إسماعيل النجار ||
لو عُدنا للماضي البعيد، وقمنا بجَردَة وافيَة عن تاريخ لبنان وكل الذين تعاقبوا على حكمهِ حتَّىَ اليوم،
ولو دَقَّقنا قليلاً بالأسماء الرَنَّانة التي ذكرها التاريخ، وخَلَّدها المُزَوِّرون في كتاباتهم عن هذا الوطن،الذي عانَىَ بعض مواطنيه ما عانوه لقرونٍ طويلة، من ظلم وتهجير ونفي وتهميش واستيلاء على ممتلكاتهم،مرَّة تحت مُسَمَّىَ الضريية،وأُخرَىَ بنِيَّة التهريبة، ومراتٍ أُخرىَ بسبب الجوع والخنوع، وصولاً إلىَ ما وصلنا إليه اليوم.
وأن التاريخ لَم يَغفَل عن كثيرين مِمَن كانوا عبيداً وغلمان وأزلاماً لدى الأمراء والباشوات، في زمن الِاحتلال التركي والِاستعمار الفرنسي، وهم معروفون بالأسماء، من الجَدحتى الحفيد،والموجودون بيننا اليوم، والذين عَنوَنت افتتاحية مقالتي هذه بوصفهم (الازلام الأسوَأ)، المنحدرون من سُلالَة البيك، والمير، والشيخ، والخواجة، عبر فرمانات الباب العالي، أو بتزكية من المندوب السامي، على حساب دماء وحريات وجوع لبنانيين كانوا ضحايا لهؤلاء الأزلام المجرمين.
أحفاد هذه السُلالات الفايروسية التي تعاملت مع المُحتل التركي والفرنسي والإنكليزي،هُم أنفُسُهُم الذين أصبحوا، منذ سنوات قليلة ماضية، أمراءَ حرب وعملاء صهاينة، وتحولوا إلى رجال سُلطَة حكموا لبنان، نهبوه، سرقوا مواطنيه، ظلموا أبناءه، إنّهم غلمان السفارات، عملاء الصهاينة، مستزلمين لواشنطن، أوصلوا البلاد والعباد إلى الدرْكِ الأسفل من مستويات الحياة المعيشية والأمنية، في ظِل تِبَعيَة شعبية، وتخدير لمجتمع لَم يشهد لبنان مثلهُ من قبل، وللأسف.
بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على تشكيل حكومة نجيب ميقاتي الثالثة، الحكومة اللبنانية السابعة والسبعون بعد الاستقلال، والرابعة بعهد الرئيس ميشال عون، وهي الحكومة الثالثة التي يرأسها نجيب ميقاتي، والتي صدرت بموجب مرسوم تشكيل تحت الرقم (8376) في 10 أيلول 2021.
◦ لَم يتغيَّر أي شيءٌ من أوضاع البلادالمزرية، ولَم يَكُن الرئيس الطويل موفقاً، منذ بداية إقلاع حكومته المشلولة، حيث جَلبَ للبنان انتكاساتٍ معنويةً أصابت البلاد والشعب بصميم كرامتهِ، من دون أن يأبَه لما تعنيهِ السيادة، والكرامة، والحقوق.
الشلل الحكومي مستمر، ونجيب ميقاتي وداعموه، لا يزالون مُصِرِّين على ضَرب هواجس الطائفةالشيعيةبعرض الحائط،بينما يتمادى القاضي بيطار في زيادة منسوب تَمَرُدِهِ القانون، و على الِاعتراض الشعبي الواسع على استنسابيته، كما يزداد تبلّداً أيضاً، فلا يعير وزناً لِحِسِّ المسؤولية الوطنية،
فيخالف الأصول القانونية المعمول بها، والتي تنص على ضرورة تَنَحِّي القاضي، عن أيِّ ملفٍّ يتوجس المتهم فيه منه، أو يعيش رِيبَةً مبَرَّرة حِيالهُ.
القاضي بيطار ضربَ عُرضَ الحائط بكل ما أسلفنا ذِكرُه، واستمَرَّ باستنسابيتهِ وإنتقائيتِه، بتحريضٍ ودعمٍ أمريكي الأمر، الذي أوصَل الأمور إلى حَد تعطيل الحكومة، ما لم تزل الهواجس ويُمْحا هذا الخطأ التاريخي.
على ما يبدو، فإنَّ إصرار فريق "شَيَّا"-"البُوخاري" على مواصلة الضغط على الشعب اللبناني، بهدف تأليبهِ على المقاومَة،رغم فشلهِ، لا يزال مستمراً،وقد أدخل البلاد في المجهول، وأوصَل سعر صَرف الدولار إلى عَتَبَة الثلاثين ألف ليرة، ولا حَل يلوح في الأُفُق.
لا أُفُق لمباحثات فيينَّا.
لا أُفُق لمباحثات طهران الرياض.
لا أُفُق لحَلٍّ في اليَمَن.
لا أفُق لحَلِّ الدولتين.
لا أُفُق لحَل أزمَة لبنان.
إذاً ماذا نفعل؟وكيف نجترح الحَل؟
وكيف سيكون؟ وما هيَ منطلقاته ومندرجاته؟
الطريق الذي يسلكه لبنان حالياً، هو طريق الِانفجار الذي سيكون واحداً من أسبابه احتكاك جنون الدولار وإرتفاع الأسعار بالجوع، مِمّا سَيُوَلِّدُ انفجاراً للوضع تريده أمريكا، ويُخَلِّفُ دماءً ودماراً، ويعيد لبنان إلى أجواء العام ١٩٧٥.
لكن....
هل يسمح حزب الله بإقامة خطوط تماس جديدة، وخطوط حمراء دولية؟
هل سيسمح بإلهائهِ داخلياً وتحويلهِ إلى ميليشيا يقود حرب محاور، بعدما جَبَلَتهُ السِّنون بطين المقاومَة ضدّ المحتلّ؟
هل سيسمح حزب الله بِاستنزاف المواطنين الأبرياء، على جبهات قتالٍ داخلية؟
أنا سأعطيكم الجواب وعلى مسؤوليتي.
إذا ظلّ فريق واشنطن والرياض وتل أبيب مستمراً بالضغط على المقاومَة، وعدم الأخذ بعين الِاعتبار حضورها وقوتها وبيئتها، فتأكدوا من أنّكم ستُفاجئون كثيراً، بهؤلاء المؤمنين المتواضعين، المجاهدين الذين وضعوا أنفسهم بخدمتكم، ودفعوا ضريبة الدَمِ، من أجل حمايتكم من داعش وأخواتها،التي صنعها أسيادكم،
والذين عندما خُنتُم وتعاملتم مع الصهاينة والإرهاب،بإرادتكم، وكيداً لهم،قد عفوا عنكم، وجالسوكم على طاولة مجلس الوزراء كَرمَى للعيش المشترك والسلم الأهلي،وتحت قُبَّة البرلمان، والذين تطاولتم عليهم ما يكفي، لتحويل الهِرِّ إلى نَمِر،سترونهم كيف سيأخذونكم أخذ الصعقة،حيث ستشيب الأطفال، وستذوب أعصاب الرجال.
قسماً، إنّ نساءَكم لَن تَعيَ ما إذا كانت قد حَمَلت أطفالها، قبل أن تفِرّ، أم تركتهم في أسِرَّتهم.
خُفُّوا قليلاً، فما نفعتكم أمريكا، ولم تنفعكم "إسرائيل"، ولن تنفعكم السعودية والخليج، شركاؤكم في الوطن أبقى لكم.
لا تُجرّبونا.
سايغون، كابول،بيروت.
وإنّ غداً لناظرهِ قريب.
بيروت في....
15/12/2021
https://telegram.me/buratha