حمّل برلمانيون وخبراء اقتصاد ومال عراقيون الولايات المتحدة الأميركية مسؤولية الاضطراب المتواصل في الأسواق العراقية، المتمثلة بتذبذب قيمة العملة المحلية مقابل الدولار الأميركي، وتأثير ذلك التذبذب على أسعار الكثير من السلع والمواد الأساسية.
وفي هذا السياق، أكَّد عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي معين الكاظمي أنَّ "هناك تعسفًا من الجانب الامريكي في التعامل مع العراق من خلال الفلترة الموجودة على الحوالات المصرفية، ولأسباب غير واقعية بالرغم من استيفائها جميع الشروط".
وأشار الكاظمي إلى أنَّه أيضًا، "يُفرض على التاجر أن لا يستورد من سورية، وكأن الغضب الأميركي ينصبُّ على تجويع الشعب السوري، وهكذا مع إيران"، مبينًا أنَّ "ما يجري اليوم على العراق سببه السياسات الأميركية العدوانية تجاهه".
وأضاف عضو اللجنة المالية البرلمانية أنَّ "الولايات المتحدة تتعامل بهيمنة على الدينار العراقي، وكل إيرادات النفط تدخل إلى البنك الفيدرالي، وهي تفرض شروط، ومشكلتها الأخيرة أن ما يُباع من الدولار لا يتناسب مع عدد المسافرين"، مشددًا على ضرورة "الحاجة إلى تضامن داخلي ووعي شعبي لوضع حد للهيمنة الأميركية على اقتصاد البلاد، من خلال استيراد المواد بعملة أخرى للتحرر من الدولار".
وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد فرضت قبل ثلاثة شهور، عقوبات على أربعة عشر مصرفًا عراقيًّا بدعوى انتهاك العقوبات التي تفرضها واشنطن على بعض الدول والكيانات والشخصيات، من بينها إيران وسورية، ناهيك عن عدم التقيد بضوابط التعاملات والتحويلات المالية بالعملة الصعبة. وقبل ذلك كانت واشنطن قد فرضت عقوبات مماثلة على أربعة مصارف عراقية بتهمة غسيل الأموال.
من جانبهم، أكّد خبراء مال واقتصاد أنَّ "النظام الدولي المالي لا يسمح للعراق بالتعامل بغير الدولار الأميركي، وهو ما يتطلب وقتًا لظهور قوى دولية أخرى منافسة تكون قادرة على فرض نظام مالي جديد موازٍ للنظام الأميركي الموجود في الوقت الحاضر".
ولفت الخبراء إلى أنَّ "هيمنة الولايات المتحدة على السوق الموازي المحلي في العراق، وتعمُّدها تقنين ضخ الدولار للعراق، أدى إلى تفاقم المشاكل وإرباك السوق وارتفاع الأسعار".
وكان رئيس تحالف "الفتح" هادي العامري قد صرح قبل حوالي شهرين، بأنَّه "من غير المعقول أن يتحكّم موظف في الخزانة الأميركية في أموال العراق.. وأن على العراقيين أن يقفوا موقفًا موحَّدًا من أجل استقلالهم الاقتصادي، بعد الاستقرار الذي يشهده العراق حاليًّا أمنيًّا وسياسيًّا".
وجاءت تلك التصريحات على خلفية توقف إمدادات ضخ الغاز الإيراني إلى العراق وتراجع تجهيز الطاقة الكهربائية في ظل الارتفاع الحاد في درجات الحرارة، بسبب عدم سماح الولايات المتحدة للعراق بتحويل المستحقات المالية الإيرانية المترتبة من بيعها الغاز الإيراني له، والتي تؤكد أوساط مختلفة أنها وصلت إلى ثمانية مليارات دولار.
ورأت أوساط ومحافل ونخب سياسية وثقافية وأكاديمية عراقية، "أن الخروج من هيمنة واشنطن وتحقيق الاستقلال الحقيقي واسترجاع السيادة الوطنية بالكامل، لا يتحقق عبر خروج القوات العسكرية الأميركية فقط، إنما لا بد أيضًا من أن تكون كل المفاصل الحيوية -الأمنية والاقتصادية- خارج دائرة نفوذ واشنطن وسطوتها، وإلا فلا فائدة من مغادرة الجنود الأميركيين أرض البلاد في مقابل استمرار مراكز صناعة القرار والتحكم في واشنطن في الإمساك بكل الخيوط المالية والاقتصادية والأمنية، وكأن العراق خاضع لوصايتها الكاملة".
وتجدر الإشارة إلى أنَّ مقدرات العراق المالية والاقتصادية أصبحت في قبضة الولايات المتحدة الاميركية وتحكمها بصورة شبه كاملة-إن لم تكن كاملة-منذ غزو نظام صدام لدولة الكويت قبل أكثر من ثلاثة وثلاثين عامًا، وما ترتب على ذلك الغزو من حرب مدمرة، تبعتها عقوبات اقتصادية قاسية، لتنتهي في ربيع عام 2003 بشن حرب أخرى مدمرة أفضت إلى الإطاحة بنظام صدام واحتلال العراق، وإدخاله في دوامة الفوضى والفساد والإرهاب، تحت مرأى ومسمع القوات الأميركية التي عاثت في العراق دمارًا وخرابًا.
https://telegram.me/buratha