ضياء المحسن ||
باحث في الشأن المالي والاقتصادي
تغيب أحيانا عن بالنا بعض الجزئيات فيما يتعلق بعملنا أو المحيط الذي نعيش فيه، والسبب يعود الى تزاحم الأفكار والمشاغل مع عدم إغفال دخول أجهزة الموبايل الى جيوبنا والتي أصبحت تمثل ذاكرتنا التي لا نستغني عنها، لكنها ألغت بالمقابل قدرتنا الحفظ والتركيز في الجزئيات التي تمر علينا.
يدور الحديث منذ فترة ليست بالقصيرة حول المقارنة ما بين مبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها الصين، والتي يؤكد البعض أن حجم الإستثمارات فيها يزيد على خمسمائة مليار دولار ويزيد، وانخرطت فيها دول عديدة مجاورة للعراق، وبين مبادرة طريق التنمية التي أطلقها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.
هنا نلاحظ غياب كثير من الحقائق المرتبطة بهاتين المبادرتين، وأثرهما السلبي أو الإيجابي على العراق من الناحية الاقتصادية والسياسية، سأترك التأثير السياسي وأذهب الى التأثير الاقتصادي الذي يعد المحرك الأساسي لأي بلد.
بعد معاناة كبيرة عاشها العراقيون طيلة عقود من الحروب والحصار، أخذ العراقيون يشعرون بأنهم أصبحوا خارج دائرة الزمن في كل شيء، بدءاً من الحاجات الأساسية الى الحاجات الأكبر، لذبك بدأوا يبحثون عن طوق نجاة لإنقاذهم من هذه المعاناة، فكانت مبادرة الحزام والطريق التي أسس لها السيد حيدر العبادي ومن بعده السيد عادل عبد المهدي الذي دفع ثمناً غاليا عن طريق إستقالته من منصبه، حقيقة مبادرة الحزام والطريق تأتي بمنافع للعراق ليست قليلة، لكن أيضا يجب أن لا نغفل عن العوامل الجيوسياسية التي تغلف الموقف العراقي وتضغط عليه، والتي شعرنا بها من خلال استقالة السيد عبد المهدي، لذلك عندي استلام السيد السوداني لرئاسة الوزراء كان هناك ضغط كبير عليه لإنعاش هذه المبادرة من جديد، لكن!!
السيد السوداني كانت له رؤية خاصة به في هذا الموضوع، من خلال إطلاق مبادرة عراقية خالصة لا تستثني أية شركة مهما كنات جنسيتها (عدا الإسرائيلية)، أطلق عليها مبادرة طريق التنمية، تتلخص الفكرة بإنشاء بنى تحتية من طرق برية وسكك قطارات مزدوجة وما يرافقها من منشآت تستطيع تقديم خدمات الى من يريد الدخول في هذه المبادرة، الملاحظ أن كثير من الدول التي كانت تعارض دخول العراق في مبادرة الحزام والطريق، تريد المساهمة في طريق التنمية، وهذا ما لاحظناه من الكم الكبير من زيارات المسؤولين العرب والأجانب (شرقيين وغربيين) الى العراق لإجراء تفاهمات لكيفية الدخول مع العراق في شراكات لتنفيذ هذه المبادرة.
بدأ العراق بتنفيذ المبادرة من خلال إنشاء شبكة من الطرق التي تربط ميناء الفاو الجديد بأرصفته الخمسة (المرحلة الأولى) والتي وصلت نسب الإنجاز فيه الى مستويات جيدة تتوافق مع المخططات المرسومة لها، بعدها يتم ربط الميناء بشبكة من السكك الحديدية المزدوجة والتي تعمل على الكهرباء، لتتلائم مع متطلبات السكك الأوربية، مشاهداتنا الأولية تعطي إنطباع بوجود إصرار لدى القيادات الإدارية في هذه المفاصل لإنجاح هذه المبادرة، حتى مع وجود من يحاول إحباط المواطن بعدم جدوى هذه المبادرة.
أخيراً يجب ألا ننسى أن هذه المبادرة تمثل وليداً عراقياً تصميماً وتنفيذاً، لذا فإن المساهمة في نجاحها يعد ضرورة وطنية.
https://telegram.me/buratha