حسن الهاشمي
ذكر لي أحد الأصدقاء الذي يقطن أطراف العاصمة الاسترالية (سيدني) قائلا: في مقابل بيتنا رافد صغير يصب في بركة ماء جميلة يخرج الماء منها برافد يتعرج وسط الحدائق والبيوت والمحلات، البلدية هناك زرعت الأراضي المطلة على البركة بالثيل الأخضر مع أطواق من شتلات الأزهار والزينة وأشجار الظل وطالما أصبح المنتجع متنفسا للعوائل القريبة التي تتنفس الصعداء في هذه الأجواء بعد يوم مثقل بالعمل والكد والكدح، يقضون أوقاتا ممتعة تحت المظلات الجميلة الملونة التي أعدتها البلدية هناك ناهيك عن أماكن مخصصة لشوي اللحوم والأسماك، وتخيل المنظر وأنت تجلس تحت تلك المظلات وتتناول الطعام وتنظر إلى الزهور والبركة التي تتخللها الأوراق الخضراء ويسبح بين جنباتها البط ذات الألوان الزاهية.
وبينما هو يحدثنا ونحن نتجول في أزقة وشوارع كربلاء المقدسة ونتذكر الماضي السحيق والقريب لتلك المدينة التي هو أحد أبناءها ولكن جور وظلم النظام البائد هو الذي جعله من ترك البلاد واللجوء إلى تلك الأصقاع البعيدة، وكان بين الفينة والأخرى يتبرم ويكاد يموت حسرة وهو يرى إحدى مصبات نهر الحسينية التي تخترق وسط مدينة كربلاء المقدسة وعلى بعد أمتار من المرقد المقدس لسيد شباب أهل الجنة وقد إمتلأت بالنفايات والقناني الفارغة و(الفطايس) والمياه الآسنة، وقال بنبرات تخنقها العبرة كنا سابقا نتعذر من القضاء على هذه المظاهر المتخلفة بذريعة أن النظام البائد والطائفي كان متقصدا بهجران المدن المقدسة وإبقاءها متخلفة!!
فما بال الحكومات المركزية والمحلية التي تعاقبت على حكم العراق في السنوات الست المنصرمة بعد السقوط؟! وهي لازالت تعاني من الإهمال والأوساخ ما يندى له جبين كل غيور!! والعجب كل العجب إن نظافة النهر الذي يشق المدينة واستحداث حدائق غناء حوله لا يحتاج إلى كثير عناية ومخصصات لكي لا تحذو كربلاء حذو بقية المدن المتطورة في العالم!! والأهم من ذلك لا تحذو حذو الدين الإسلامي الذي ندعي الانتماء إليه وهو يصرخ فينا (تنظفوا فإن الإسلام نظيف) وأن نظافة المدينة تعبير حي عن الحضارة والتمدن والتطور، وتعد من أبجديات العمل الجاد على طريق ذات الشوكة وعلى كافة المجالات، الذي يسعى جميع الأحرار إلى تطبيقه لنأخذ بيد المدينة المقدسة وننقذها من سني الحرمان والإهمال التي كانت تعاني منها قرون متمادية من الأنظمة الجائرة المتعاقبة على حكم العراق.
https://telegram.me/buratha