المقالات

ان الامر هو ليس مايمكن ان تعمله بلدك لك ولكن مايمكنك ان تعمله لبلدك"

1338 11:02:00 2009-07-21

باسم العلي

بتلك الكلمات التي هي عنوان مقالتي ابتداء جون ف. كندي اول خطاب له بعد انتخابه رئيسا للولايات المتحدة الامريكية. وكم هي مطابقة لوضع العراق اليوم. سوف افصل في هذه المقالة تطبيق هذا القول المشهور على وضع العراق الحالي.

تغير العراق من حكم فاسد فردي, دكتاتوري, قهري, قمعي, طائفي, عشائري, مناطقي, عائلي, عنصري الى حكم ديمقرطي وحرية مطلقة فما كانت نتيجة هذا التحول؟ اني اعتبر هذا التحول عبارة عن ثورة على مجموعة قيم ومثل وحكم وادارة ومفاهيم وباجماع الكل كانت بالية ,متخلفة,عقيمة, فاسدة, ظالمة لكي تحل محلها دولة عصرية, متطورة, نظيفة, وخالية من الفساد... لمن يسمع بمثل هكذا تحول سوف يعجب به ويحبه من اول نظرة وسيتوقع ان تكون نتائجه انية... يعني البارحة وليس اليوم.

عندما قلنا ان ما حدث هي ثورة لقلب طريق ونظام حياة اعتاد الناس عليه طيلة قرون من الزمن, فهل من الانصاف ان نتوقع ان تاتي ثماره البارحة او حتى اليوم اوحتى بعد سنين عدة؟ في نظري ان هذا ظلم لانفسنا اولا وقبل ان يكون ظلم للاخرين. ودعني عزيزي القارىء اسرد لك حقيقة تاريخية واحدة فقط ولك ان تستذكر حقائق تاريخية اخرى.

بنو اسرائيل, عاشوا عبيدا تحت حكم ملك ظالم استحل كل الحرمات بحقهم, امتد ظلمه قرونا من الزمن فاعتاد الاسرائيلون على حياة العبودية ورضوا بها فكانت لهم نظام وسيرة حياة طبيعية... ان يستعبدوا وتستحل نسائهم وتذبح اولادهم. وجاءت ثورة نبي الله موسى على فرعون وحارب فرعون بمعجزات عايشها بني اسرائيل, لولا تلك المعجزات لما ترك فرعون بني اسرائيل ان ينعتقوا من عبوديته. واخذهم موسى الى حيث الحرية والانعتاق. وفلق موسى بهم البحر فنجوا من طغيان فرعون وتمتعوا بالحرية. فما كان منهم الا ان رجعوا الى العبودية مرة اخرى وصنعو العجل وعبدوه.

ان الحرية التي منحها لهم موسى ودينه هي نفسها التي ارجعتهم الى العبودية الاصلية لاتها طريقة الحياة التي اعتادو عليها! فاصبح لزاما عليهم ان يتيهوا في الصحراء اربعين سنة. لماذا اربعين سنة؟ لكي يذهب جيل العبودية والذل وياتي جيل الحرية والكرامة.

عندما ننظر الى عراق اليوم وبعد ان تحرر, ماذا نجد هل نجد ان مفاهيم الناس انتقلت من مرحلة العبودية الى مرحلة الحرية؟ اجيب بلا... لماذا ؟ لان الحرية ممارسة وقيم ومفاهيم يجب ان تترسخ في نفوس الناس كي تعطي ثمارها, اما ان نفهم الحرية على انها "نقول ما نشاء ونفعل ما نشاء" فنكون كبني اسرائيل تحرروا فخرجوا من عبودية الانسان الى عبودية الصنم... فهل اصبحوا احرار!

الحرية في العراق فهمت على انها: اتكالية, انتقادية غير بناءة, انهزامية, سلبية.... كيف ذلك؟ هنالك امثلة كثيرة اسرد لك قسم منها واترك الباقي لك لتستذكره وتبحثه:

الحكومة لاتنظف الشوارع فالمدينة عبارة عن مزبلة... المواطن يرمي الزبالة امام بيت جاره وفي الشارع والمدرسة والدائرة الحكومية...وينتظر من الحكومة التنظيف.

الفساد الاداري سمة من سمات هذه الحكومة. المواطن يعطي الرشوة لموظفي الدولة لانجاز معاملته, ويتوسط لياخذ حق غيره, ويدافع عن الموظف الفاسد امام ذلك الموظف عندما يشتكي احد المراجعين.

الدولة لاتعطينا وظيفة. المواطن يجلس في بيته ولا يبحث عن فرصة عمل اخرى غير الوظيفة الحكومية او حتى يفكر في الاشتغال بالاعمال الحرة (ليس كل الاعمال الحرة تحتاج الى راسمال كبير). احد المواطنين يدعي ان له خمسة او ستة اولاد وهو بصحة جيدة جدا, وجد "حلا" لمشكلته فقال ما اعمل... لاراتب ولا شغل لي فاني ااتي باولادي هنا في الشارع لكي يستجدوا وانا اجمع مايستجدون!!!!!

الحكومة لاتعمل مشاريع ولاتنجز شيء. المواطن في دائرته مهمل لعمله ولاينجز معاملات المراجعين اوالاشغال المناطة به.

الحكومة لاتوفر لنا الكهرباء. المواطن "يجطل" الكهرباء ويسرق حق غيره. الذي "لايجطل" يفتح مالايحتاجه من الاجهزة الكهربائية والاضوية عندما تصله الكهرباء فبذلك يقلل حصته وحصة الاخرين من الكهرباء.

الجكومة لاتوفر لنا المياه الصالحة . المواطن يثقب انبوب الماء لياخذ من حق الاخرين ويهدر الكمية القليلة من هذه الحاجة الضرورية, واذا لم يكن هذا كافيا فانه يكون سببا في تلوث هذه المادة الحيوية.

الحكومة لاتوفر لنا الوقود. المواطن يشتري الوقود من بائعي الوقود في السوق السوداء. فتلك تجارة رابحة تشجع على الفساد الاداري والسرقة من حقوق الاخرين.

الارهابيين يقتلون الابرياء ويستحلون الحرمات. المواطن "والله في عهد صدام كنا احسن". نسى انه لم يكن ياخذه عائلته الى مطعم اوحفلة لكي لاياتوا ازلام صدام وياخذوا بنته او زوجته منه. ونسى الالفين دينار شهريا التي كان يتقاضاها ليعيش بها وعائلته. ونسى المقابر الجماعية والانفال. ونسى الدواء الذي كان يضخ الى المستشفيات بعد انتهاء صلاحيته. ونسى ترك المرضى يموتون لكي تخرج جنائز جماعية. ونسى ونسى ونسى.

بالمقارنة, في اوخر السبعينيات صار جفاف في انكلترا وكان هنالك شحة في الماء المجهز للمواطنين. شارك المواطن الانكليزي في حل تلك المشكلة وذلك بتقنين مصروفاته قبل ان تقننها الحكومة, حتى وصل الحد باحد المواطنين ان قال ان جميع افراد العائلة يستحمون في بانيو واحد لكي يوفروا المياه.

الان "تحرر" المواطن العراقي فهو يتكلم بحرية... اسالك عزيزي القارىء بذمتك هل ان الممارسات الانفة الذكرهي ممارست المواطن الحر!!!!ا

المواطن الحر هو الذي ينظف امام بيته ويجمع القمامة في مكان واحد مخصص للقمامة,وهو الذي لايعطي الرشوة ويحاربها بالامتناع عن دفعها او بالتكلم ضدها وتشجيع الناس على عدم دفعها, وهوالذي يبحث عن مصدر رزق شريف لايهم مايكون طالما انه شريف فالعمل شرف وعدمه فسق.هو الموظف الذي يتقن عمله والذي يقضي فترة العمل بانجاز الاعمال المناطة به, هو الذي يرشد صرفه من الماء والكهرباء فبذلك يجعل وفرة من هاتين المادتيين النادرتين فيستفاد هو والاخرين من هذا التوفير,هو الذي لايشتري ويشجع السوق السوداء وبالتالي الفساد لانه اذا لم يشتري المواطن الوقود من السوق السوداء سوف تبور تلك البضاعة مما يحمل المتعاملين بها على تركها الى بضاعة مربحة اخرى...

اذا ما تعامل المواطن مع كل الامور المحيطة به تعاملا ايجابيا فان مردود عمله سوف يكون ايجابيا للوطن وله ولاولاده في المستقبل. عندما تصلح قيمنا ومفاهيمنا نكون احرارا في دنيانا ويكون وطننا حرا كريما.

عندما نكون احرارا سوف تزول الكثير من مظاهر الفساد في الحكومة, لان الحكومة هي جزء من هذا الشعب ولم تاتي من المريخ فالنائب في البرلمان والوزير والموظفين الاخرين في دوائر الدولة هم جزء من هذا الشعب مايعمله المواطن العادي من ممارسات خاطئة يمكن ان يعملها المسؤول ايا كان موقعه في الدولة.

وبما اني قلت بان الذي حصل في العراق كانت ثورة على مفاسد كثيرة فان تلك الثورة لاتختلف كثيرا عن كل الثورات التي حصلت في العالم كالثورة الفرنسية والامريكية والروسية فكانت كل منها عبارة عن حرب بين نظامين: جديد جيد وقديم بالي ولكل من هذين النظامين مناصرين ومحبين ولابد لاحدهما ان ينتصر بالتالي. ان العراق في هذا الوقت يطحن في صراع بين هذين النظامين فاما ان ترجع العبودية او تنتصر الحرية. المواطن العادي سوف يكون عاملا رئيسيا في نجاح احد النظامين, ومثال الخطة الامنية مثال حي يعيشه الجميع.

بالرغم من ان مقالاتي تغشوها بعض الاخطاء الاملائية والنحوية ولكني املك خزينا معرفيا وخبرات وقابلية تحليل واستنباط اردت ان استغلها في نصرة الحق وازهاق الباطل. فمن يحب وطنه فليقل ماذا يمكني ان اعمل لوطني وليس ماذا ان يعمل وطني لي.

باسم العلي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك