في مصنع لطبع الاوراق كانت بدايتي تحيطني الالاف من الاوراق التي تشبهني والتي لها ذات لوني وبريقي وقيمتي . لم اكن اعلم لما انا في هذا المكان والى اين المصير؟ جل ما اعر ف هو صورة شخص احتلت نصف جسدي وحيرة لم تستمر طويلا فسريعا ما غادرت المكان مع مجموعة من زميلاتي وكانت الوجهة الى صندوق مظلم لامكث فيه لفترة من الزمن. كانت هذه رحلتي الاولى علمت فيها انني في دائرة رسمية في زمن يحكمه صاحب الصورة! .
في ظلمة الصندوق شعرت بالاختناق وتمنيت ان اخرج لاتعامل مع البشر وقد تحققت امنيتي في يوم انار فيه ضوء الشمس عتمتي وخرجت ضمن رزمة مع زميلاتي وبدأ شخص بالضغط بابهامه علينا وليأتي دوري ليرمييني بوجه زميلتي ولترتمي الاخرى على وجهي ! لم يستمر الامر طويلا فلقد توقف ليُرجع باقي زميلاتي ولنتحرر نحن وفي ذات اللحظة تم تسليمنا الى ايد دافئة دفعتنا الى جيبه المظلم وبين الحين والاخر يضغط علينا ليتاكد من وجودنا ويبدو ان صاحبنا موظف معدم انهكه الدهر وصلنا معه الى منزله ليتلاقه ابنه باكيا ويريد شيئا اسمه نقود وحينها عرفت اسمي !! فلقد اعطاني اياه بعد اللحاح من ابنه الذي تحدث معلم اقسم ان لا ينجحه الا بعد ان يستلم هدية ! تلقفنا الابن مسرعا الى ذاك المعلم المرتشي والذي سرعان ما سلمنا بدوره الى تاجر محتكر مقابل بعض الغذاء وذاك الاخير اودعنا في حسابه لناخذ قسط من الراحة التي طال امداها حتى خلت انني لن ارى النور ثانية.
وفي صباح ما كسرت كل القيود وفُتحت كل الابواب وهجمت وجوه غريبة ومخيفة علينا لتحتضننا وتركض ركظة تتبعها عثرة لتتلقفنا ايد اخرى , كانت الفوضى عارمة لم اكن لافهم ماذا حصل احسست بقطرات حمراء سقطت علي علمت انها دماء من سرقني فسارق قتل سارقي وخطفني الى المجهول شعرت بالخوف الكبير وتمنيت ان ترجع ايام الظلمة التي لم اعلم قدرها الا ان سارقي لم يكن ليبقيني بقربه طويلا فلقد ابدلني بسيارة حديثة لشخص اصابه البلاء حيث قُتل ابنه في تلك الفوضى وحال استلامه لنا اعطانا بيد دفان ليواري فلذة كبده التراب وقد علمت ان تلك الفوضى دعيت بالسقوط .
وبعد فترة من الزمن سحبت روحي من ذاك الجسد ولتُوضع في اخر لا يحمل صاحب الصورة !! وتسارعت الاحداث في حياتي فمن يد الى اخرى قضيت الايام , ايد خائنة واخرى امنة ,ايد نظيفة واخرى ملوثة حتى صرت الى يد امرأة ذهب بصرها من كثر البكاء على ابنها المخطوف وقد اخذتني الى ظليم العنجهية ذاك هو الامام الكاظم الغيض عليه السلام حيث انها تحدثت معه عن مصابها وبكت كثيرا عنده وثم اخرجتني ورمتني في ذاك الشباك الامن وهنا شعرت بالاستقرار ولازلت الى هذه اللحظة في ذاك المكان والذي لا اتمنى مغادرته ابدا ولا اريد ان تمسني الايد ثانية فلقد نلت ما يكفيني من المعاناة مع بني البشر وليتني اصبح سكة ذهبية في قبة صاحب المكان الذي انا فيه لارتاح راحة ابدية .
في نهاية قصتي هذه ليس لي الا ان اسال بني البشر لماذا امركم ليس في ايديكم فانا مجبرة على ان يرسم غيري حياتي لانني لست الا قطعة نقود بينما جعل الله لكم عقولا ومصيرا يرسمه ادراككم واعمالكم وذاك المصير مصحوب بتوفيق خالقكم فلما كل هذه الفوضى بينكم ألهذا الحد انتم في حيرة بين خط الحق والباطل مع انه واضح وضوح الشمس !! هداكم الله الى كل ما فيه خير وأُشهد الله بانني لم ارى معكم الا المعاناة سامحككم الله ووفقكم الى ما فيه خير وشكرا لله بانني لست الا قطعة نقود .
اختكم المهندسة بغداد
https://telegram.me/buratha