فلاح الراشد
إنهيار سقف مرقد الحر الرياحي أثناء عملية بنائه من قبل مديرية المزارات الشيعية في بغداد والجهات المنفذة للمشروع يضعنا أمام تساؤلات عديدة إلى متى الاستخفاف بالأماكن المقدسة؟! وإلى متى ذلك النكوص وسوق التبريرات التي لا تغني ولا تسمن من جوع؟! وإلى متى نبقى ونظل ننساق وراء سياسة التبرير ولا نعترف بالخطأ والاعتراف بالخطأ فضيلة كما قيل في محله؟! وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابين، ومتى تصبح لدينا الشهامة والشجاعة والجرأة بتحمل نتائج الخطأ والسير قدما لإنجاز الأتقن في مستقبل الأيام دونما اللجوء إلى سياسة التبرير التي طالما يلجأ إليها المنافقون الذين يتصيدون بالماء العكر ويبررون لأخطائهم وكأنهم معصومون عن الخطأ والاشتباه وهذا بعينه الديكتاتورية والإعتداد بالرأي وجنون العظمة الذي يبتلى به المرضى وأصحاب النفسيات المريضة ومن بينهم أولئك المشرفون على بناء المرقد المطهر؟! حيث أنه وبعد الانهيار قام بعضهم بسوق تبريرات ما أنزل الله بها من سلطان ومضحكة للثكلى من قبيل إن هكذا أمور تقع وهي مسألة طبيعية وأنها جاءت نتيجة الرياح القوية وهي تعد قضاء وقدرا متهمين بعض وسائل الإعلام بالتهويل لمثل هكذا أخبار!!.
نحن لا نريد أن ندخل في مهاترات مع هكذا صنف من الناس، ولكننا من حقنا أن نتساءل عن انهيار مرقد رجل عظيم في التاريخ الإسلامي وهو ناصر الإمام الحسين عليه السلام في يوم الطف يوم كان لا ناصر له ولا معين؟! وهو الذي أنزل الفرحة على قلب الحوراء زينب بمناصرته ابن بنت رسول الله، وله منزلة عظيمة في قلوب المؤمنين بل حتى في قلوب جميع الأحرار في العالم، وبطبيعة الحال إن الجهات المنفذة لهكذا مشاريع ضخمة هم عبارة عن مهندسين لهم الخبرة في مجال العمارة والبناء وهم ليسوا حمالين أو بقالين مع احترامنا لجميع المهن ولكن كل يعمل حسب اختصاصه؟! وإن بناء واسعا لسقوف الحرم المطهر وبارتفاع يصل إلى اثني عشر مترا يتطلب أعمدة ساندة حديدية قوية لا أعمدة خشبية مرقعة؟! وكل هذا الغش والتطاول يحصل طمعا بالربح الكثير حتى لو جاء على حساب مراقد أولياء الله تعالى وعلى حساب زواره الكرام!! وبعد كل هذا وبدلا من الاعتراف بالخطأ وتحمل مسؤوليته يخرج علينا أحد المهندسين المنفذين للمشروع ويقول أنه قضاء وقدر!! وكأنما يحمل الله تبارك وتعالى أخطاءه وطمعه وجشعه وتنزه الله عما يصفون، وإن هذا الكلام عندما يبدر من مهندس خبير فهو أقرب ما يكون ذر الرماد في العيون، فإن كان خبراء البناء الذين تمـّت إرساء المقاولة عليهم من قبل مديرية المزارات الشيعية يدرون إن الأعمدة الساندة لكل تلك الأثقال كانت هزيلة فتلك مصيبة وإن كانوا لا يدرون فالمصيبة أعظم.
ناهيك عن أنه وكما جاءت في أدبياتنا الإسلامية مسألة القضاء والقدر فإنها أكدت على ضرورة الإتقان في العمل، ولا يجوز الانتقائية في التعامل مع النصوص الإسلامية حسبما تمليه المصالح النفعية للشخص، فهذا التبرير يكون صحيحا فيما إذا جاء البناء طبقا للمواصفات المهنية والفنية والمعمارية وأكمل بوجه الإتقان والإبداع ومن ثم جاءت آفة أرضية أو سماوية كالسيل أو الزلزال أو الصاعقة التي هي أمور خارجة عن قدرة الإنسان وانهار البناء بسببها، فيكون سبب الانهيار القضاء والقدر، أما التبرير بهبوب الرياح والتشبث بالقضاء والقدر هو بمثابة الرجل يغطس رأس ابنه في حوض الماء ليقضي عليه وعندما يسأل عن السبب يعلله بالقضاء والقدر!!
وقد فات ذلك المهندس المنفذ للمشروع وأمثاله من التبريريين أن الدنيا دنيا الأسباب والمسببات وأبى الله عز وجل أن تجري الأمور إلا بأسبابها، فنحن مأمورون بالدقة والإتقان في العمل وما نقطفه من ثمار سلبا وإيجابا بقدر تمسكنا بهذا الأصل الأصيل، وكل من تصدى لأي أمر وفشل أو لم يحتر جوابا وإقناعا وأهين فلا يلومن إلا نفسه، وهكذا فإن الحكومة المركزية والمحلية مطالبة بعدم المرور على العابثين بالأموال العامة والمقدسات مرور الكرام، فهي مدعوة لتشكيل لجنة فنية محايدة للتحقيق عن أسباب الانهيار وتبديد المال العام بهذا الشكل المزري وتعريض العمال ولا سمح الله الزوار في المستقبل إلى الإصابات والأضرار، وإنزال العقاب الصارم بحق المقصرين مهما كانت مسؤولياتهم ومهما كانت عناوينهم ليكونوا عبرة لمن اعتبر في بلد قل فيه المحاسبة والعقاب فازدادت فيه تبعا لذلك الإساءة واللاأبالية والفساد.
https://telegram.me/buratha