المقالات

مجلس النواب وجولة التراخيص الاولى

1178 23:36:00 2009-07-26

( بقلم : النائبة عن الائتلاف العراقي الموحد شذى الموسوي )

من مراقبة خارطة التحالفات السياسية الجديدة ومع اقتراب موعد الانتخابات النيابية.. حيث يفرض التواجد في الائتلاف الجديد عودة التقارب بين الدعوة والمجلس الاعلى .. ومع رضوخ الحزب الاسلامي (ممثلا برئيس مجلس النواب الجديد اياد السامرائي ) للترغيب والترهيب.. وعلى اثر المفاوضات غير المباشرة بين المالكي ومسعود البرزاني .. تفقد كتلة المعارضة النيابية التي تكونت في الاونة الاخيرة اغلبيتها، تلك الكتلة التي نتج من ظهورها اصلاح بعض مظاهر الخلل في مجلس النواب مثل ازاحة محمود المشهداني من كرسي الرئاسة وتفعيل الدور الرقابي للمجلس باستجواب وزير التجارة ثم استقالته، وتحريك ملفات واثارة مواضيع ظلت بعيدة عن متناول النواب بفعل ضغوطات الحكومة والاغلبية الائتلافية مثل تفعيل هيئة المسائلة والعدالة ، مظاهر التعذيب وانتهاكات حقوق الانسان في السجون العراقية، تعويضات حرب الكويت وخروج العراق من الفصل السابع ، وتفعيل مؤسسة السجناء السياسيين وغيرها من الملفات المهمة العالقة منذ سنوات.

اقول ان خارطة التحالفات الجديدة ستعيد مجلس النواب الى حالة السبات التي سيطرت عليه طوال السنوات الثلاث الماضية من هنا اجد نفسي مضطرة الى عرض موضوع جولة التراخيص النفطية الاولى وما رافقها من احداث (مع ما لهذا الموضوع الخطير وتداعياته من اهمية) في وسائل الاعلام وليس من خلال مجلس النواب لانني اعتقد جازمة بان اي اجراء حاسم لن يمكن القيام به عن طريق هذا المجلس من الان فصاعدا.

لقد ضيف مجلس النواب وزير النفط حسين الشهرستاني في جلستين .. الاولى ( في يوم الثلاثاء 23-6-2009 والثانية الخميس 25-6-2009 ( لمناقشة جولة التراخيص الاولى التي كثر اللغط حولها بعد اعتراض اكثر من عشرين خبيرا نفطيا عليها.. وقد عرضت جلسة الثلاثاء من على شاشات القنوات العراقية لكن جلسة الخميس تم حجبها بامر هيئة رئاسة مجلس النواب ولم يعرض الا اجزاء منها حيث ان الجزء الاهم ( والذي تضمن مواجهة النواب للوزير بالحقائق واخفاق الوزير باعطاء الجواب المقنع مما دفعه الى توجيه الاتهام الى النواب بانهم " صوت للدول التي تريد ان تمنع العراق من الاستفادة من ثروته النفطية" وحدوث مشادة كلامية بينهم ) تم اقتطاعه وهو اجراء صار اعتياديا رغم انه مخالف للدستور والنظام الداخلي للمجلس. ولاني اؤمن ان من اهم واجباتي ومسؤولياتي كنائب هو ايصال الحقيقة كاملة الى الشعب وتوعيته بحقوقه وواجباته في هذه المرحلة الصعبة والمصيرية، لذا ساسجل مجموعة من الحقائق حول الموضوع لبيان وجهة نظري كاملة غير مقطوعة او مبتسرة او خاضعة للتفسير والتأويل.

انني من حيث المبدأ مع الاستثمار وفتح الابواب للشركات ورؤوس الاموال العربية والاجنبية باعتباره المنفذ الوحيد للعراق لتلافي النقص الحاصل في موارده المالية وتلبية حاجاته الى الخدمات الاساسية وباسرع وقت ممكن.. بل اننا مع الاستثمار في مجال النفط بالدرجة الاولى كونه المصدر الاساسي للدخل الوطني وانه الاسهل والارخص والاوفر ... لكن ما نعترض عليه في هذه العقود هو افتقارها للغطاء القانوني مما ينزع شرعيته اويسهل الطعن فيها ونقضها، وكذلك محتوى هذه العقود من الناحيتين الفنية والاقتصادية مما يجعل منها صفقة خاسرة للعراق بكل المقاييس.

اولا :- الناحية القانونية :

عند سؤال الوزير عن الغطاء القانوني لجولة التراخيص اشار الى ان تعليمات تنفيذ العقود تفيد ان اي عقد تتجاوز قيمته 100 مليون دينار يحال الى مجلس الوزراء للمصادقة عليه وان ليس هناك في الدستور ما يشير الى وجوب عرض العقود على مجلس النواب. ان ضعف هذا الراي وبطلانه واضح جدا حيث ان الدستور يحتوي على القواعد العامة والخطوط العريضة ولا يتطرق الى التفاصيل، اما تلك التفاصيل فيتم تحديدها بالقوانين او التعليمات او الانظمة كل حسب حالته.

لقد اوضح النواب للوزير صراحة وعلنا ان ابرام هذه العقود بهذه الطريقة غير دستوري لان المادة 111 تنص على ان (النفط والغاز ملك كل الشعب العراقي في كل الاقاليم والمحافظات). وان مجلس النواب هو الممثل الشرعي لهذا الشعب لذلك فلا بد من استحصال موافقته قبل المضي في اي استثمار يتعلق بهما. وكذلك المادة 112 والتي تنص على:-

(اولا : - تقوم الحكومة الاتحادية بادارة النفظ والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة، على ان توزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع انحاء البلاد، مع تحديد حصة لمدة محددة للاقاليم المتضررة، والتي حرمت منها بصورة مجحفة من قبل النظام السابق، والتي تضررت بعد ذلك، بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد، وينظم ذلك بقانون). فهل يا ترى كان لاهل البصرة او مجلس محافظتها اي علم بتفاصيل هذا العقد؟ وهل تمت استشارتهم قبل التوقيع عليه؟

كذلك ان ابرام هذا العقد بهذه الطريقة غير قانوني لان التعاقد على اي مشروع نفطي يجب ان يتم من خلال قانون يشرعه مجلس النواب العراقي بموجب المادة (3) من قانون تخصيص مناطق الاستثمار لشركة النفط الوطنية العراقية رقم 97 لسنة 1967 والتي تنص على ان

( 1- تستثمر جميع المناطق النفطية المخصصة بموجب المادة 1 من هذا القانون لشركة النفط الوطنية العراقية استثمارا مباشرا من قبلها .

ولشركة النفط الوطنية العراقية ان تستثمر اي منطقة من المناطق المخصصة لها عن طريق الاشتراك مع الغير اذا وجدت ذلك افضل لتحقيق اغراضها وفي هذه الحالة لا يتم التعاقد على ذلك الا بقانون).

وهو ما درجت عليه الدولة العراقية في استثمار الحقول النفطية منذ اكتشافها حتى عام 2003 فكل استثمار نفطي يشرع بقانون وهو ما يجب ان يكون عليه الحال بعد 2003 حتى تشريع قانون جديد حيث ان قانون رقم 97 ما زال ساري المفعول كونه لم يلغ او يعدل او يصدر بديل عنه حتى هذه اللحظة.

ومن ملاحظة (اولا) من المادة 3 من هذا القانون نستطيع ان نفهم ان حق الاستثمار هو حق حصري لشركة النفط الوطنية العراقية ( والتي تحولت لاحقا الى شركة نفط الشمال وشركة نفط الجنوب وشركة نفط ميسان ) وليس لوزارة النفط اي حق بالقيام بهذه العملية بدلا عنها.

ومن الغريب ايضا ان يستشهد السيد الوزير بتعليمات تنفيذ العقود رقم 1 لسنة 2008 فيما يخص الاحالة الى مجلس الوزراء ويتجاهل الفقرات الاخرى مثل:-

أ- اعداد دراسة دقيقة عن الكلفة التخمينية للمشروع او العمل المطلوب بغية استخدامها كمقياس عند تحليل العطاءات وترسية العقود . فقد اهمل الوزير اعداد هذه الدراسة بل واحالها الى الشركة المتعاقدة على ان تعدها خلال ستة اشهر من تاريخ المصادقة على العقد.

ب - الاعلان عن المناقصة في ثلاث صحف رسمية واسعة الانتشار في الاقل وعلى موقع الوزارة الالكتروني ولوحة الاعلانات في مقر الوزارة والملحقيات التجارية في السفارات العراقية وموقع الامم المتحدة لتنمية الاعمال ومنظمة الاوبك وغيرها. فقد حجب العرض من موقع الوزارة الالكتروني ( بينما حوى تفاصيل العرض لجولة التراخيص الثانية ) ولم يرسل الى السفارات او المنظمات الدولية المعنية.

ج - تم استلام وفتح العطاءات واعلان الشركات الفائزة في يوم واحد وهو 30 حزيران بخلاف التعليمات وما تعهد به الوزير امام مجلس النواب من ان العروض ومضمون العقد سيخضع للدراسة من قبل لجنة متخصصة في مجلس الوزراء وان هذه الدراسة قد تستغرق مدة تصل الى ستة اشهر.

د - اعلن الناطق باسم الحكومة بانه تمت المصادقة على العقد في اليوم التالي للاحالة (وهو مخالف ايضا لتعليمات تنفيذ العقود) وبسرعة خيالية يندر مثيلها في التصديق على عقد بمثل هذه الاهمية ويشكل بين 35-40 % من انتاج حقول النفط العراقية.

ومن القضايا القانونية المهمة الاخرى هو ان ( العقد المعياري) ينص على ان يستوفي العراق ضريبة قدرها 35% من صافي ارباح الشركة المستفيدة وهو امر يحتاج الى تشريع قانون جديد حيث ان الامر رقم (43) لسنة 2004 المعمول به حاليا يحدد الضريبة النفطية بـ 15 % مما يستلزم الغاء هذا الامر واصدار قانون جديد لضريبة النفط وبخلافه فان العراق سيحرم من مبالغ تساوي ملايين الدولارات سنويا، وكان الاجدر بالسيد الوزير ان يتريث في توقيع العقد حتى يتم تشريع هذا القانون علما ان مشروع هذا القانون لم يصل الى مجلس النواب حتى هذه الساعة ورغم ان الوزارة دخلت في مفاوضات مع الشركات النفطية منذ اكثر من سنة ونصف ،وهو نموذج مثالي لحالة التخبط والفوضى التي تسود التعاطي مع الملف الاقتصادي في العراق.

ان المضي في جولة التراخيص الاولى والثانية وربما الثالثة يعني القضاء او انتفاء الحاجة الى تشريع قانون النفط والغاز وقانون شركة النفط الوطنية بسبب توزع كوادرها على شركات صغيرة تتشكل بموجب عقود التراخيص المتتابعة.

وللحديث بقية....

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
محمد حسين
2009-07-26
نعم وللحديث بقية... فهل منعت وزارة النفط اعضاء مجلس النواب من اصدار قانون النفط والغاز؟؟؟ اليس الخطأ اساسا من مجلس النواب في تعطيل قانون النفط والغاز كما عطلت اكثر القوانين التي لها مساس بحياة المواطن؟ الم يستغرق مجلس النواب اقل من نصف ساعة لتشريع قانون يعطي اعضاءه رواتب تزيد اكثر من 100 مرة مايتقاضاه ابناء الشهداء والمقابر الجماعية التي اتى هؤلاء الاعضاء باسمهم؟ فلماذا يبقى قانون النفط في الادراج لمدة اكثر من اربع سنوات يا ايتها النائبة المحترمة؟؟ ام ان المجلس شاطر في التعطيل فقط؟
محمد حسين
2009-07-26
فاذن وحسب رأي النائبة شذى الموسوي فان حكومة اقليم كردستان لها صلاحيات اكبر من الحكومة المركزية ولاينطبق عليها الدستور فهي قد عقدت عدة عقود غير معروفة المحتوى..ولم نسمع اعتراض من اي من اعضاء مجلس النواب عليها...فهل هذه ازدواجية في المعايير ام ماذا؟ كيف يمكن لحكومة اقليم مالايحق ولا حتى جزء منه للحكومة المركزية؟ فهل انقلبت المعايير في العراق بحيث بات الاقليم يحاسب المركز ويفرض شروطه عليه بينما نواب المركز لا سلطة لهم على حكومة الاقليم؟
ابو هاني الشمري
2009-07-26
الاخت شذى مع تقديرنا لرأيكم في العقود وقانونيتها ولكننا نقول لو حولت هكذا عقود الى مجلس النواب فلن ترى النور مطلقا كما حدث لقانون النفط والغاز الذي تعسرت ولادته وكل العراقيين يعرفون بأن هناك اعضاء يتربصون شرا بما هو كل مفيد للعراقيين.. وهذه العقود هي من احسن العقود التي تمت بتاريخ العراق الحديث ولا بأس ان تكون لكم ملاحظات عليها ولكنها ليست بما يؤدي الى ادانة الوزير لان شركات النفط الوطنية هي من ضمن تشكيلات وزارة النفط ..فلندعم مايفيد العراق ولا نقف منه بالضد حتى وان كان هناك بعض التجاوز!!
فائز
2009-07-26
لو أن مجلس النواب شرع قانون النفط والغاز لكان له الحق في محاسبة وزير النفط وأما بدونه فالكرة في ملعب البرلمان فإدا كان البرلمان عاجزاً عن تشريع قانون مهم فهل تريد من الدولة أن لا تتحايل على القانون لإنجاز مهمة عاجلة مثل النفط.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك