بعيدا عن الجو الثقافي الديني الذي يعتقد بحياة عيسى بن مريم وانه سيعود الى الارض عند ظهور المهدي (ع) بينما يعتقد النصارى انه هو المهدي الموعود.
ومهما يكن: فان العلاقة والتواصل مع هذا الانسان الكامل هي السبيل لتحقيق الامان على الارض (عزيزٌ عليّ أن أرى الخلق ولا تُرى متى ترانا ونراك وقد نشرت لواء النصر ترى اترانا نحف بك وأنت تؤم الملا..)ان دعاءه وذكره وتسديده لشيعته وللامة الاسلامية هو احد اسباب الامان كما جاء في رسالته للمفيد(ولولا ذكرنا لكم لاصطلمكم الاعداء..) وهذا هو الذي يفسر بقاء التشيع الى اليوم. وفيما يعتقد الشيعة بان الفقهاء يمثلون النيابة الشرعية عن صاحب العصر (ع) وان هناك تسديدا الهيا في اختيارهم وفي مواقفهم.
وقد يحسن الاشارة هنا الى ارتباط الشيعة بفقهاء الدين. حيث اعتبر (القرضاوي) اخيرا ان الشيعة يتميزون بتقديسهم للعلماء وبقوة تنظيم وحرية علمائهم واستقلالهم في المواقف بينما سجل على غيرهم التبعية للحكام. ومهما يكن القول في ذلك الا ان الشيعة يتعقدون بان الدين الالهي لا يمكن ان تطفأ شمعته (يريدون...) وان الحجة والامامة والوسيلة بين الله والعباد غير منقطعة متمثلة بالثقلين. وان علماء الدين يمثلون النيابة عن صاحب العصر.
الاعتزاز بالتجربة:قد نستطيع هنا ان نسجل اعتزازنا وافتخارنا بالتجربة الايرانية الرائدة.ونسجل اعتزازنا بتجربة حزب الله في لبنان والمواقف البطولية للقيادة التركية ونسجل اعتزازنا بالتجربة الوحدوية الاستقلالية التي يخوضها الشعب العراقي وبرعاية المرجعية الدينية التي اصرّت على الوحدة والاستقلال.
https://telegram.me/buratha
