سوريا - لبنان - فلسطين

دمشق ستختار بين صداقة موسكو أو سيادتها


  د. إسماعيل النجار ||   هيَ الخيارات الصعبة الإثنتين ألتي وُضِعَت بينهما دِمَشق بسياسات روسية في بلادها، وهيَ القبول القسري بصداقة موسكو، وتَلقي الضربات الصهيونية كل يوم وبصمت،  وجُل ما هوَ مسموح بهِ لدمشق روسياً، فقط إعتراض الصواريخ التي تُطلَق عليها بصواريخ الدفاع الجوي المتوفرة لديها وليس (بأل 300S) الممنوع إستعماله!  هذا ما تمارسهُ موسكو كسياسة رمادية اللون في سوريا وتفرضهُ كأمر واقع عليها، وخلاف ذلك تصبح الخيارات السيادية السورية إذا مآ أَتُخِذَت محَط خلاف معها تتجنبهُ عاصمة الياسمين حفظاً لماء الوجه مع حليفتها التاريخية. دِمشق التي تَحَمَّلَت النتائج السلبية للمصالحات الهَشَة التي فرضتها روسيا في الجنوب السوري والتي دفعَت أثماناً باهظة من دماء جنودها بسببها، تتحَمَّل اليَوم وعلى مَضَض بعض ما فرضته روسيا من معادلات بينها وبين الكيان الصهيوني أضَرَّت بدمشق. بوتين وخلال زيارة رئيس الوزراء الصهيوني الأخيرة لبلاده، أيَّدَ الضربات الجوية والصاروخية الإسرائيلية لمواقع محددة في سوريا شرط أن تكون من خارج الأجواء السورية، وأن لا تُلحِق الضرر بالجنود والمصالح الروسية في البلاد! إسرائيل تلقَّفَت الضوء الأخضر الروسي بفرحة عارمة زادتها قوَّة وتجروء، وكَثَّفَت من ضرباتها داخل الحدود السورية بحجة قصف مراكز أو مستودعات للحرس الثوري للحد من تطور قوَّتها أو تمركزها حسب إدعائها. بينما في الواقع هيَ تقصف شاحنات نقل المواد الغذائية القادمة من العراق وبعض المواقع الحساسة التي تراقب تحركات الإرهابيين في الوسط والشمال. في الأسبوع المنصرم وجَّهَت إسرائيل صواريخها نحو ميناء اللاذقية الذي يبعد عشرين كلم فقط عن قاعدة حمَيميم الجوية التي تتخذها موسكو موقعاً إستراتيجياً لسلاحها الجوي في سوريا وغرفة عملياتها المركزية فيه، بينما شعاع المنطقة الممنوع إختراقها حول قاعدة التَنَف الأميركية هوَ ٥٥ كلم! العملية خلقت رد فعل سوري عنيف واعتبرتها القيادة تجاوزاً كبيراً للخط الأحمر بإستهداف الميناء، فوجهت دمشق وطهران تحذيراً للكيان الصهيوني حمله وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مضمونه تهديد شديد اللهجة بقصف تل أبيب وتدميرها إذا تكَرَّرَ الأمر. وفي اليوم التالي رَدَّ رئيس الوزراء الصهيوني نفتالي بينيت، بأنه سيستمر بالقصف في المكان الذي ترتأيه قيادته كل ثانية ولن يتراجع. موسكو التي تربطها علاقة شراكة مع طهران، وعلاقة إستراتيجية مع سوريا أخطأت في تحديد مكان تموضعها بين البلدان الثلاث، لأن روسيا تحتاج إيران أكثر مما تحتاج إسرائيل بحكم الجغرافيا السياسية للجمهورية الإسلامية وحجم قوتها وثقلها في الصراع الدائر مع الولايات المتحدة الأميركية العدو اللدود لروسيا. وتحتاج دمشق أيضاً  الحليف الإستراتيجي لها والتي بفضلها إستعادت أول موطئ قدم في المنطقة بعدما تقلَّصَ دورها للصفر بعد تفكك الإتحاد السوفياتي، والكرملين يعرف تمام المعرفة أن دمشق لن تصمت طويلاً أزاء التمادي الصهيوني المأذون فيه من بوتين نفسه، لذلك بعد قصف ميناء اللاذقية الأسبوع الماضي لن يكون كما قبله، ووزارة الخارجية الروسية تبلغت القرار السوري الإيراني المشترك القاضي بالرَد على تمادي تل أبيب، وعدم القبول بالتطنيش الروسي المتعمَد. أما على الصعيد الداخلي السوري إرتفعت أصوات كثيرة لمثقفين وإعلاميين وكُتَّاب  وفعاليات تطالب برحيل القوات الروسية من سوريا،  ووصل الأمر بالبعض إلى إتهامها بالتآمر عليهم لصالح العدو الصهيوني، وبالفعل لَم يخطئ هؤلاء المعترضين على سياسة روسيا ووجودها بما قالوه لأن روسيا تتاجر بسوريا على حساب مصالح شعبها لصالح إسرائيل رغم التقديمات الكثيرة التي مُنِحَت لها من دمشق مجاناً،  ومنها قواعدها البحرية والجوية على امتداد الساحل السوري.  الضربات الإسرائيلية الأخيرة وخلال ثلاثة أشهر لا شك أنها أوجعت طهران وأنزلت فيها خسائر في سوريا، وكانت دائماً تَرُد في مياه البحار، لكن اليوم المسألة بَدَت مختلفة تماماً،والأمر لم يَعُد مقبولاً بهِ.  حيث أنه أصبحَ لِزاماً على الحليف الروسي أن يُحدد أولوياته وخياراته في سوريا بِلا مواربة. منذ ثلاثة أشهر تقريباً كتبت مقالاً بعنوان أميركا وروسيا وجهان لعملة صهيونية واحدة. واجهَ المقال إعتراضات كثيرة من داخل سوريا، ولم أُقُم بالرد وتركت الأمر للأيام لتكشف بنفسها عن زيف الصديق الروسي الذي يحاول البعض أن يقنعنا بعدم مهاجمتها إعلامياً، بحجة أن العقل الإستراتيجي يجب أن لا يفكر بهذه الطريقة. واليوم نحن سَنَرُد عليهم ونقول لهم إننا نضم صوتنا إلى جميع الأصوات التي تطالب برحيل القوات الروسية عن سوريا في حال لَم تُعدِّل سياستها معها فيما يخص إسرائيل.  والسبب هو تآمر موسكو مع تل أبيب ضد دمشق وطهران ومم وجهَة نظرها تعتبرهُ توازن!  وذلك مراعاةً للوبي الصهيوني الحاكم في روسيا الإتحادية على حساب الجمهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية العربية السورية. ويبقى الخوف من الحرب الكُبرىَ إذا أندلعت بين محوَر المقاومة وإسرائيل وبقيَت روسيا تعمل على هذا المنوال.   بيروت في....                11/12/2021
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك