د. إسماعيل النجار||
تزداد الفجوَة اتِّساعاً في لبنان بين الأفرقاء السياسيين، وبدء عمليات التموضع على قدمٍ وساق، في ظل تصعيد قضائي وسياسي، وبروز معالم مرحلة جديدة خطيرة جداً تَسبَّب بها تعَنُّت فريق عوكر،ويعمل عليهاالأفرقاء السياسيون التابعون لها، بإعدادٍ وتوجيه للقيام بأدوار مُوَزّعة، وسقف عالي النبرة أشّرت إليه مؤخّراً تصريحات زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط،
في وقت يدور فيه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي حول نفسه، بحثاً عن مفتاح الحل الموجود أصلاً في جَيبِهِ،
محاولاً إقناع نفسه أولاً وثم اللبنانيين أنه ضحية إنقسام لبناني عامودي هوَ خارجه!
بين تحدي القاضي بيطار لمشاعر أكثر من نصف أهالي شهداء المرفأ، ورفضه التنحي،وبين تصعيد حاكم مصرف لبنان المنفرد بقراراته، من دون أي دراسة موضوعية لرفع سقف التسعيرة لسعر صرف الدولار على المنصة،
يتقلّب اللبنانيون على نار أسعار تزداد التهاباً، حيث التَهَم ارتفاع سعر صرف الدولار قيمة ما تبقّى مِمّا يملكون من رواتب شهرية، باتت لاتكفي قوتَ يومين أو ثلاثة، بعد دفع فاتورة الكهرباء وإيجار المنزل.
فريق عوكر والبُخاري يشن حَملَة شرِسَة على مواقف الثنائي الشيعي، بينما سفراؤهم يجولون الرياض وأبو ظبي وبعض العواصم الأوروبية، بحثاً عن صفقات سياسية ودعم خارجي يحصنهم من غضب الشعب وانهيار منظومتهم الفاسدَة، المرفوضة داخلياً وخارجياً.
جنبلاط الذي اتّخذَ قراراً بدخول الساحة الشمالية انتخابياً بترشيح عفراء عيد، بَدآ وكأنه ينعىَ تيار المستقبل سياسياً، محاولاً الِاستثمار على أنقاضهِ في عمق عقر دار الساحة السُنِّيَة، في رسالة خطيرة توحي بإحتلال رمزية هذه الطائفة الكبيرة الكريمة، في خطوَة سياسية ناقصة وغير موَفقَة للزعيم الدرزي الذي وبكل تأكيد أنها ستصطدم بمعارضة شمالية قوية، وخصوصاً أن إعلانه هذا سيفتح أبواب الإشتباك السياسي مع أشرف ريفي ونجيب ميقاتي ومحمد الصفدي وفريق عمر كرامي،
وكأنه أراد الإنتحار مع الجميع على مذبح مدينة لها ثقلها الديني والسياسي،
متخطياً بذلك كل أدبيات الترشيح العابر للطوائف،
في سابقة ربما ستدفع بوجهاء الطائفة وزعاماتها السياسية إلى رسم خطوط حمراء بوجهه وتدفيعهِ مقابل خطوتهِ هذه، ثمناً باهظاً في منطقة إقليم الخروب،
التي انتحرَ فيها النائب الِاشتراكي بلال عبدالله سياسياً، بعد اعترافه بأنّ جنبلاط هَرَّبَ مبلغ ٥٠٠ مليون دولار، وعلى شاشة التلفزيون مباشرةً، رغم تبريرهِ الأسباب التي دفعته للقيام بذلك،
التيار الوطني الحُر المتململ قليلاً إزاء مطالب الثنائي الشيعي، يُحَرِك صقورهُ النواعم على جبهة حزب الله أمَل، ويتهمهم بتبادل الأدوار في تعطيل انعقاد جلسات مجلس الوزراء، ورفع السقف بمطلب تنحية البيطار وصولاً إلى رياض سلامة.
أمّا الِانتخابات النيابية التي تم تقريب موعدها إلى شهر آذار المقبل، فربّما ستبقى على موعدها السابق،
ومن الممكن أن تتَرَحَّل إلى فترات لاحقة، إذا ما حصلَ ما هو متوقع من خضات أمنية ألمَحَت جِهاتٍ داخلية وخارجية عِدَّة إلى أن حصولها وارد، بعدما أُوصِدَت كل الأبواب أمام أيَّة حلول في المنظور القريب لجهة تلبية مطالب الثنائي الشيعي الذي يُصِر عليها.
الضغط الأميركي السعودي على لبنان بلغَ حَدَّهُ الأقصىَ والأُفُق مسدود، ووضع البلاد المهترِئ لا يحتمل مناورات سياسية، لذلك فأن ترجيحات إنفجار كبير في الشارع اللبناني أصبحت حظوظها وافرة،
وإن حصلت فإنَّها ستجرف معها الطائف والطائفيون إلى قعر الهاوية.
بيروت في....
13/12/2021