ضحى الخالدي ||
تقع واحة الزعاطشة أو الزعاتشة في بلدة ليشانة التابعة لولاية بسكرة جنوب شرق الجزائر. في السادس والعشرين من تشرين الثاني- نوفمبر 1849 هاجم الفرنسيون بقيادة الجنرال هربيون الواحة بقوات بلغ تعدادها ثمانية آلاف مقاتل, وحوصرت الواحة ليومين وقُصِفَت بالمدافع وقُطِعَت عشرة آلاف نخلة, وأُحصيت ثمانمائة جثة عدا عدد غير معروف بقي تحت الأنقاض.
قُتِل في المجزرة ستة وثلاثون قائداً للمقاومة الجزائرية من بينهم زعيم المقاومة بو زيان وابنه البالغ ستة عشر عاماً و الشريف الدرقاوي, وقطعت رؤوسهم جميعاً. يصف المؤرخ الجزائري مصطفى نويصر الاستعمار الفرنسي بأنه أشنع من النازية, ولم يكتفِ بذبح الإنسان الجزائري بل بحرقه وقتله بالدخان, حيث أبيد ألف وستمائة عائلة من بني رياح بالحرق والدخان في القرن التاسع عشر غربي الجزائر, في التاسع عشر والعشرين من حزيران- يونيو عام 1845م. على يد العقيد إيمابل بيليسييه.
يحتفظ متحف الانسان في باريس بثمانية عشر ألف جمجمة للشعب الجزائري من بينها خمسمائة جمجمة فقط تم التعرف الى هوياتها, وبضمنها ستة وثلاثون جمجمة لقادة في المقاومة الجزائرية, ولم يكشف عن هذه الجماجم حتى آذار- مارس 2011م. على يد باحث جزائري مقيم في فرنسا هو علي فريد بالقاضي.
132 سنة من الاستعمار الفرنسي للجزائر قدمت فيه الجزائر مليون ونصف المليون شهيد, وحوربت في عاداتها الإسلامية ولغتها العربية, وسُرِقَ أرشيفها الوطني ليذكرني بالأرشيف العراقي واليهودي المسروق؛ حيث ترفض فرنسا إعادته رغم أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وصف في حملته الانتخابية هذا الاستعمار بأنه جريمة ضد الانسانية, وتمت قبل مدة إعادة رفاة أربع وعشرين شهيداً, ولايزال ملف 2200 مفقوداً خلال الثورة الجزائرية عالقاً.
جنَّدت فرنسا لتحرير أراضيها من الإحتلال الألماني خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية 138 ألف جزائري. ويوم الثامن من أيار- مايو 1945 خرج مئات الآلاف من الجزائريين للاحتفال بنهاية الحرب العالمية الثانية, لأن نهايتها كانت تمثل لهم وجوب التزام فرنسا بوعدها بمنح الجزائر الاستقلال؛ لكن القوات الفرنسية استخدمت ضدهم الرصاص الحي وقتلت 45 ألفاً من المتظاهرين.
استخدمت القوات الفرنسية الصعق بالكهرباء وسجنت الجزائريين في آبار المياه, وألقت المتظاهرين من الطائرات المروحية.
عام 1961 وفي السابع عشر من تشرين الأول- أكتوبر خرج حوالى 60 ألف متظاهر جزائري في فرنسا للتظاهر ضد استعمار فرنسا الجزائر, فقوبلت التظاهرة بالرصاص الحي, وإلقاء المتظاهرين في نهر السين وسط عاصمة النور باريس لتبلغ حصيلة المجزرة 1500 شهيد و800 مفقود وآلاف المعتقلين.
قامت فرنسا بسبع عشرة تجربة نووية فوق الأرض وتحتها في الصحراء الجزائرية حسب المؤرخين الفرنسيين بين عامي 1960-1961, وهو الأمر الذي يعارضه المؤرخون الجزائريون حيث يقولون إن عدد التجارب أكبر. تسببت هذه التجارب باستشهاد 42 ألف جزائري وإعاقة المزيد بعاهات دائمة, وما يزال التلوث النووي قائماً حتى الآن في الأراضي الجزائرية.
في متحف الانسان توضع جماجم ثمانية عشر ألف جزائري ملفوفةً في علب كارتونية تشبه علب الأحذية لتعرض على الزوار, قريباً من برج إيفل أشهر المعالم السياحية في باريس عاصمة الجمال!!
لم يفعل ذلك أحد إلا فرنسا بلد التحضُّر والإتيكيت.
https://telegram.me/buratha