د.محمد العبادي ||
الحرب التي خاضتها اسرائيل ضد قطاع غزة كشفت عن وجود ضعف واضح في المؤسستين العسكرية والأمنية ، وقد اشرت الى بعض تفصيلات ذلك في مقال سابق .
ان النقص في المعلومات عند أجهزة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية هو السمة الأبرز للحرب ضد غزة ، وقد أدى هذا النقص المعلوماتي إلى أن تتخبط المؤسسة العسكرية بتحليلاتها وقراراتها فمرة تضرب المدنيين بمدافعها وطائراتها ، وتارة تعلن ان قواتها البرية تريد دخول قطاع غزة، وهي مترددة بين الإقدام والإحجام، ولم تتجرأ حتى من الاقتراب منه.
ان هذا الفشل سيطيح بالرؤوس الكبيرة في المؤسستين العسكرية والأمنية ، وسيسري هذا الفشل إلى المستوى السياسي أيضاً، فرئيس الوزراء الصهيوني نتن ياهو قد طويت صفحته كما طوى حزب الله سابقاً صفحة أولمرت بعد حرب تموز عام ٢٠٠٦م.
ان نتائج هذه المعركة قد قطف ثمارها الفلسطينيون رغم تضحياتهم الجسيمة وخسائرهم المادية الكبيرة . إن الإسرائيليين ومعهم الجمع التآمري الغربي والعربي التطبيعي ، يبحثون عن سد النقص الاستخباراتي من خلال التعاون والتنسيق وتبادل الأدوار فيما بينهم.
لقد نجحت المقاومة في غزة استخباراتياً في الحفاظ على سرية الأنفاق وأعدادها ، وأماكن المصانع العسكرية ، ومخازن الأسلحة ومميزاتها ، و منصات إطلاق الصواريخ ، ومراكز التدريب ، وعدد القوات واحصاءاتها عند فصائل المقاومة ( سرايا القدس ، وكتائب القسام ، والمقاومة الوطنية الفلسطينية ) .
لقد فشل العدو الصهيوني استخباراتياً في كل ذلك ؛ فلم يعرف هذا العدو كميات الصواريخ وأنواعها ومدى دقتها ، وأخذ يسبح في فضاء الأوهام، ويقدم معلومات حدسية وتقديرية ، واكثر من فشل العدو الصهيوني أيضاً في إيقاف عجلة تطور القدرات الدفاعية والهجومية عند المقاومة ، بل عجز أمام سرعة تطورها وإضافة أنواع الأسلحة الجديدة إلى قدراتها .
نعم فشل العدو الصهيوني وترجم كل هذا الفشل المكشوف بإستهدافه للمدنيين حيث كان غالبية الضحايا من المدنيين وصب جام غضبه بعد إخفاقه بأن استهدف البنى التحتية والمنازل السكنية ، وحاول ماوسعته المحاولة أن يُسكت حتى الإعلام عن نقل الصورة الحقيقية فاستهدف مبنى الجلاء والذي يضم وكالات الأنباء والمحطات الإعلامية العربية والعالمية المختلفة .
لاشك بعد كل هذا الإخفاق أنه يفكر في تحسس أماكن المقاومة ومواطن قوتها ، تحت عناوين وذرائع مختلفة على أننا لانعمم الحكم على كل عمل يدخل إلى غزة بل بعضها يأتي تحت غطاء عمليات المساعدات والإعمار ، وربما بعضها يأتي بذريعة إعداد التقارير الإخبارية خاصة من بعض الوكالات الإعلامية ذات التوجهات المريبة ، وقد يأتي بعضهم من خلال هيئات التحقيق الدولية وهيئات حقوق الإنسان، وربما من خلال الفرق الطبية ، وقد شاهدنا سابقاً كيف ارسلت دولة الإمارات الى قطاع غزة فرقها التجسسية تحت عنوان الهلال الأحمر .
ان العدو سيتعاون مع أكثر من دولة حليفة له ، واظن ان المطبعين والمتعاطفين معه سيكونون لهم دور محوري في التعاون المرتقب ، وعلى المقاومين في غزة غيرها ان يتعاونوا أمنياً في مقابلة الكيد الأمني بالكيد والتحسب الامني ، لانهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو في غزة أو لبنان أو في العراق سيتداعى له باقي الجسد بالسهر والألم والحمى .
ان قطع الطريق على العدو أمنياً يتحقق من خلال التعاون والتكاتف والتنسيق وتبادل الخبرات ، واستخدام الطرق الابتكارية الفعالة والنأي عن الأساليب التقليدية وغير ذلك ، وشاهدنا ان المقاومة قد قدّمت بهذا الصدد أكثر من طريقة ابتكارية ، وأكثر من مبادرة تفاجأ منها العدو ، والحقائق على الأرض تقول إنتظروا المفاجئات السارة ( ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ).
https://telegram.me/buratha